/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

تحقيق: مخيم الطوارئ في عين الحلوة خارج إطار دائرة الخطر!!

2014/01/08 الساعة 07:41 ص

داخل الأزقة الضيقة التي حملت هموم اللاجئين من منطقة إلى أخرى، يتسع المكان لاستقبال كل وافد أو ضيف، بعدما تحوّل الوضع المؤقت إلى مكان دائم لإيواء الفلسطينيين الذين ذاقوا مرارة التهجير مرة بعد أخرى...
في هذه المنطقة التي دخلت دائرة الرمادي ومعها حالة من الطوارئ، حوّلتها الأخبار المتناقلة إلى "منطقة تندرج ضمن دائرة الخطر"، واقع لم يرضَ به أبناء المنطقة، الذين سعوا إلى التأكيد على عدم صحة كثير من الأخبار التي تنقلها وسائل الإعلام، فيما عمدت لجان المنطقة إلى الاستفادة من طاقات الشباب في أنشطة هادفة لإبعادهم عن الموبقات...
فكيف يعيش أبناء مخيم الطوارئ في عين الحلوة، في ظل تزايد المخاطر الأمنية والأخطار المتنقلة بين منطقة وأخرى؟، وهل هذه المخاوف تجد لها صدى في مخيمهم؟
منطقة رمادية!
الداخل إلى مخيم الطوارئ، يرى مشهداً لا يختلف عن بقية الأحياء داخل عين الحلوة، يعكس صورة مغايرة عما أريد نقله عبر وسائل الإعلام.
في هذا المكان الذي تدبّ فيه الحياة والحركة، ينشغل أبناء مخيم الطوارئ بمتابعة أعمال البنى التحتية، والتي لا تندرج ضمن خدمات "الأونروا"، لأن المخيم يقع ضمن منطقة رمادية لا تشملها هذه الخدمات باستثناء الطبابة والتعليم التي تقدّم للاجئين، فيما الخدمات الأخرى غير مشمولة.
واقع جعل من "اللجان الشعبية" داخل المخيم تأخذ على عاتقها مهمة التواصل مع مختلف الفئات، لتلقى إستجابة سريعة في حل مشكلة الكهرباء. لتشكّل بداية تشارك فيها العديد من الفاعليات اللبنانية والفلسطينية، مما جعل الأنشطة تتعدّى هذا الأمر إلى الدور التثقيفي والترفيهي لأبناء مخيم الطوارئ.
وبالسؤال عن واقع المخيم وانعكاسه على حياة الناس، أشار رئيس لجنة منطقة الطوارئ إبراهيم سلوم "أبو عبد الله" إلى "أن مناطق: البركسات، السكة، الطوارئ، مخيم أبو جميل "البستان اليهودي" وحي الصحون"، مناطق لا تستفيد من خدمات "الأونروا"، فكانت الإستعاضة عن ذلك من خلال التواصل مع "اللجان الشعبية" وتقديم الخدمات عبر الجمعيات الإنسانية، لأن هذه المنطقة محرومة منذ عشرات السنوات وذلك بحجة الوضع الأمني، مما حرمها من تأمين الخدمات، لكننا كلجنة مؤلفة من 6 أشخاص تابعنا وضع المنطقة من أجل الحرمان الذي تعاني منه".
تواصل مثمر
وعن نجاح عمل اللجان قال: "كانت المشكلة الرئيسية في الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، فتم التواصل مع عدة جمعيات وفاعليات لبنانية وفلسطينية. وكان لـ "عصبة الأنصار الإسلامية" ممثلة بأميرها الشيخ أبو عبيدة مصطفى، دور كبير في تشجيعنا على المضي قدماً في تأمين خدمات البنى التحتية والمشاريع الهادفة إلى خدمة أبناء المنطقة، وكذلك "حركة الجهاد الإسلامي" التي قدّمت بعض المساعدات، وإن كانت بسيطة لتشجعينا على تنفيذ هذه البرامج".
وأضاف: "أما على صعيد تأمين الكهرباء للمخيم، فكان هناك دور كبير للنائب بهية الحريري في تأمين محوّل كهربائي "ترانس" كبير، وهي مبادرة مشكورة، استكملت بإنشاء غرفة لهذا المحوّل، إضافة إلى تلقي مساعدة من "حزب الله" قدّمها المسؤول السياسي للحزب في منطقة صيدا الشيخ زيد ضاهر الذي قام بزيارتنا والمساهمة في تمديد شبكة الكهرباء".
وحول المشاريع التي تُنفذ حالياً أوضح "أنه يتم متابعة تنفيذ مشروع البنى التحتية، والذي يشمل المجاري وأغطيتها، وهي خطوة هامة، حيث تم استبدال الأنابيب التي تم تمديدها في السبعينيات من 3 أنش كانت كافية لتلبية حاجة 100 عائلة، إلى 25 إنشاً تكفي حاجات حوالى 300 عائلة، إضافة إلى النازحين السوريين الذين قدموا إلى المخيم، وجاء هذا التمويل للمشروع من جمعيات "DPNA" و"UN HABITAT"، إضافة إلى فاديا دهشة من "الجمعية الإنسانية للبيئة"، لأن هذه المنطقة كما ذكرنا غير مشمولة بخدمات "الأونروا". فنتوجه بالشكر إلى النائب بهية الحريري والشيخ زيد ضاهر وديالا قطيش ورغيد البابا ووسيم البزري والمتعهد نبيل الرفاعي وأعضاء "اللجنة الشعبية" على الدور الذي يقومون به لخدمة أبناء المنطقة".
غياب الانتشار المسلح
أما عن انعكاس الواقع الأمني على حالة الناس، فعبّر عنه سلوم بالقول: "الواقع الأمني لا يُقاس على منطقة الطوارئ وحسب، رغم أن الناس تُسلط الضوء على هذه المنطقة، فإن الواقع الأمني في لبنان يتعرّض لهزات مستمرة بشكل عام، وما يحدث في أي منطقة لبنانية يحدث في منطقتنا، لكن عند أي اشكال صغير يتم تسليط الأضواء على مخيمات اللاجئين. ومخيم الطوارئ تسيطر عليه "القوى الإسلامية"، وعلى عكس ما يتصوّر البعض، فإن العلاقات داخله تتصف بالتعاطي السمح والتمسّك بالأخلاق، حيث لم تُسجل لدينا أي حادثة سرقة في هذه المنطقة، فـ "عصبة الأنصار الإسلامية" هم من أبناء المخيم، وهي تمسك بزمام الوضع الأمني، وحريصة على استثبات الأمن، وكما يرى الجميع فإننا لا نرى انتشاراً مسلحاً في هذه المنطقة، على الرغم من أن الإعلام يُسلط الضوء كثيراً على المخيم ليعكس صورة مغايرة عن الواقع".
ملء الفراغ
وعن الأنشطة الهادفة إلى اشراك الأولاد في برامج مفيدة وسبل عيش الناس قال: "هناك قاعة للأفراح والأتراح يتمكن الناس من خلالها التواصل وتخفيف الضائقة الاقتصادية عنهم، وذلك بسبب عدم مقدرتهم على تحمّل تكاليف استئجار قاعات خارج المخيم، كما قمنا بتجهيز مكتبة للمطالعة، وتنظيم بعض الأنشطة الرياضية من خلال تدريب الصغار على لعبتي الملاكمة وكرة القدم، كما طرحنا فكرة وضع طاولات لكرة الطاولة، وهي أفكار نعمل على تنميتها، لأن الشجرة المثمرة تبدأ من خلال بذرة، إضافة إلى دروس محو الأمية والتقوية المدرسية والثقافة الدينية التي تُسهم في ملء فراغ الأولاد وتنمية قدراتهم".
وطالب: "وكالة "الأونروا"، تقديم الدعم لأبناء مخيم الطوارئ، لأن دورها هو إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ولقد تواصلنا مع مدير المخيم وطلبنا تأمين بعض الكتب للمطالعة والقرطاسية للأولاد، وبعض وسائل الترفيه من خلال تأمين شاشة للأولاد لمشاهدة البرامج الهادفة لإبعادهم عن الأمور التي لا نرضى بها. وللأسف فإن أبسط خدمات "الأونروا"، وهي إزالة النفايات لا تشمل منطقة الطوارئ، لكن بعد مراجعات تم فرز سيارة للقيام بهذه الغاية".
تصويب دور الإعلام
أما أمنيات أبناء مخيمي الطوارئ وعين الحلوة، فعبّر عنها سلوم بالقول: "نأمل من جميع وسائل الإعلام زيارة مخيم الطوارئ، ونتحدّاهم إن وجدوا إي انتشار مسلح، وهذا ما لمسه العديد من الأجانب الذين عملوا من خلال الجمعيات مثل: الفرنسيين الذين قاموا بترميم 8 منازل داخل مخيم الطوارئ، وكذلك تفاجأ العاملون بمشاريع البنى التحتية بأنه لم يتم سرقة أي من معداتهم، لا بل أن المتعهد الذي نسي أحد معداته وسط الطريق، قام الجيران بتسليمها له في صباح اليوم التالي، وهذا أمر يشهد به الجميع لأبناء المنطقة، لأن الناس لديها أخلاق وقيم تتجسّد من خلال المعاملة اليومية".
مساعي لإعادة تغيير الصورة التي تلتقطها عدسات التصوير، عكسها الأطفال الذين شاركوا في هذه البرامج من خلال ممارسة هوايتهم المتعددة داخل مخيم الطوارئ للتأكيد على أنهم جزء لا يختلف عن سائر تجمعات اللاجئين الفلسطينيين، وكلهم إصرار على متابعة الحياة اليومية بشكل اعتيادي.


المصدر: اللواء

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/50737

اقرأ أيضا