حصل ما تم التحذير منه، لتتحوّل أزقة وشوارع المخيم إلى أنهر بلغ ارتفاعها ما يزيد عن 3 أمتار، لتدخل المياه إلى الدور الأول داخل منطقة الزيب في عين الحلوة، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ 30 عاماً...
الشتاء الأول يكشف عن مأساة حقيقية يُعاني منها أبناء المخيم نتيجة سوء تنفيذ أعمال البنى التحتية، والتي رفع أبناء المخيم الصوت عالياً عبر صفحات «لـواء صيدا والجنوب»، محذرين من كارثة حقيقية، الأمر الذي حدى بوكالة «الأونروا» إلى القيام ببعض الخطوات واعدة بتحسين سير العمل...
وقد يخشى أهالي المخيم أن تكون على غرار سابقاتها، خصوصاً في ظل غياب الاشراف المباشر من قبل المعنيين، باستثناء رقابة أهالي المخيم الحريصين على ضمان حسن تنفيذ مشروع البنى التحتية، هذا الحلم الذي طال انتظاره، كي لا يتحوّل إلى مأساة دائمة...
«لـواء صيدا والجنوب» عاد إلى شوارع مخيم عين الحلوة الموحلة، لينقل المشهد المأساوي ومعه صوت أبناء المخيم الذي ملّوا الوعود، فيما الخشية من تفاقم الموضوع وتحوّله إلى مشكلة كبرى متفاقمة تؤدي إلى صراعات قد تمتد إلى ما لا تحمد عقباه...
الإقرار بالأخطاء ومعالجتها
بين الطرقات الموحلة التي باتت السمة المشتركة لطرقات المخيم، نشط أبناء المخيم وفاعلياته في معالجة تداعيات الأزمة المستجدة على مختلف الصعد.
{ عضو «لجنة المتابعة الفلسطينية» في المخيم أبو وائل زعيتر أكد «أنه بعد الاتصال الذي تلقته اللجنة من أهالي الزيب بسبب الطوفان في المنازل، تم الاتصال مباشرة بمدير «الأونروا» في منطقة صيدا الدكتور إبراهيم الخطيب وإعلامه بالواقع والطلب منه بالتحرك الفوري، فأعلمنا أن الأهالي قاموا بالتعرّض للمتعهد في تلك المنطقة بعد دخول المياه إلى منازلهم، لذلك توجّه كل من أبو علي أحمد ووليد جمعة إلى منازل الأهالي، كما التقيا مدير المشروع من قبل «الأونروا» رشيد عجاوي».
وشدد على «أن ما حدث هو أمر لم يشهد المخيم له مثيل في السنوات السابقة، وما حدث هو دليل على سوء التنفيذ، الذي سبق وحذرنا منه في المرحلة السابقة، وبعد رفع الصوت عالياً التقينا مع الدكتور إبراهيم والمهندسين الجدد الذين تفهّموا هذه الأخطاء، فيما كان مدير المشروع من قبل «الأونروا» رشيد عجاوي يعطينا من اللسان حلاوة عند الإعلان عن المشروع لكن عند التنفيذ لم نشهد ذلك».
وأشار إلى «أن المياه نبعت من داخل الطرقات حتى التي تم تعبيدها بطبقة من الإسفلت، وطلبنا من الدكتور إبراهيم المجيء وهو بدوره استعدى مهندساً ليتبيّن أن مياه الصرف الصحي تمر بمحاذاة مياه الشفة على نفس «الريغار» عند مدخل الحسبة، وأقرّ المهندس الجديد الذي جاء خلفاً للمهندس السابق مع الدكتور الخطيب بأن هناك أخطاء في التنفيذ، كما قاما بجولة على منازل أهالي الزيب المتضررة والجميع أقرّ بهذه الأخطاء».
وختم زعيتر: «نحن نطلب من مدير عام «الأونروا» بالوكالة في لبنان روجر دافيس الاهتمام بالبنى التحتية، لأن مشكلتنا مع قسم الهندسة في «الأونروا»، حيث بدأت الوكالة حالياً تتنبّه إلى الأخطاء بعدما تحدثنا عنها في الإعلام، وقد وعدنا باستخدام بعض التقنيات الحديثة خلال العمل، واستخدام مزيد من المونة الجيدة، فما قمنا به في السابق من رفع الصوت أعطى نتيجة، لذلك ما نطلبه الإتيان بـ «ريغارات» جاهزة، وعدم المباشرة في العمل خلال الشتاء في الحزمة الأولى في لوبية وحطين ونمرين وعرب الغوير بنفس الطريقة السابقة، كي لا يحدث ما حدث لأهالي الزيب وصفورية، فنطالب «الأونروا» أن تصرّ على أن يرسل المقاول المهندس إيلي معلوف استشاري للإشراف على العمل، لأن البنى التحتية هي التي تضمن سلامة الناس والمنازل، ولكن ما رأيناه أمر مؤسف، فالمشروع يعد أكبر انجاز لأبناء المخيم، لكن نريد من ناحية عملية أن ينفذ ضمن المواصفات وتلافي الأخطاء السابقة، التي نرفضها رفضاً قاطعاً.
المياه دخلت الطابق الأول!
{ بدوره عضو «لجنة المتابعة الفلسطينية» وأمين سر «تحالف القوى الفلسطينية» ومسؤول «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» في منطقة صيدا أبو علي أحمد أكد «أن المعاناة التي لم تكون موجودة لدى أبناء المخيم في السابق عانيناها في هذه المرحلة، فكان الطوفان عبارة عن أنهر وأبحر داخل منازل المخيم، وهذا الأمر لم يحدث منذ 30 عاماً، وسببه أن سير العمل في البنى التحتية للمخيم نفذ بطريقة خاطئة ودون متابعة، لا من قبل «الأونروا» صاحبة المشروع أو من الشركة المتلزمة، إن كان هناك شركة ملتزمة، لأن العمال وما سمّي بمتعهدين كان كل طرف منهم يعمل وفق هواه وليس ضمن المواصفات التي ذكرت أمامنا عند الإعلان عن المشروع».
وشدد على «أنه لو لم يتم تنفيذ المشروع لكان الواقع أفضل، لأنه لم يكن هناك مشكلة في التصريف الصحي، بل كانت المشكلة في بعض الطرقات الرئيسية بسبب عدم وجود مصافٍ لتصريف مياه الشتاء. وهذا الكلام نقلناه إلى مدير المشروع من قبل «الأونروا» رشيد عجاوي، وإلى مدير المشروع من قبل الشركة الملتزمة بسام الخطيب، ولكن لا حياة لمن تنادي، لأنهما أعطيانا كلاماً معسولاً ولكن خلال التنفيذ لم يتم مراعاة المواصفات».
وأشار إلى «أن بعض الأغطية داخل الأزقة كانت تسند بأبواب قديمة أو ما يصل إليه أيدي العاملين، وبالتالي فإن «الريغار» يصبح مائلاً ولا يمكن وضع الغطاء عليه، وهنا تأتي عملية الترقيع، إضافة إلى عدم مراعاة السلامة العامة خلال العمل، فلم يتم وضع ألواح لمرور الأهالي، فضلاً عن أن الحفر تحوّلت إلى مصيدة لأبناء المخيم، فتضرر العديد من الأهالي فيما المتعهد تهرّب حتى من تقديم العلاج لهؤلاء. فتنفيذ المشروع حمل الضرر لأبناء المخيم».
وأوضح «أنه قبل تنفيذ المشروع لم نرَ مثل هذا المشهد، حيث دخلت المياه إلى المنازل ووصلت إلى الطابق الأول بعلو 3 أمتار، وهذا ما يدل على وجود خلل في التنفيذ، حيث تم غمر منازل بكاملها وذلك في منطقتي صفورية والزيب، وتحوّلت الطرقات إلى فيضانات. لذلك المطلوب أن تلتزم «الأونروا» بالمواصفات التي قدّمتها للجان والمعنيين في المخيم، وتطبيق المواصفات المرسومة بحذافيرها، لكن الخرائط لم يتم تنفيذ 20% منها، فقساطل التصريف التي كان من المفروض أن يكون قطرها 40 أنشا استبدلت بـ 16، فتحوّل الوضع إلى الأسوأ».
وختم أحمد: «لقد تواصلنا مع مدير منطقة صيدا في «الأونروا» إبراهيم الخطيب وقلنا له: إن لم تلتزم «الأونروا» صاحبة المشروع بالمواصفات، فإنه ليس لدينا مصلحة بالتعارك مع المتعهد والشركة، لأن «الأونروا» دائماً تشير بأن الخطأ عند الشركة المتعهدة، وهذه الطريقة تدل عن شكوك لدينا بأن يتم ادخال الناس في خلافات عشائرية وعائلية بسبب هذا المشروع، وهو الذي عجزت عنه «إسرائيل» بزرع الخلاف بين أبناء المخيم، فيما «الأونروا» بإلقائها الكرة في ملعب المتعهد تريد تحويل المخيم إلى ساحة للنزاع، لكننا نصرّ على أن «الأونروا» هي صاحبة الدور الرقابي الأول والأخير، ولكن هذا الدور لا تقوم به ليحل مكانها الفوضى العارمة، ونحن نشك أن المشروع ملزم، لأن التساهل مع المنفذين يعني أنهم شركاء بما يحصل، لذلك ندق باب «الأونروا» لاتخاذ اجراءات وقائية ومنع تكرار الأخطاء وسنواصل حملاتنا الإعلامية وصولاً إلى التظاهر. لأن ما تم عرضه في بداية الإعلان عن المشروع من سرعة إزالة الردم وإمكانية وضع مسالك للمعوقين أشعرنا أننا في سويسرا، لكن بقي ذلك كلاماً معسولاً بعدما فرشت لنا الأرض سجاداً».
زيادة الأمور تعقيداً
{ أما عضو قيادة «تحالف القوى الفلسطينية» وليد جمعة فشدد على «أن هناك بطءاً شديدا في تنفيذ البنى التحتية في المنطقة التي تم المباشرة فيها، مما أدى إلى تراكم الأتربة في مصافي المياه وممراتها داخل سوق الخضار باتجاه الشارع التحتاني، مما أدى إلى فيضانات في منازل الأهالي لم تكن تعهدها من قبل، إضافة إلى أن هناك نهرا ينبع من جبال سيروب والحليب يقطع الشارع اليهودي ويصب في منازل أهل الزيب، وهذا النهر قديم، لكن هذا العام نتيجة العمل في البنى التحتية لم يستطع تسريب قسم من المياه مما زاد من غزارة النهر، فتم الاتصال مع مدير المنطقة الذي كان متجاوباً إلى أبعد الحدود، ووعدنا بالمعالجة، ولكن ما نراه هو البطء في المعالجة».
وختم جمعة: «إن المشكلة واضحة حيث تم استبدال القساطل القديمة التي يبلغ قطرها بـ 40 انشاً بجديدة بقطر 20 انشاً، مما أدى إلى رجوع المياه بفعل الضغط إلى منازل الأهالي في منطقة عمقة داخل منطقة الجميزة، ومشكلة المخيم هي في تصريف مياه الأمطار وليس في الصرف الصحي، وهذه المشكلة لم تحل بل زادت الأمور تعقيداً على تعقيد».
«الترقيع» والتأخّر في التنفيذ
الواقع ذاته وصفه أهالي المخيم، الذين حذروا من سياسة التجاهل وصولاً إلى ما لا تحمد عقباه.
{ أبو إياد طرعاني قال: «قاموا منذ أيام بحرف المنطقة مجدداً وذلك لوضع أنابيب مستجدة، حيث قاموا بتكسير القساطل القديمة، لتتقاطع الأنابيب بين الطول والعرض وتحدث المأساة بعد ردمها بالوحل، حيث بدأت المياه تنبع من «المواسير»، ومن ثم تم علاج المشكلة بربطها بالتلزيق وعلى وعد أن الأمر لن يتكرر، وما هي إلا لحظات حتى عادت المياه لتنبع من جديد، ومن ثم عاودوا الحفر ولم يتم ردم الحفرة، وما زلنا نعاني نفس المشكلة، وللأسف عندما تتحدث مع أحد العاملين أو القائمين على المشروع يتم تجاهل الأهالي الذين لا يزالون منذ شهرين يعانون من التأخّر في العمل».
{ بدوره موسى الراعي اختصر الكلام بالقول: «إن العمل يمكن وصفه بما نلبس في أرجلنا، وللأسف طافت المياه علينا في الزيب ودخلت إلى داخل المنازل وخسرت الناس أمتعتها، والغريب أن أحد القساطل تم ترقيعه بعد صب الباطون عليه، وبعد فترة نبعت منه المياه، لنكتشف أنهم أخرجوا قسطلا حديديا من داخل «الريغار» كان العمال قد نسوه خلال عملهم. وهم قالوا أن مدة التنفيذ ستكون خلال 4 أسابيع، والآن مضى أكثر من 5 أشهر، وحين تتحدث مع أحد فإن الرد يكون بالتجاهل، ويبدو أن الجميع «قابض» من المشروع، ونحن ربما لا نكتفي بالكلام، فالحل النهائي «أن نطخ واحد منهم»، فهم خربوا بيوتنا وقطعوا رزقنا».
بهذه العبارة ينهي الراعي كلامه في إشارة إلى استخدام لغة السلاح كحل نهائي، ومعه التساؤل إلى متى سوف يتحمّل ابناء المخيم ما يحدث من سوء تنفيذ للبنية التحتية؟
المصدر: سامر زعيتر - اللواء