/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

هل الأقصى على طريق الحرم الإبراهيمي؟!

2013/11/22 الساعة 10:41 ص

منذ جرت الانتخابات الأخيرة في الكيان الصهيوني وجهود جماعات الضغط الصهيونية اليمينية بحق المسجد الأقصى تزداد كثافة وخطورة، واللافت أن هذه المحاولات تتم في العلن وتحت سمع وسائل الاعلام، في وقت تتراجع فيه القضية الفلسطينية عن دائرة الاهتمام الأولى في العالم العربي والإسلامي، مما منح الاحتلال فرصة ذهبية في التسريع بفرض وقائع جديدة على الارض لتصبح "مسلمات" لا تقبل الجدل فيما بعد. محاولات استهداف المسجد الاقصى والصلاة في ساحاته ليست جديدة، فهي محاولات قديمة ظهرت قبل إقامة الكيان (الإسرائيلي) ذاته.
ففي العام 1929 وفلسطين تحت الانتداب البريطاني حاولت العصابات الصهيونية الاستيلاء على حائط البراق لإقامة ما يسمونه "حائط المبكى"، اشتعلت حينها ثورة البراق مما دعا حكومة الانتداب البريطاني على عرض القضية على عصبة الأمم، التي قررت يومها أن للمسلمين وحدهم حق ملكية حائط البراق والساحات وكل الساحات أمامه بما فيها حي المغاربة. بعد احتلال القدس عام 1967 انتزع الكيان الصهيوني حائط البراق وسماه بـ "حائط المبكى"، وأخذ يعمل على تغيير معالم المدينة الديمغرافية والجغرافية من حفريات.
تزامنت هذه الاجراءات مع توالي ظهور جماعات ومنظمات صهيونية متطرفة عرفت بمنظمات "الهيكل"، هدفت إلى ما أسمته الصعود إلى "جبل الهيكل" أي اقتحام المسجد الأقصى. نشأت هذه الجماعات وتكاثرت مع احتلال المدينة المقدسة، وحظيت برعاية خفية من قبل حكومات (إسرائيل) المتعاقبة ومن أبرزها "غوش ايمونيم، حي فاكيوم، هتحيا، أمناء جبل الهيكل، كاخ، كهانا حي..."، وبدأ نفوذها يقوى مع توجه المجتمع (الإسرائيلي) نحو اليمين.
الجديد في الأمر أنه أصبح لهذه الجماعات والتشكيلات نشطاء في الأحزاب وأعضاء في الكنسيت والائتلاف الحاكم، مثل ميري ريغف رئيسة لجنة الداخلية في الكنيست من حزب "الليكود"، والتي شرعت في إجراء نقاشات في هذه القضية للدفع بتشريعات ولوائح تحدد أمكنة وأزمنة خاصة باليهود داخل باحات وساحات المسجد الاقصى، ووزير الاسكان أوري أريئيل من "البيت اليهودي"، ونائب وزير الخارجية زئيف الكين من "الليكود" وموشيه فيغلين من "الليكود" الذي يحرص على الوصول للمسجد الاقصى على الدوام، وقد قامت الشرطة (الإسرائيلية) باحتجازه عدة مرات خوفاً من اشتعال الأوضاع، وهناك أيضاً نائب وزير الدفاع داني دانون من "الليكود"، وعضوتا الكنيست شولي معلم واييلت شكيد من "البيت اليهودي".
وجميعهم يطالب بتغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى، بحيث يتقاسم اليهود الصلاة مع المسلمين في المكان. واللافت في الموضوع أن محكمة العدل العليا في الالتماسات التي ترفعها الجماعات المتشددة تحيل الأمر إلى الشرطة باعتبارها الجهة المخولة باستشعار الأوضاع والتقرير فيما إذا كانت الاوضاع السياسية والامنية تسمح لهذه الجماعات بالصلاة دون خشية من اشتعال موجة عنف وحصول اضطرابات سياسية. الشرطة (الإسرائيلية) هي التي تمنع أو تؤجل مثل هذه الخطوة تقديراً منها أن الأمور قد تفلت عن السيطرة وتثير غضب المسلمين.

خطط مقدمة إلى الداخلية
الخطة كما أوردتها صحيفة هآرتس (1/11/2013) مقدمة من أحد نشطاء ما يعرف بـ "جبل الهيكل" وهو من قسم القيادة اليهودية في الليكود، بأن تفرد الحكومة مكاناً لليهود بالقرب من باب الرحمة، توضع عنده مقاعد وتمكن فيه الصلاة في ساعات ليست ساعات صلاة للمسلمين، وبحسب الخطة يكون التقسيم للمكان ولأوقات الصلاة، ويحظى اليهود في هذه المرحلة بمكانة تساوي مكانة المصلين المسلمين. وفكرة الخطة أن تفرض (إسرائيل) نفس ترتيبات الصلاة المعمول بها في الحرم الابراهيمي الذي يسميه (الإسرائيليون) بـ "مغارة الماكفيلا"، إلى المسجد الاقصى "جبل الهيكل".

المانع من التنفيذ
المانع الوحيد حتى اللحظة من اتخاذ هذا القرار هو تخوفات جهاز الأمن (الإسرائيلي) الذي يتابع عن كثب ويحذر الحكومة من أن تسهم مثل هذه الخطوة في تفجر عنف لا تحمد عقباه، وبحسب مراسلي صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل ونير حسون "ان يؤدى ذلك إلى انفجار المفاوضات وأن تسارع حماس إلى استغلال الحدث، فـ "جبل الهيكل" – كما تنقل الصحيفة عن مصدر أمنى صهيوني – يشبه المصران الأعور يمكن أن يؤدي إلى انفجار أمني كبير". وجهاز الامن يستذكر الصدامات العنيفة التي حصلت في العام 1990، وأحداث النفق في العام 1996.
ومع هذا فالحكومة (الإسرائيلية) الحالية تسابق الزمن في استغلال الفرصة الذهبية التي تعصف بالعالم العربي والانقسام الفلسطيني في تنفيذ سياستها وأهدافها تجاه القدس، وخلق وقائع جديدة وتغيير التركيب الداخلي والخارجي، وتزوير معالمها الحضارية، فقد شرعت بلدية الاحتلال في الأسابيع الماضية بالتحضيرات لإقامة مجمع استيطاني جنوب الأقصى "مجمع كدام – عير دافيد – حوض البلدة القديمة"، وذلك لتهويد الناحية الجنوبية للمسجد الأقصى، وكانت ما يعرف بـ "سلطة البيئة" شرعت في إقامة حديقة وطنية حول سور القدس، وبحسب الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية الدكتور حنا عيسى فإن المشاريع الأخيرة هي اللمسات النهائية لتهويد مدنية القدس وتحويلها إلى مدينة يهودية بحته لليهود دون غيرهم.

مرحلة حساسة
لا يظن أحد أن الخطر مبالغ فيه أو بعيد التحقق، فمنظرو الحركة الصهيونية منذ منتصف القرن الماضي وهم يؤكدون ان هدف الحركة الصهيونية هو مدينة القدس، وأنها قلب "الشعب اليهودي"، ونحن أمام حكومة استيطانية متصهينة وصل إلى موقع القرار فيها حاخامات حاقدون على كل ما هو ليس يهودي – حجراً كان أم بشراً – ولا يكفي السلطة الفلسطينية ان تطلق تصريحات من قبيل "أن ذلك وأد لعملية السلام أو منافٍ لأوسلو". فعملية السلام شبعت موتاً ولم يبقَ منها شيء، والخطر وصل إلى مرحلة بالغة الحساسية. ولا يكفي فصائل المقاومة أن تصدر التهديدات طالما أن (إسرائيل) تدير لها ظهر الحائط غير مبالية.
الخطر المحدق بالأقصى جد خطير، والوسائل المتخذة الآن هي ذات الخطوات التي اتبعت لتهويد المسجد الابراهيمي في الخليل. وهو السماح لليهود بتقاسم الصلاة مع المسلمين كمقدمة لتقسيمه.



 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/48245

اقرأ أيضا