فاجأ وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان، الحضور في مؤتمر سديروت السنوي بدعوته إسرائيل إلى تغيير تحالفاتها الاستراتيجية في العالم جراء التراجع الذي تشهده القوة الأميركية.
ولم يكتف ليبرلمان بذلك، بل أعرب عن مواقف غريبة تشهد على ما يفكر فيه على الأقل قسم من الإسرائيليين تجاه التسوية مع الفلسطينيين، حيث قال إن السلام لن يتحقق مع الفلسطينيين قبل أن يبلغ الدخل القومي للفرد أكثر من عشرة آلاف دولار سنوياً.
وذهب إلى أبعد من ذلك باعتباره الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يمثل أحداً من الفلسطينيين.
ورغم أن ليبرمان معروف منذ سنوات بعيدة بآرائه التي تخرج عن السياق العام للحلبة السياسية الإسرائيلية، إلا أن إفصاحه عنها حاليا وهو في منصب وزير الخارجية يعتبر سابقة مهمة، فهو بالغ التأثير في الحكومة عموماً وعلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خصوصاً ولذلك تعتبر كلماته أقرب إلى ما يدور في الدماغ الأدنى للقيادة الإسرائيلية.
وكان ليبرمان قد عاد إلى وزارة الخارجية بعد تبرئة المحكمة له من تهم بالفساد ليحاول كسر طوق العزلة الدولية الذي فرض عليه عندما تولى الوزارة في الحكومة السابقة بسبب مواقفه المتطرفة.
وحاول ليبرمان أن يخرج من هذه العزلة باستغلاله التوتر في العلاقات بين نتنياهو والإدارة الأميركية بتأكيده أن العلاقة مع أميركا هي "الحجر المركزي الذي من دونه لا يمكننا أن نناور في العالم الراهن".
ومع ذلك فإنه في منتدى سديروت الاجتماعي أمس أعلن أنه "فيما تزداد العلاقة مع الولايات المتحدة تقليصا، صار ينبغي على إسرائيل البحث عن حلفاء إضافيين لهم معنا مصالح مشتركة".
وأضاف ليبرمان أن الأميركيين يتصارعون مع تحديات كثيرة: "مشاكل في كوريا الشمالية، في باكستان، في إيران، في سوريا، في مصر، في الصين، فضلا عن المشاكل الاقتصادية التي يعانون منها أصلا، ولذلك فإنني أتساءل عن مكاننا في الحلبة الدولية".
وأشار إلى مشاكل إسرائيل في الحلبة الدولية قائلا: "هناك دولة يهودية واحدة في مقابل 57 دولة مسلمة. وسلفا نحن في وضع أدنى. وكل دولة تبحث عن استثمار أو مساعدة خارجية".
وتطرق إلى مقابلاته مع رئيس حكومة أوروبية كان في الماضي زعيما للمعارضة، وتحدث، بحسب كلامه، "عن إسرائيل والشرق الأوسط كما لو كان في الجناح اليميني لحزب إسرائيل بيتنا. ولكني أراه اليوم يتبنى مواقف معادية لإسرائيل".
وأضاف: "سألت صديقا مشتركا، كيف يحدث هذا؟ فأجابني: ماذا تريد منه، إن بلاده تعاني من البطالة، وعنده مشاكل وهو يبحث عن استثمارات وتبرعات. وكل هذه تأتي من دول الخليج، السعودية أو من تركيا. إذاً ما الذي أريده منه؟ أنا أستطيع فهمه، لن أتفق معه، لكني بالتأكيد أتفهمه". وحسب ليبرمان "نحن لا نملك رافعات اقتصادية كهذه. والصلة مع الولايات المتحدة تتراجع".
ودعا ليبرمان إلى "تفهم الآخرين وعدم الشكوى والتذمر والبكاء. ينبغي أن نفكر كيف يمكننا ترميم مكانتنا في الحلبة الدولية. ينبغي أن يكون المفهوم واضحاً. ينبغي أن نبحث عن الدول التي لا تبحث عن المال، والتي ليست بحاجة إلى العالم الإسلامي. وهي الدول التي تبحث عن الخبرة في المجال التكنولوجي، الزراعي والعلوم، وهذا ما نستطيع تقديمه. يجب على سياستنا الخارجية أن تكون متنوعة، ونبحث عن حلفاء مع مصالح مشتركة. كفى للعويل والقول إن عليهم أن يأتوا إلينا".
وعن التسوية مع الفلسطينيين حدث ولا حرج لأن ليبرمان أجرى حساباً عسيراً مع مسيرة أوسلو. وقال إنه "في السنوات العشرين الماضية، منذ اتفاق أوسلو، وضعنا يتدهور". وشدد على أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليس شريكاً للسلام. وتساءل: "من يمثل أبو مازن؟ إنني لم أفهم ذلك حتى اليوم. إنه لا يمثل سكان غزة. وقد خسر الانتخابات البرلمانية لمصلحة حماس. وانتخابات الرئاسة تتأجل منذ ثلاث سنوات ونصف سنة لأنه يخشى من الخسارة".
واعتبر ليبرمان أن لا احتمال للتوصل إلى تسوية نهائية بين إسرائيل والفلسطينيين في المدى المنظور. وأضاف "ينبغي أولا وقبل كل شيء تحقيق الأمن للإسرائيليين والازدهار الاقتصادي للفلسطينيين. فقط بعد ذلك يمكن التوصل إلى تسوية سياسية. وعكس ذلك مستحيل".
وأعلن ليبرمان رفضه التدخل الدولي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مبديا قناعته بأن هذا لا يقود إلى الحل.
وتساءل: "متى نحقق السلام؟ ليس عبر الوسطاء. ليس عبر الرباعية ولا مجلس الأمن الدولي. إن بوسعنا الحديث بجدية عن تسوية سياسية مع الفلسطينيين فقط عندما يغدو الدخل القومي للفرد عشرة آلاف دولار. وليس يوماً واحداً قبل هذا. كل القصص الأخرى منقطعة عن الواقع".
وشدد ليبرمان على أن النزاع مع الفلسطينيين ليس إقليميا وقال إن "هذه الأطروحة التي يحاولون عرضها، والتي تستلزم تسويات مؤلمة وأن المستوطنات تشكل عقبة، هذه الأطروحة مجرد اختراع بحت. هؤلاء أناس لا يريدون أن يروا الواقع. مثلا، لم يقم أبدا أي صلة إقليمية أو عائلية بين يهودا والسامرة وقطاع غزة".
المصدر: السفير