/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

جهود أميركية لمنع انهيار المفاوضات/ حلمي موسى

2013/11/02 الساعة 07:31 ص

فيما تتعثر التسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تحاول الإدارة الأميركية منع ترنّحها وسقوطها.
وفي هذا السياق، سيصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الأراضي المحتلة بعد أيام، في محاولة شبه أخيرة لمنع انهيار المفاوضات عبر تحويل وجهتها نحو الحل المرحلي.
ولكن المصاعب تتراكم فعلياً جراء ما تضعه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من عقبات، ليس فقط على شكل آلاف الوحدات الاستيطانية، وإنما أيضاً عبر اندفاع بعض مكونات هذه الحكومة إلى سن قانون لتقاسم الحرم القدسي مع المسلمين.
وكان نتنياهو أخرج إلى العلن أمس الأول، الخلاف الدائر في غرف المفاوضات بإعلانه أن "الحدود الأمنية لإسرائيل ستبقى على نهر الأردن دوماً". ومعروف أن إسرائيل تطالب بوجود عسكري دائم على طول نهر الأردن وشاطئ البحر الميت بكل ما يعنيه ذلك من التحكم في مسار ومعابر الحدود مع الأردن.
من جهة ثانية، يحاول "البيت اليهودي"، الشريك المهم في ائتلاف نتنياهو، إعداد لوائح جديدة في وزارة الأديان الإسرائيلية، تسمح لليهود للمرة الأولى منذ سقوط القدس في يدي إسرائيل في حزيران العام 1967، بالصلاة علناً في الحرم القدسي.
وبموجب اللائحة الجديدة، التي أعدت وصيغت في القسم القانوني من وزارة الأديان، ستخصص ساعات محددة لصلاة اليهود في الحرم كل يوم. وتعني هذه اللوائح تقاسم باحات الحرم القدسي الذي يضم مسجدي الأقصى والصخرة مع المسلمين، في محاولة لتكرار تجربة تقاسم الحرم الإبراهيمي في الخليل.
ومعروف أن اللوائح المعمول بها كانت تحظر على اليهود الصلاة في الحرم القدسي المدار من جانب الأوقاف الإسلامية. لكن تزايدت في الأعوام الأخيرة حالات سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول اليهود ومنهم نواب وحاخامات إلى باحات الحرم. وكثيراً ما استغل بعضهم هذا الدخول لممارسة الصلاة التي يحظرها القانون من ناحية، والشريعة اليهودية (على الأقل لدى غالبية الحاخامات) من ناحية أخرى. ومن المؤكد أن خطوة كهذه كفيلة بتفجير الغضب الفلسطيني، وربما العربي والإسلامي في العالم.
ويسعى حزب "البيت اليهودي" إلى إحداث تعديل في قانون "حماية الأماكن المقدسة"، بحيث يشار إلى الحرم القدسي كمكان مقدس لليهود. وحال إقرار مثل هذا القانون فسيكون محظوراً منع اليهود من الصلاة في الحرم.
ولا يبدو أن اليمين الإسرائيلي في حركته الاستيطانية والاستفزازية الدينية ينطلق من فراغ، فهناك نوع من الإجماع الشامل في إسرائيل بصعوبة، وربما استحالة، التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "هجال هحداش"، بناء على طلب صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من نتنياهو، أن الغالبية الساحقة من الجمهور اليهودي الناطق بالعبرية فوق سن 18 عاماً، لا يؤمن بأن المفاوضات الجارية في هذه الفترة ستجلب اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
وقال 83.8 في المئة من المستطلعة آراؤهم، إنهم لا يؤمنون بفرص نجاح المفاوضات مع الفلسطينيين، فيما أكد 7.9 في المئة منهم إيمانه بذلك، وأعرب 8.3 في المئة منهم عن عدم تبني أي رأي في هذا الشأن.
وفي هذا السياق، وبعد إعلان مفاوضين فلسطينيين عن تقديم استقالتهم بسبب شعورهم بعدم جدوى المفاوضات، يصل كيري لتناول وحثّ مسألة التسوية.
ويشعر إسرائيليون بأن ما وصلت إليه المفاوضات قد يعرّض إسرائيل لأخطار حقيقية في المجتمع الدولي. وأشار إلى ذلك صراحة يوئيل ماركوس، كبير معلقي "هآرتس" السياسيين في مقالته "أن تأتي الصفعة".
وأوضح ماركوس أن قرار نتنياهو برفع المقاطعة الإسرائيلية عن لجنة حقوق الإنسان الدولية جاء بعد تهديد، مشدداً على أنه "مع الائتلاف الحالي، الذي سيعود إليه ليبرمان قريباً، نتنياهو ليس فقط لا يستطيع التقدم نحو السلام، بل أيضاً لا يستطيع أن يظهر كمن يحاول الوصول إلى السلام".
والواقع أن الإدارة الأميركية التي أوحت طوال الأشهر الماضية بإيمانها في إمكانية التوصل خلال تسعة أشهر إلى حل نهائي، تجد اليوم نفسها مضطرة للبحث عن حلول مرحلية. فبعد انقضاء ثلث المدة المقرّة للتفاوض، ترى أن المفاوضات تدور في حلقة مفرغة ومن دون أي تقدم ظاهر.
وأياً يكن الحال، كتب المراسل العسكري لـ"يديعوت أحرنوت" أليكس فيشمان، أن الإدارة الأميركية تُعد سراً وثيقة تقريب بين وجهات النظر، في محاولة لاحياء مسار المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية الخامد.
وأوضح فيشمان أن ماهية الوثيقة الجديدة ما زالت محاطة بالغموض. وتدل المعلومات القليلة التي يمكن جمعها في أروقة وزارة الخارجية الأميركية على أن الحديث يدور عن اقتراح مصالحة أميركي يُعرض على الطرفين في نهاية كانون الثاني أو بداية شباط المقبلين. ويشيرون هناك إلى أن هذا الاقتراح يفترض أن يقود إلى تحقيق اختراق في المفاوضات الجارية بين الطرفين منذ تموز الماضي.
ويبين فيشمان أن جذور وثيقة التقارب هذه زرعت في لقاء نتنياهو وكيري المطوّل في روما الشهر الماضي، وأساسها وجوب التجسير بين الإصرار الإسرائيلي على الحل المرحلي، والإصرار الفلسطيني على الحل النهائي.
ويقول أن التجسير يتم من خلال اتفاق حول حل مرحلي في إطار اعتراف من الآن بعناصر التسوية الدائمة. وعموماً ليست هذه هي المرة الأولى التي تضع فيها الإدارة الأميركية وثيقة تقريب بين مواقف الطرفين.


المصدر: السفير

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/46687

اقرأ أيضا