قائمة الموقع

الهجرة المعاكسة.. تدفع "إسرائيل" الى الزوال

2013-10-04T14:54:46+03:00

بدأت الهجرة المعاكسة في "اسرائيل" منذ عام 2004 ففي ذلك العام غادر حوالى 16.000 اسرائيلي وفق تقرير "دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية" أجرته عن الهجرة اليهودية الى خارج "اسرائيل". وأغلبهم يشكل الكوادر المثقفة وأصحاب الشهادات العليا من أطباء ومهندسين وعلماء وغيرهم.
وفي استطلاع للرأي نشرته صحيفة "هآرتس" هذا العام، أن 37% من الإسرائيليين يفكرون بالهجرة والعيش في دول أخرى.
ولدى سؤال هؤالاء عن سبب رغبتهم بالمغادرة أفادوا بأن الدافع وراء ذلك ليس أمنياً فقط بل هو إقتصادي بالأساس، إذ أن الوضع الإقتصادي في "اسرائيل" سيء للغاية وهم يفضلون البحث عن مكان تكون فيه فرص العمل أكبر ومستوى الدخل فيه مرتفع.
إضافة الى أن فشل "اسرائيل" في تحقيق السلام مع العرب أصبح يشكل بنظر هؤلاء خطراً على حياتهم ومستقبلهم خصوصاً في ظل الإعتداءات اليومية لدولتهم على الفلسطينيين والعرب.
وفي مقال سابق نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 01 أيار عام 2013م تحت عنوان "لدي وطن بديل" أشار فيه كاتب المقال وهو يهودي هاجر من "اسرائيل" مع عائلته منذ 5 سنوات، كردّ على مقال لأحد قادة الفكر الصهيوني يوسف حاييم برنر والذي عنونه "لا يوجد وطن بديل"، أن مقالة برنر أثبتت عكس ما قال، حيث يوجد في الواقع أمام اليهود الكثير من أوطان بديلة. والدليل على ذلك أن 2/3 اليهود يعيشون في أوطانهم الأصلية وليس في "إسرائيل"، بما فيهم 850.000 الف يهودي هاجروا من إسرائيل خلال السنوات الـ 10 الأخيرة.
وفي بحث أجراه "سيرغيو ديلي بيرغولا" وهو بروفيسور يُدرس في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، أظهر أن 14.000 اسرائيلي قد غادروا "اسرائيل" في سنة 2012 ولم يعودوا اليها. وأشار مباشرةً الى أنه من الأمور التي تزيد من ضغوط الهجرة أن الكثير من الإسرائيليين قد إتخذوا إجراءات تمهيدية للمغادرة في نهاية الأمر حيث أظهرت وبرأي صاحب البحث، إحدى عمليات المسح أن ما يُقارب الـ 60% من الإسرائيليين قد أجروا إتصالات أو هم عازمون على الإتصال بسفارة أجنبية يطالبون فيها بجنسية أو جواز سفر. ويُضيف أن حوالي 100 ألف اسرائيلي لديهم جوازات سفر إلمانية.
والجدير ذكره أن الحكومة الإسرائيلية تعتبر أن المهاجر نهائيا هو المواطن الذي يغادر إسرائيل لأي سبب كان ولا يعود ولو لمرة واحدة خلال أربع سنوات.
وأيضاً في آخر استطلاع للرأي أجرته جماعة تُطلق على نفسها إسم "شبيبية هرتسل" أظهر أن منسوب الخوف على مستقبل "إسرائيل" إرتفع في وسط الشباب "الإسرائيلي" بنسبة 71% بعد ما يُسمى بثورات "الربيع العربي" إضافة الى الوضع الإقتصادي في "اسرائيل" والذي يكسر روح مواطنيها ويجعلهم يُفكرون بالهجرة.
وأظهرت الدراسات أن معظم سكان دولة الإحتلال الذين يفكرون بترك "اسرائيل" يرغبون بالذهاب الى أميركا والباقين الى أوروبا حيث أن معظمهم من أصول أوروبية وهم أصلا دخلاء على اسرائيل فمنذ نشأة هذا الكيان كان اليهود العرب هم من المهاجرين الأوائل اليها فبعد قيام الإستخبارات الصهيونية بتفجير محلاتهم في البلدان العربية التي كانوا فيها وإحراقها هربوا الى "اسرائيل" معتقدين أنهم أصبحوا مستهدفين من شعوب تلك المنطقة وأنظمتها، وبالتالي فإن من جاء من اوروبا وأميركا عددهم كان ضئيلا في البداية نسبة لعدد المهاجرين العرب والذين بلغت نسبتهم حينها 75%.
وسبق لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أن إعتبرت موضوع الهجرة المعاكسة لليهود بمثابة زلزال يهدد الكيان الإسرائيلي أكثر من أيّ تهديد أمني وعسكري آخر، بما في ذلك سلاح القنبلة النووية. رغم أنها والحكومات المتعاقبة والحالية لم تستطع أن تفعل شيئاً تجاه تلك الظاهرة خصوصاً فيما يخص الوضع الإقتصادي فهي لم تستطع أن تؤمن فرص عمل جديدة على الرغم من الدعم المالي وغيره من الولايات المتحدة الأميركية لها.
حتى أن اليهود في خارج "اسرائيل" بدأوا يغيرون مزاجاتهم تجاه الإنتماء الى دولة "الميعاد"، فالمزاج في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لم يعد يؤمن بفكرة أرض الميعاد، ولا بفكرة القدوم إلى إسرائيل، حتى على سبيل السياحة، كما يقول دايفيد عزقول، المهندس الذي غادر "إسرائيل" منذ أكثر من 12 عاماً، ويضيف إن ينابيع "إسرائيل" اليهودية في الخارج آيلة إلى جفاف، بل زوال أكيد، خصوصاً مع إتجاه اليهود هناك الى الزواج المختلط مع غير اليهود والذي بحسب رأيه سوف يأتي على أجل اليهود في الخارج، حتى أن الباحث الصهيوني يعقوب الياف وصف ذلك بأنه "الهولوكوست" الصامت الأكثر رعباً لإسرائيل من "الهولوكوست" السابق.
هذا ويعتبر المهاجرون "الإسرائيليون" أن أمن عائلاتهم وسلامتهم ودمهم هم أغلى من كل ما تقدمه حكومة "إسرائيل" أو تعدهم بتقديمه فهم لمسوا لمس اليد التهديدات اليومية التي تتربص بهم هناك على الصعيدين الأمني والإجتماعي وبالتالي فإن جهنم الغرب بالنسبة لهم هي أفضل من جنة "إسرائيل"
أضف الى ذلك الصراع النفسي الذي يعيشه هؤلاء من إزدواجية الإنتماء وأقصد بذلك الإنتماء الى الوطن الأصلي الذ جاؤا منه والوطن البديل الذي هو "اسرائيل" وبالتالي خلق هذا الإزدواج مشاكل نفسية جمة لدى هؤلاء خصوصاً بعد إصرار الحكومات اليمينية المتعاقبة على مواطنيهم بأن يكون ولاءهم فقط لـ"اسرائيل" ما أدى الى مشاكل مختلفة مع البلاد الأصيلة لهؤلاء وإستدعى ذلك تلك الحكومات الى الكف عن السير في هذا الطلب.
لا شك أن المجتمع "الإسرائيلي" بدأ يتفكك من الداخل وبدأت مع هذا التفكك عملية فقدان العنصر الأساسي لمقومات الدولة وهو "الشعب"، وخلال فترة زمنية قد تطول أو تقصر ستجد "دولة" من دون شعبها وأن عملية العد العكسي لهذا الكيان بدأت، فلا القوة العسكرية المتفوقة ستبني مستقبلاً له ولا سياسة الدعم الدولي ستُجدي نفعاً، وعملية الموت البطيء بدأت وإن السنين القادمة لناظرها قريب..
 

إعداد: إبراهيم شعيب


المصادر:

- د.أسعد عبد الرحمن

- د. فوزي الأسمر
- الجزيرة
- الديار

 

اخبار ذات صلة