خاص/ القدس للأنباء
نفذت مذبحة صبرا وشاتيلا في 16 أيلول 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام حتى 18 أيلول.
مكان المذبحة:
حصلت المجزرة في مخيم صبرا وشاتيلا الفلسطيني بعد دخول القوات الصهيونية الغازية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وإحكام سيطرتها على القطاع الغربي منها. وكان دخول القوات الصهيونية إلى بيروت في حد ذاته بمنزلة انتهاك للاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية، والذي خرجت بمقتضاه المقاومة الفلسطينية من المدينة.
نبذة عن المخيمين:
صبرا هو اسم حي تابع إداريا لبلدية الغبيري في محافظة جبل لبنان، تحده مدينة بيروت من الشمال، والمدينة الرياضية من الغرب، ومدافن الشهداء وقصقص من الشرق، ومخيم شاتيلا من الجنوب.
أما شاتيلا، فهو مخيم دائم للاجئين الفلسطينيين أسسته وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عام 1949 بهدف إيواء المئات من اللاجئين الذين تدفقوا إليه من قرى أمكا ومجد الكروم والياجور في شمال فلسطين بعد عام 1948، يقع المخيم جنوب بيروت عاصمة لبنان.
الجهة التي نفذت المذبحة:
استمرت المجزرة لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي والجيش الصهيوني.
وصف المجزرة:
في صباح السابع عشر من أيلول / سبتمبر عام 1982 استيقظ لاجئو مخيمي صبرا وشاتيلا على واحدة من أكثر الفصول الدموية في تاريخ الشعب الفلسطيني الصامد، بل من أبشع ما كتب تاريخ العالم بأسره في حق حركات المقاومة والتحرير. في تلك المذبحة تحالف صهاينة وخونة؛ فارتكب الجيش الصهيوني وحزب الكتائب اللبناني مجزرة لتصفية الفلسطينيين وإرغامهم على الهجرة من جديد. صدر قرار تلك المذبحة برئاسة رافايل إيتان رئيس أركان الحرب الصهيوني وآرييل شارون وزير الحرب آنذاك في حكومة مناحيم بيجن.
بدأت المذبحة في الخامسة من مساء السادس عشر من أيلول حيث دخلت ثلاث فرق إلى المخيم كل منها يتكون من خمسين من المجرمين والسفاحين، وأطبقت تلك الفرق على سكان المخيم وأخذوا يقتلون المدنيين قتلاً بلا هوادة.
أطفالٌ في سن الثالثة والرابعة وُجدوا غرقى في دمائهم، حواملُ بُقِرَت بُطونهنّ، ونساءٌ تمَّ اغتصابهنَّ قبل قتلِهِنّ، رجالٌ وشيوخٌ ذُبحوا وقُتلوا، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره!
نشروا الرعب فى ربوع المخيم، وتركوا ذكرى سوداء مأساوية وألماً لا يمحوه مرور الأيام في نفوس من نجا من أبناء المخيمين.
48 ساعة من القتل المستمر وسماء المخيم مغطاة بنيران القنابل المضيئة. أحكمت الآليات الصهيونية إغلاقَ كل مداخل النجاة، فلم يُسمح للصحفيين ولا وكالات الأنباء بالدخول إلا بعد انتهاء المجزرة في الثامن عشر من أيلول حين استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية ليجد جثثاً مذبوحة بلا رؤوس ورؤوساً بلا أعين، وأخرى محطمة! ليجد قرابة 3500 أو أكثر من الجثث ما بين طفل وامرأة وشيخ ورجل من أبناء الشعب الفلسطيني والمئات من أبناء الشعب اللبناني!
مجزرة "صبرا وشاتيلا" لم تكن الجريمة الصهيونية الأخيرة بحق الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، فمسلسل المجازر اليومية لم ينتهِ، والإرهابي شارون لم يتوان عن ارتكاب المزيد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم بأسره، وكأن يديه القذرتين اعتادتا أن تكونا ملطختين بالدم الفلسطيني أينما كان.
في ذلك الوقت كان المخيم مطوق بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي والجيش الصهيوني الذي كان تحت قيادة آرئيل شارون ورافائيل أيتان أما قيادة القوات المحتلة فكانت تحت إمرة المدعو إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ. وقامت القوات الانعزالية بالدخول إلى المخيم وبدأت بدم بارد بتنفيذ المجزرة التي هزت العالم ودونما رحمة وبعيدا عن الإعلام، وكانت قد استخدمت الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات التصفية لسكان المخيم العزل وكانت مهمة الجيش الصهيوني محاصرة المخيم وإنارته ليلا بالقنابل المضيئة.
عدد الشهداء:
عدد الشهداء في المذبحة لا يعرف بوضوح وتتراوح التقديرات بين 3500 و5000 شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح، أغلبيتهم من الفلسطينيين ولكن من بينهم لبنانيين أيضا.
النتائج المترتبة على المجزرة وتداعياتها:
في 1 كانون أول/ نوفمبر 1982 أمرت الحكومة الصهيونية المحكمة العليا بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وقرر رئيس المحكمة العليا، إسحاق كاهـَن، أن يرأس اللجنة بنفسه، حيث سميت "لجنة كاهن". في 7 شباط/ فبراير 1983 أعلنت اللجنة نتائج البحث وقررت أن وزير الحرب الصهيوني أرئيل شارون يتحمل مسؤولية غير مباشرة عن المذبحة إذ تجاهل إمكانية وقوعها ولم يسع للحيلولة دونها. كذلك انتقدت اللجنة رئيس الوزراء مناحيم بيغن، وزير الخارجية إسحاق شامير، رئيس أركان الجيش رفائيل إيتان وقادة المخابرات، قائلةً إنهم لم يقوموا بما يكفي للحيلولة دون المذبحة أو لإيقافها حينما بدأت. رفض أريئيل شارون قرار اللجنة ولكنه استقال من منصب وزير الدفاع عندما تكثفت الضغوط عليه. بعد استقالته تعين شارون وزيرا للدولة (أي عضو في مجلس الوزراء دون وزارة معينة).