خاص/ نشرة الجهاد
أجواء السرية والكتمان التي فرضها وزير الخارجية الأميركي جون كيري على المفاوضات التي انطلقت من واشنطن في نهاية تموز الفائت، بين صائب عريقات وتسيبي ليفني، وتلاحقت اجتماعاتها شبه اليومية بين القدس ورام الله وأريحا وعمان، بحضور المندوب الأميركي مارتن أنديك، لم تستطع لجم ألسنة العديد من مسؤولي "السلطة" والعدو الصهيوني، الذين أفاضوا بإطلاق تصريحات أضاءت على ما جرى ويجري خلف الأبواب المغلقة، وبيّنت ملامح المولود "الجديد" الآتي بعد انقضاء الأشهر التسعة التي حددها "الراعي" الأميركي للمفاوضات.
فقد كشف أعضاء في لجنة الإشراف على المفاوضات (التابعة للسلطة) أن أميركا مارست الخداع والتضليل على "الفلسطينيين"، لتسهيل وتبرير عودتهم إلى طاولة المفاوضات، رغم إشهار حكومة العدو رفضها "شروط السلطة المسبقة"، وإصرارها على لاءاتها وثوابتها المعروفة، وإعلانها بناء آلاف الوحدات الإستيطانية مع بدء المفاوضات... وهو ما أكدته صحيفة معاريف "الإسرائيلية" باعترافها أن جون كيري كان على علم تام بقرار حكومة نتنياهو بناء الوحدات الإستيطانية... في حين قال مسؤول "إسرائيلي" آخر إن كيري دفع للفلسطينيين ضريبة كلامية فارغة من أي مضمون حين لام "إسرائيل" على توسيع المستوطنات وخطط البناء الجديدة التي ادعى عدم معرفته بها، وإنها شكلت مفاجأة له ولإدارته.
وفي وقت كان فيه وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ يعلن بأن "نافذة حل الدولتين تغلق"... وأن "فرصة حل الدولتين تتضاءل"، أكد وزير الإسكان "الإسرائيلي" أوري أريئيل أنه "لن تقوم دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وليفهم الجميع، أنه لن تكون هناك دولتان غرب نهر الأردن، و"إسرائيل"، ستبني بكل مكان في الضفة الغربية "... في حين أعلن وزير الإقتصاد في حكومة العدو نفتالي بينيت (رئيس حزب البيت اليهودي) "أن فكرة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة قد ماتت"، مضيفاً "أن مشكلة "إسرائيل" هي عدم إعلان القيادة أن ملكية الضفة الغربية تعود إلى شعب إسرائيل"... ونفى نائب وزير الحرب الصهيوني (عضو الليكود) داني دانون "أن تكون حكومة نتنياهو جادة في التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين يفضي إلى قيام دولة فلسطينية"... وأطلق أفيغدور ليبرمان (رئيس حزب "إسرائيل بيتنا") الدعوة للتخلص من فلسطينيي العام 1948...
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى ما يمكن أن تفضي مفاوضات تجري في وقت تسود فيه حالة الإضطراب والإنقسام والتفتت والإحتراب والتخاذل والتراجع العربي الرسمي، والإنقسام "الفلسطيني"... وفي ظل سيادة منطق الأضاليل والخداع الأميركي الغربي، والدعم المطلق للكيان الغاصب، وكل مخططات التهويد والصهينة التي تتستهدف كل فلسطين التاريخية؟..
لقد تمخض مؤتمر جنيف وملحقاته في سبعينيات القرن الماضي عن اتفاق "كامب ديفيد"، وأنجب مؤتمر مدريد في تسعينيات ذلك القرن اتفاقي "أوسلو" و"وادي عربة"... فهل سيتمخض جبل الأضاليل والخداع ويلد فأراً إسمه "أوسلو2"؟