خاص/ القدس للأنباء
ست سنوات مضت ولا يزالون يضمدون جراحهم بالصبر، ويداوون يأسهم بالإنتظار، يُراقبون الشمس والقمر، يعدُّون الليالي الطوال وحالهم واحد، بيوت ملقاة ومهملة على التراب، وبركسات أشبه بعلب غذائية حافظة، يأملون بخيوط الشمس الجديدة أن تغير حالهم، ولا مجيب.
إنهم الفلسطينيون في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، الذين تركوا بيوتهم وتراب مخيمهم ليقطعوا دابر الفتنة على المترصدين لهم، ولئلا يحتسبهم البعض طرفًا فاعلاً في المعركة المؤسفة التي دارت بين قوات الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الإسلام".
نشرة الجهاد جالت في أرجاء البركسات (الحديد والإسمنت والخشب)، والتقت بعض سكانها.
إلغاء خطة الطوارئ:
المواطن وسام محمد، هو أحد سكان بركسات الإسمنت فيقول لـ "نشرة الجهاد": "يعاني أصحاب البركسات من أوضاع معيشية صعبة للغاية، وقد صبرنا على أمل إعمار منازلنا، فكنّا نتحمّل حر المكان وبرده اللذين جلبا لنا أمراضًا عديدة، وأخيرًا، تطل علينا مديرة الأونروا الجديدة في لبنان بقرار تعسفي ينذر بإلغاء خطة الطوارئ عن المخيم، وهذا سينعكس سلبًا على جميع أصحاب البركسات الذين ينتظرون الخروج منها والرحيل إلى منازلهم".
مأساة في فصل الشتاء:
أما أبو فريد وهبة، وهو أحد سكان بركسات الإسمنت أيضا، فيقول لـ "نشرة الجهاد": " إن البركسات ما هي إلا مساكن مؤقتة إلى حين استلام منازلنا التي طال انتظارها. البركسات هي عبارة عن غرفتين ومطبخ وحمام لا تتجاوز مساحتهم 17 مترًا، في الصيف شديدة الحرارة والرطوبة، تتسبب بأمراض مزمنة للأطفال، وفي الشتاء باردة جداً وتعاني تسريب المياه. تعطلت خزانات مياه الطاقة الشمسية والأونروا تتجاهل إصلاحها، فنستحم بماء باردٍ جدًا في الشتاء، وتطوف مياه الشتاء علينا من الأرض، ويتسبب هطولها بكسر سقف البركسات المصنوع من الزينكو. صبرنا عليها على أمل العودة إلى منازلنا، ولكن بعد إلغاء خطة الطوارئ ربما يقومون برمينا في الشارع".
الإسراع في الاعمار:
وأما عضو اللجنة الشعبية، أبو نزار خضر، فيقول لـ "نشرة الجهاد": "إن البركسات لا تصلح للحياة، فهي صغيرة وتحتوي على عائلات أفرادها كُثُرْ، في الصيف حرارة ورطوبة وأمراض، وفي الشتاء برد قارص وطوفان وتسريب مياه، والمطلوب حاليًا هو الإسراع في الإعمار. لقد أنشأت الأونروا هذه البركسات ضمن خطة الطوارئ، ومن غير المقبول إلغاء الخدمات المتعلقة بصيانة الكهرباء ومياه الصرف الصحي والإيجارات، وهذا خط أحمر غير مسموح به".
وقفة جادة وحاسمة:
واقع مرير، ومستقبل أكثر مرارة بعد قرارات الأونروا، بيوت لا تصلح للعيش الآدمي، صيف حار جدًا، ورطوبة تتسبب للأطفال بأمراض دائمة، شتاء قاسي البرودة شحيح الدفئ، كريم في المياه المتسربة من السقف والداخلة إلى المنزل من الأرض، صبروا على معيشتهم منتظرين إعمار بيوتهم، والأونروا شطبتهم من حقهم في العودة إلى منازلهم، وحالهم يزداد سوءًا، كما يقول ساكنو البركسات. ويبقى السؤال: "هل ستتمادى الأونروا أكثر فأكثر في إلغائها خطة الطوارئ لتشمل قطاعات البركسات؟ أم أن للفلسطينيين وقفة جادة حاسمة ستُغير مجرى القرار بالكامل؟