قائمة الموقع

تأهّب في الشمال واستدعاء احتياط ومظلة دفاع جوي/ حلمي موسى

2013-08-29T06:27:00+03:00

إسرائيل، خلافاً لما يراه غالبية الناس في العالم، تتعامل مع الحرب الغربية ضد سوريا على أنها بدأت. وبرغم ما توحي به أجهزتها الرسمية من تدني احتمال تعرض إسرائيل للحرب، فإنها تتصرف على أساس انخراط كامل فيها. وهذا ما يظهر من السلوك الرسمي والشعبي الإسرائيلي شبه الهستيري.
فقد أقر المجلس الوزاري المصغَّر تفويض قيادة الجيش باستدعاء أعداد محدودة من القوات الاحتياطية اللازمة في ميادين الاستخبارات والدفاع الجوي وحماية الجبهة الداخلية. وعرضت قيادة الجيش أمام المجلس الوزاري المصغَّر تقريراً عن جاهزية الجبهة الداخلية لمواجهة أي هجمات كيميائية، فضلاً عن عدد من السيناريوهات من بينها احتمال تعرض إسرائيل لمثل هذه الهجمات.
وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية الطوارئ وألغت مؤتمر السفراء في إطار الاستعداد التام للقيام بدورها في الحرب. واندفع الجمهور الإسرائيلي للتزود بكمامات الغاز وتجهيز الملاجئ والغرف الآمنة، وبدا أن هذا الاندفاع يصعب كبحه.
وتقريباً أوحى الجيش الإسرائيلي باكتمال الاستعدادات ليس فقط للقوات الميدانية قبالة الجبهتين السورية واللبنانية، وإنما في مقر هيئة الأركان العامة. وإذا لم يكن هذا كافياً، فإن إرسال الطائرات الحربية الإسرائيلية إلى الأجواء اللبنانية حمل رسالة عامة بالاستعداد والجاهزية.
ويبدو من الأهمية الإشارة إلى مفارقة كبيرة في الأداء الإسرائيلي. فالقيادة السياسية والعسكرية توحي بأن التقديرات لا تشير إلى احتمال تورط إسرائيل في الحرب الوشيكة، ولكنها تتصرف وكأنها في خضم هذه الحرب. وقد أثار الأمر نوعاً من الذعر في صفوف الجمهور الإسرائيلي الذي كاد يتخلى في العقدين الماضيين، منذ حرب الخليج الثانية، عن فكرة الخوف من الحرب غير التقليدية وعن كمامات الغاز، فعاد إليها مهتاجاً.
وعجزت كل محاولات الساسة والعسكريين عن بث روح الاطمئنان في نفوس الإسرائيليين بأن يتركوا للجيش التعاطي مع المسألة وألا يربكوا حياتهم اليومية. وتقريباً لم تجد نفعاً الإيحاءات الرسمية شبه العلنية بأن الحرب لن تفاجئ إسرائيل التي سوف تطلع على موعد الهجوم قبل تنفيذه.
وفي كل حال، فإن قرار المجلس الوزاري المصغّر باستدعاء جزئي للقوات الاحتياطية ينذر بأن الهجوم الأميركي وشيك من ناحية، وأن التقديرات باحتمال تعرض إسرائيل لهجمات سواء من سوريا أو لبنان، أكبر مما كان يشاع. كما أن اتخاذ مثل هذا القرار والإعلان عنه يعطي الانطباع بأنه جزء من مخطط تهيئة المجتمع الإسرائيلي للحرب حتى من دون الإعلان عن ذلك.
وقد اتخذ القرار بعد سلسلة مطوّلة من المداولات بين الوزراء المختصين وقادة الجيش أولاً، ثم بقرار الهيئة الحكومية المختصة. وجاء القرار بعد إشباع الأجواء بتهديدات إسرائيلية برد شديد على كل هجمات قد تتعرض لها إسرائيل في إطار الرد على الهجوم الغربي.
وفي هذه الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى في صفوف قواته على الجبهة الشمالية، ونشر المزيد من المنظومات المضادة للصواريخ هناك. وحامت الطائرات الحربية في الأجواء اللبنانية في نطاق تحقيق عدة أهداف ردعية واستخبارية، وخصوصاً إزاء "حزب الله". ونشر الجيش بطاريات صواريخ "باتريوت" و"حيتس" و"تامير" و"القبة الحديدية" بهدف تشكيل مظلة دفاع جوية ضد الطائرات والصواريخ على حد سواء.
وتتباهى إسرائيل بامتلاكها أفضل شبكة دفاع ضد الصواريخ في العالم على المستويات الدنيا والمتوسطة والعليا. وتم الإعلان عن أن غاية نشر هذه البطاريات هي الحفاظ أولاً على المنشآت الإستراتيجية في الشمال وخصوصاً خليج حيفا، الذي لا يزال يحوي أكبر خزانات للأمونيا التي قد تكون لإصابتها آثار كارثية على المنطقة.
ومع ذلك، فإن قيادات عسكرية إسرائيلية تحذر الجمهور من الركون تماماً إلى قدرات بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ، وتطالب بالالتزام بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية، التي تقضي باللجوء إلى الغرف محكمة الإغلاق والغرف الآمنة والملاجئ المعدة سلفاً.
وأمر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بصفته وزيراً للخارجية بإلغاء مؤتمر السفراء الإسرائيليين، الذي كان مقرراً افتتاحه يوم الأحد المقبل. ومعروف أن هذا مؤتمر سنوي للسفراء الإسرائيليين في 20 دولة مركزية في العالم لمناقشة مكانة الدولة العبرية ووضع التصورات لسياستها الخارجية.
وقال نتنياهو في ختام المداولات الأمنية إنه "استمرار لتقديرات المواقف الأمنية التي جرت اليوم، لا مبرر لتغيير روتين الحياة. ومع ذلك فإننا مستعدون لمواجهة كل الاحتمالات". وشدد على أن "الجيش الإسرائيلي مستعد لمواجهة كل تهديد وجاهز للرد بشدة على كل محاولة للمساس بمواطني إسرائيل".
وتوحي تقارير الخبراء العسكريين في إسرائيل أنه خلافاً لحرب العراق، ليست إسرائيل ملزمة هذه المرة بضبط النفس إذا تعرضت لهجمات من جانب سوريا أو "حزب الله". ويقولون إن التقديرات تشير إلى أنه إذا كانت الضربة الغربية محدودة، فإن سوريا و"حزب الله" لن يهاجما إسرائيل، ولكن احتمال هجومهما يزداد إذا كانت الضربة الغربية واسعة وقوية.
ويضيف الخبراء أن الرد الإسرائيلي لن يكون تلقائياً، فإسرائيل لن تهاجم في سوريا أو لبنان لمجرد تعرضها لهجوم إلا إذا كان هذا الهجوم واسعاً ومتواصلاً. ولكن بعض المعلقين يستذكرون أنه لا يمكن البناء على هذه التقديرات بسبب أن الاستخبارات الإسرائيلية قالت الشيء نفسه عن النظام العراقي وخشيته من ضرب إسرائيل.
ومع ذلك ليس مستبعداً أن تشارك إسرائيل في حمى الضربة الغربية لسوريا بضرب عدد من الأهداف التي لها مصلحة بضربها عن طريق استخدام طائرات من دون طيار. غير أن المشاركة الإسرائيلية مضمونة أصلاً عبر المعلومات الاستخبارية عموماً، وبنك الأهداف خصوصاً.


المصدر: السفير

اخبار ذات صلة