/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

أسرى غزة: آمال معلقة وحرية لا تثمن

2013/08/15 الساعة 11:02 ص

ظلّت والدة الأسير ضياء الآغا من مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة، والمعتقل منذ 22 عاماً والمحكوم بالسجن المؤبد، تنتظر قدوم رفقاء دربه الـ15 إلى غزة، وهي تقف بين جموع أهالي الأسرى وذويهم الذين احتشدوا أمام معبر بيت حانون («إيرز») مساء أمس الأول الثلاثاء، لعلها تسمع شيئاً يريح قلبها من أحدهم عن ابنها بالرغم من أنها متيقنة من أنه ليس ضمن قائمة الدفعة الأولى. ومع ساعات الليل الأولى بدأت حافلة أسرى غزة الـ15 من أصل 26 شملتهم الدفعة الأولى بالخروج من سجن «أيالون» في مدينة الرملة باتجاه معبر بيت حانون. ووصلت القافلة عند حوالي الساعة الواحدة فجراً، لتلقى استقبالا رسميا وشعبيا ضخما، رُفعت خلاله الأعلام الفلسطينية ورايات الفصائل، وعلت الأغاني الوطنية.
أما والدة الأسير الآغا فأصرّت على المشاركة في استقبال الأسرى لأنها تعتبرهم بمثابة أبنائها، كما أن وجودها بين ذوي وأهالي الأسرى يغذي الأمل لديها بعودة ابنها ضياء، وليس هو فقط بل ابنها محمد أيضاً المعتقل منذ العام 2003، والمحكوم 12 عاماً.
وتوضح أم ضياء التي لم تمل من المشاركة في الوقفات التضامنية مع الأسرى، في حديثها إلى «السفير»، أن ما تقوم به هو واجب وطني، يجب على الجميع أن يجسده تجاه قضية الأسرى الفلسطينيين الأبطال. وأشارت إلى أنها وصلت منذ ساعات المساء الأولى إلى معبر بيت حانون لاستقبالهم وهي فرحة بذلك، لأن «الأسرى كلهم أبنائي وأنا فرحة بالإفراج عن أي أسير من ظلم السجون وعتمة الزنازين، وعلينا ألا نقطع الأمل بأن الإفراج عنهم حتماً قريب».
يذكر أن قوات الاحتلال اعتقلت الأسير ضياء الآغا في العام 1992، وحكمت عليه بالسجن المؤبد بعدما اتهمته بقتل مستوطن في مجمع «غوش قطيف» الاستيطاني في جنوب قطاع غزة، ومن المقرر أن يفرج عنه في الدفعات المقبلة في إطار الاتفاق الفلسطيني – الإسرائيلي.
لم يتوقع الأسير المحرر علاء الدين أبو ستة أن تشمله الدفعة الأولى، لكن طوال سنوات سجنه حافظ على إيمانه بالإفراج برغم كل معاناته داخل الأسر على مدار 20 عاماً، سواء من الممارسات القمعية والاعتداءات التي تمارسها مصلحة السجون الإسرائيلية، وحتى من التنقل من سجن إلى آخر طوال هذه المدة.
ويقول المحرر أبو سته لـ«السفير» إنه «بصدق لم أكن أتوقع أن يكون اسمي ضمن قائمة المفرج عنهم في الدفعة الأولى، فالأمر بالنسبة لي ربما صعب إذ انني محكوم بالسجن المؤبد، لكن الإرادة والعزيمة الفلسطينيتين أقوى من جبروت الاحتلال الذي طالما عذبنا ومارس علينا أبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي داخل السجن».
وعن تلقيه نبأ وجود اسمه في الدفعة الأولى، يروي أبو ستة «كنت نائماً وكانت الساعة تقريباً الثالثة عصراً، فجأة استيقظت على أصوات تهليل وتكبير رفاقي في الغرفة والبالغ عددهم عشرة أسرى، يخبرونني بأن اسمي من بين الذين سيفرج عنهم، حينها استيقظت ولم أتمالك نفسي وأخذت بالبكاء والضحك في ذات الوقت، فأنا سأترك أحبة وأصدقاء عشت معهم سني عمري خلف الأسر». ويتابع «عندما وصلت إلى غزة، شعرت بإحساس لم ينتبني من قبل، والأكثر من ذلك حين رأيت أهلي وأمي واخوتي وعانقتهم، لحظات صعبة جداً فقد امتزج الفرح بالبكاء عندما بدأوا يعانقونني، وفعلاً هذا هو طعم الحرية التي لا تقدر بثمن».
ووجه الأسير المحرر أبو ستة، رسالة إلى رفاقه في سجون الاحتلال، بأن يبقوا على عهد الصمود والصبر والتحدي، فالفرج قريب ما بقيت العزيمة الفلسطينية لإنهاء الاحتلال وتحرير كافة الأسرى.
وحول ما سيقوم به بعد الافراج عنه، يوضح أبو ستة أنه «في السجن حاولت دراسة العلوم السياسية في احدى الجامعات لكن الاحتلال منعني، والآن هذه فرصتي لأكمل الدراسة والتحق باحدى جامعات غزة برغم أنف الاحتلال الذي حرمني إياها».
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت أبو ستة بداية العام 1994، وأصدرت عليه حكماً بالسجن المؤبد، أمضى منها 20 عاماً متنقلاً بين السجون والمعتقلات بتهمة قتل جنديين إسرائيليين في مدينة خان يونس.
من جهته، أكد الباحث في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة أن الإفراج عن أي أسير فلسطيني يعد انجازاً وطنياً فلسطينياً وخصوصاً الأسرى القدامى، داعياً الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى متابعة الإفراج عن الباقين في إطار المفاوضات كضرورة ملحة.
وفي حديث إلى «السفير»، لفت فروانة إلى ضرورة أن يطالب المفاوض الفلسطيني بالافراج عن كافة الأسرى القدامى دفعة واحدة ومن دون تجزئة، داعياً إلى تشكيل لجنة فلسطينية تضم خبراء ومختصين لمساندة المفاوض، ومتابعة قضية الأسرى وملفاتها المتعددة.
وشدد فروانة على أن المفاوض الفلسطيني وقع في أخطاء كثيرة منذ توقيع اتفاقية أوسلو، مشيراً إلى أنه يجب تداركها وخصوصاً في آليات التعامل مع ملف الأسرى، وذلك لتفادي ما حصل في الدفعة الأولى حيث منحت إسرائيل نفسها الحق في اختيار الأسماء، وبالتالي استبعاد أسرى القدس وأراضي الـ48.
ليلة تاريخية شهدتها الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، بعدما استقبلت من سطروا بصمودهم أروع قصص الصبر والتحدي.

 

المصدر: السفير

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/40032

اقرأ أيضا