يشعر كثير من التجار في الضفة الغربية بالإرباك مع وقفة عيد الفطر، مع إحساس بخيبة الأمل من هذا الموسم لأسباب قديمة وأخرى جديدة. كما يشاركهم أصحاب المتنزهات وأماكن الترفيه الذين لا يتوقعون موسمًا جيدًا هذا العام.
ويقول وليد أبو المجد وهو صاحب متنزه أن الأعياد تشكل في العادة موسمًا رئيسيًا يعوض فترات الركود السنوية، ولكننا خفضنا سقف التوقعات لهذا العام بفعل الأعداد الكبيرة من التصاريح التي منحتها سلطات الاحتلال خلال شهر رمضان والتي تمتد حتى نهاية عطلة العيد.
وأضاف أنه من يستطيع الدخول للأراضي المحتلة عام 48 بالتأكيد لن تكون متنزهات الضفة مقصده الرئيسي، كما أن كثيرًا من المواطنين أنفقوا معظم أموالهم التي خصصوها للعيد خلال هذه الزيارات.
وأردف: أن الأوضاع بالكاد تكون مقبولة بدون هذه التصاريح فكيف وقد سمح الاحتلال لعشرات الآلاف بالحصول عليها استثنائيًا.
الحال من بعضه
وتوافق التاجر منجي شعبان مع هذا التوجه، مؤكدًا أن حال الأسواق كما حال المتنزهات؛ فكثيرون إما تسوقوا خلال رحلاتهم بالداخل والقدس أو أنهم استنزفوا ماديًا بعد أن شعروا أن فرصة تنزهم في الداخل قد لا تتكرر مرة أخرى.
وأشار إلى أن ذلك جعل كثيرا من التجار مترددين في جلب مزيد من البضائع سيما على صعيد الألبسة، ولكن الأسواق متوسطة حتى الآن، وبالتأكيد فإن التصاريح التي منحت للداخل ليست السبب الرئيسي.
وقال المحلل الاقتصادي عادل سمارة تعقيبا على آثار التصاريح التي منحت خلال رمضان إن "الاحتلال يلعب بنا وكأننا في مصيدته يصيدنا وقتما شاء، فهو الرابح الأول والأخير على المستوى السياسي والاقتصادي".
وأكد سمارة أن الاقتصاد الفلسطيني مرتبط بالاقتصاد "الإسرائيلي" وتابع له، وكل هذه التسهيلات ودخول الفلسطينيين تصب في بركة المال "الإسرائيلية" وتدعم اقتصادها بالدرجة الأولى، لأننا نحن دائما المستهلكين، عدا عن محاولة "إسرائيل" امتصاص غضب الشارع الفلسطيني ويأسه من الواقع الصعب.
الغلاء يفسد فرحة العيد
ولئن كانت تلك حسابات التجار فإن حسابات المواطنين تختلف فقد أرهقهم الغلاء حتى بات تدبرهم لاحتياجات العيد بالكاد يقتصر على الأساسيات.
وقال المواطن محمد الشيباني إن راتبه الذي قبضه قبل أيام قد يصرفه بالكامل على متطلبات العيد؛ فكيلو لحم العجل ب58 شيقل؛ وأقل طقم ملابس لبنت نخب متوسط ب200 شيقل ومثلها للأولاد، عدا عن الأحذية والحاجيات الأخرى.
وأكد أن الأسعار لا تطاق ولم تعد تتناسب بتاتا مع مستويات دخل غالبية المواطنين والتي تقل عن 3000 شيقل شهريا؛ فالقيمة الشرائية للعملة تآكلت فيما الرواتب ثابتة.
ويستدرك شيباني قائلا: ولكني هذا لا يعني أننا لن نعطي العيد حقه، ونفرح أطفالنا ضمن إمكانياتنا على الرغم من أننا نعيش تحت ضغط كبير.
وأضاف "الأطفال لا يفهمون المعادلات التي نتحدث بها، فهم لا يفهمون العيد إلا من خلال الملابس والعيديات والألعاب والرحلات".
وفي ذات الشأن، يشير المحلل سمارة إلى ارتفاع الأسعار العالمي الذي يؤثر بشكل مضاعف على الاقتصاد والأسعار الفلسطينية، وعلى ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي يضع المواطن الفلسطيني تحت وضع اقتصادي ومعيشي صعب جدا، وخاصة في ظل الاستغلال من بعض التجار.
وأشار سمارة إلى أن جزءا من مشكلة العائلات الفقيرة في هذه المناسبات أن الحكومة لا تملك برامج وخطط لتقديم المساعدات لها، وهذا أصلا لم يكن ضمن سياساتها الاقتصادية واهتماماتها، وهي لا تؤمن بذلك.
وأضاف أن السلطة تعتمد سياسية السوق المفتوح، فالضرائب التي تجنيها السلطة تتضاعف، ولا أسعار مضبوطة ما يدعوا إلى الفلتان فيها، وينتشر الثراء السريع للتجار جراء هذه السياسة، وهذا كله يحتاج إلى رقابة وقوانين أكثر من الموجودة حاليا
صفا