تشهد أسواق مدينة القدس المحتلة عشية عيد الفطر السعيد حركة تجارية بطيئة وتراجعًا في أعداد المتسوقين نتيجة الإغلاقات الإسرائيلية، وجدار الفصل العنصري، وكذلك تدهور الأوضاع الاقتصادية للمقدسيين.
وحرم الوضع الاقتصادي السيء وزيادة معدلات البطالة والفقر بالمدينة العديد من المواطنين من شراء مستلزمات العيد، فيما يعاني التجار الذين ينتظرون الأعياد والمناسبات الدينية بفارغ الصبر من أجل تعويض خسائرهم التي يتكبدونها خلال العام، من إجراءات إسرائيلية مشددة تستهدف ضرب مصالحهم التجارية.
وحسب تقرير أصدرته جمعية حقوق المواطن في "إسرائيل"، فإن 80% من سكان القدس يعيشون تحت خط الفقر، كما أن الجدار أدى لتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية أصلًا للسكان.
حركة ضعيفة
ويصف محمد أبو غربية صاحب محال لبيع الأحذية في شارع صلاح الدين القوة الشرائية بأنها ضعيفة جدًا، حيث لا يوجد إقبال من قبل المواطنين على الشراء، نظرًا لغلاء الأسعار، وظروفهم الاقتصادية الصعبة.
ويقول إن غالبية المقدسيين يلجؤون إلى التسوق من "البسطات" المنتشرة في الشارع، لأن البضائع هناك تُباع بأسعار أقل من المحال التجارية، مبينًا أن البضائع متوفرة بشكل كبير في الأسواق، ولكن الحركة لا تتناسب مع حجم الموسم المعتاد قبل العيد.
ويُبدي أبو غربية استياءً شديدًا من إجراءات الاحتلال بحق التجار، قائلًا إن" بلدية الاحتلال تشن حملة شرسة تستهدف ملاحقة التجار ومحالهم التجارية، وتفرض عليهم ضرائب مرتفعة من أجل ضرب الحركة التجارية بالمدينة، ودفع التاجر إلى إغلاق محله".
ويتخوف التجار بشدة من كساد بضاعتهم نتيجة الركود التجاري الذي تشهده أسواق المدينة، مما ينذر بكوارث اقتصادية عليهم، خاصة أن جلبها يكلفهم مبالغ باهظة.
ويرى رجل الأعمال سامر نسيبة أن هناك إقبالًا من قبل المقدسيين على شراء احتياجات العيد، ولكن ليس بالشكل المطلوب، نظرًا لظروفهم الصعبة.
ويشير إلى أن قدرة المقدسي على شراء كافة مستلزماته ضئيلة بسبب حالة الفقر وقلة الدخل، فهو يقتصر على الاحتياجات الأساسية فقط، لافتًا إلى أن هناك مقدسيين يلجؤون إلى التسوق من غربي القدس، لأن الأسعار هناك مناسبة.
ويقول "مع ازدياد عدد التصاريح التي منحتها "إسرائيل" لسكان الضفة الغربية توقعنا أن تتضاعف الحركة الشرائية بالمدينة بشكل كبير، ولكن لم يحدث ذلك، بل شهدنا تحسنًا نسبيًا، لا يُقارن بالأعوام السابقة".
ويرجع نسيبة ارتفاع أسعار البضائع إلى وجود التزامات عديدة على التجار منها فرض ضرائب على محالهم التجارية، وارتفاع الايجارات، وكذلك تسديد فواتير الكهرباء.
شلل اقتصادي
ولم يكن حال التاجر ماهر طه، صاحب محل لبيع الملابس بأفضل من سابقيه، فهو الآخر يشتكي من الركود الاقتصادي بالأسواق، والذي ألقى بظلاله على واقع التجار الذين يواجهون وضعًا صعبًا بفعل ممارسات الاحتلال.
يقول طه إن الإغلاق الإسرائيلي ومنع أهالي الضفة الغربية من الدخول للقدس أثر بشكل كبير على الحركة التجارية، وسبب شللاً في الاقتصاد، مبينًا ان عملية الشراء أصبحت تقتصر فقط على سكان المدينة المقدسة.
ويضيف أن القوة الشرائية عشية العيد شبه معدومة، بسبب عدم توفر الدخل لدى المواطنين، كما أن هناك من يبحثون عن بضائع تتناسب أسعارها مع مستوى دخلهم، وهناك من يترددون على حملات التنزيلات.
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تضع عراقيل كبيرة أمام المقدسيين والتجار، بهدف تهجيرهم من مدينتهم، والحد من تحركاتهم عبر إغلاق الطرق ونصب الحواجز العسكرية، وفرض ضرائب على البضائع.
ويلفت إلى أن التجار الإسرائيليين غربي القدس يحتكرون السوق، ويبيعون بأسعار مخفضة، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على التجار المقدسيين وحركة الشراء، مطالبًا في ذات الوقت بدعم التجار المقدسيين، والوقوف إلى جانبهم للتخفيف من معاناتهم.
احتكار إسرائيلي
ويرجع مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري ضعف الإقبال على الأسواق سواء من أهل الضفة أو الداخل المحتل أو القدس إلى سوء الوضع الاقتصادي وقلة الدخل، وبالتالي فهم يقتصرون فقط على شراء الحاجات الضرورية.
ويبين أن كل التقارير الاقتصادية تشير إلى عدم وجود أي تحسن في الحركة التجارية، مبينًا أن نسبة الفقر بالمدينة المقدسة تتعدى الـ80%، وهي نسبة غير مسبوقة، ما ينعكس سلبًا على الوضع الاقتصادي سواء للأسرة أو التاجر.
ويؤكد على ضرورة إيجاد آليات جديدة لدعم التاجر المقدسي وتقديم المساعدات له، وكذلك مواجهة كافة المؤامرات الإسرائيلية بحقه، حتى يستطيع الصمود والبقاء بالمدينة، وتغطية كافة مستلزماته.
بدروه، يقول مدير الغرفة التجارية الصناعية العربية السابق عزام أبو السعود إن لجوء المقدسيين إلى شراء مستلزماتهم من الأسواق الإسرائيلية أثر على اقتصاد المدينة بشكل خاص والاقتصاد الفلسطيني بشكل عام.
ويشير أبو السعود إلى أن "إسرائيل" استغلت تصاريح أهالي الضفة لدخول القدس من أجل توجيههم للشراء من مراكز التسوق التابعة لها وبأسعار مناسبة وببضائع جودتها عالية وماركات مختلفة، الأمر الذي ضرب الحركة التجارية.
ويضيف" كنا نأمل أن تكون الحركة الشرائية خلال رمضان وقبيل العيد بأفضل مما كانت عليه سابقًا، خاصة أن التجار ينتظرون تلك المواسم من أجل تعويض خسائرهم الاقتصادية".
وكالة صفا