/منوعات/ عرض الخبر

الحوار القرآني بين التفسير والتبصير / ابراهيم الباش

2013/08/04 الساعة 10:21 ص

قراءة: إبراهيم الباش
المؤلف: أحمد سنبل
الطبعة الأولى: 1998 – دار هانئ للدراسات والنشر – دمشق

الحوار القرآني كان يهدف وما يزال إلى صنع جيل خالص القلب والعقل من أي مؤثرٍ خارجي غير المنهج الإلهي، فهو يخاطب فطرة الإنسان، من أجل إنقاذه من الركام وتنقيته مما علق بفطرته من شوائب وعوائق تحول دون بناء الغاية العقيدية لدى الإنسان، وكم نحن بحاجة – ولا سيّما في هذا العصر، إلى حوارٍ يتخذ شكل المواجهة الحيّة للسدود والمعوّقات يخاطب الكينونة البشرية وهي ترسف في خضم هذا الواقع.

وقد سار الحوار القرآني في جميع مراحل خطوات البناء على مهلٍ وعمق وتثبيت، وقد كان هدفه هذا (الإنسان) الذي يتولّى الخلافة عن الله بعبادة الله، ويعيش القيم والأخلاق التي قرّرها الله من غير تهديمٍ لبنائه الإنساني ومن غير تربيت على الشهوات والنزوات.

والكتاب الذي بين أيدينا (الحوار القرآني بين التفسير والتبصير) كتابٌ هام في بابه ،حيث استطاع المؤلف الأستاذ أحمد سنبل أن يقف عند مقاصد الحوار القرآني وكيف جاء ليرصد الأفكار ويناقش طبيعتها بوعيٍ عميق، وكيف كانت تتمّ الحوارات القرآنية لكي تحقق عنايتها في جعل الإنسان الرفيع النقي النظيف يعيش حياة اليقين الإيماني كي يكون أهلاً لرسالة الله في الأرض.

يقوم الكتاب على مقدّمة تناولت مزايا الحوار القرآني، وغاياته ومقاصده وأهميته في ترسيخ العقيدة في قلب الإنسان ليكون خليفة الله في أرضه.

وبعد المقدّمة يدخل الكاتب في الحوارات القرآنية ودراستها في القرآن الكريم سورةً سورةً بدءاً من سورة البقرة وانتهاء بسورة الفجر.

ثم ينتهي الكتاب بخاتمة يليها ثبتٌ للمصادر والمراجع التي كانت عوناً للكاتب في بحثه.

يتناول الباحث الحوارات الواردة في كل سورة مركزاً على أهمية الحوار ومحوره والغاية منه ، مع ذكر فوائد تفسيرية في ثنايا الحوارات القرآنية، والتركيز على الحوارات التي كثرت في القرآن الكريم وتكرّرت بأساليب وطرائق مختلفة كحوار موسى عليه السلام مع بني إسرائيل، ذلك الحوار الذي تكرر وتناثر في أماكن مختلفة ومتفرّقة من القرآن الكريم وهو حوار لقصّة واحدة، وفي كل موقع يتناوله من هذه الحوارات وما يتناسق وسياق السورة، فيتساءل الباحث ههنا لماذا تكررت هذه الحوارات مع بني إسرائيل بالذات في مواقع متناثرة من القرآن الكريم؟

يردّ الباحث ذلك إلى أسباب منها:
1)أنهم كانوا حرباً على المسلمين منذ اليوم الأوّل لظهور الدين الإسلامي.
2)لتبنيهم المنافقين في المدينة المنورة وإعانتهم ليكيدوا للمسلمين.
3)تحريضهم للمشركين، وتآمرهم معهم على المسلمين.
4)إثارتهم الشكوك في العقيدة الإسلامية.
5)و من جهة أخرى فإن دين بني إسرائيل قد امتدّ فترة طويلة، نقضوا خلاله عهد الله وميثاقه عدة مرّات فانعكس ذلك على أخلاقهم وحياتهم فقست قلوبهم وتربّصوا بالدين الإسلامي.

من أجل ذلك كلّه لا بدّ من التبصّر بهويّة هؤلاء اليهود كما لا بدّ من معرفة الطرق الملتوية التي يلجؤون إليها، والحوار معهم في القرآن الكريم جاء ليعرض للأمة الإسلامية تلك الالتواءات التي مارسها هؤلاء للتبصّر وأخذ العبرة فلا دين بعد هذا الدين ولا رسالة بعد رسالة خاتم المرسلين، فهذه الأمّة ولدت لتكون راسخةً قائدةً لجميع الأمم ودينها خاتمة الأديان.

ثم يعرض الكاتب تفاصيل هذه الحوارات مع بني إسرائيل ويقف عند لطائف لغوية وفكرية ونفسية وعقيدية في تلك الحوارات.

بمثل هذا النموذج عرض المؤلف الحوارات القرآنية في سور القرآن الكريم محللاً من خلال تلك الحوارات بعض الظواهر النفسية والمواقف الحرجة بلغةٍ محبّبة فيها إطلال للتأمل نحو تلك الآيات الكريمة، والقناعة بعظمة هذا الكتاب المنزّل، واتخاذ حواراته منهجاً متكاملاً في الحوار الهادئ الشفّاف الذي لا يقصد من ورائه مجرّد الجدل والمناظرة إنما غاياته سامية ومقاصده نبيلة من أجل إحياء ما غاب من الفطرة في عالمٍ متبدّل ليكون ذلك مصداق قوله تعالى:
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/39292

اقرأ أيضا