دراسة: حجم الخسائر الاقتصادية بلغ 230 مليون دولار
مصدر: 40% من إيرادات الحكومة مصدرها ضرائب الأنفاق
محلل: ما يدخل المعابر الرسمية لا يكفي 30% من الاحتياجات
انعكست الهجمة المصرية الشرسة على الأنفاق الأرضية أسفل الحدود مع جمهورية مصر العربية، على الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، وبدأت مظاهر ارتفاع الأسعار وندرة وجود بعض البضائع تطفو على السطح، مع إغلاق أكثر من 85% من هذه الأنفاق.
وأحدثت العراقيل والإجراءات المصرية الجديدة، تضييقا حادا في عملية نقل البضائع المهربة عبر الأنفاق، بل توقفت معظمها تماماً، الأمر الذي ينذر بعودة القطاع إلى مربع الحصار الأول.
وتعد الضرائب والجمارك التي تجنيها حكومة غزة من البضائع الواردة عبر الأنفاق، مصدراً رئيسياً لميزانيتها وتغطية مصاريفها الجارية وتسديد رواتب موظفيها، بعد تراجع التمويل الخارجي، في الوقت الذي لا تستطيع فرض ضرائب على معظم البضائع المستوردة عبر المعابر الرسمية كون جماركها تذهب إلى السلطة الفلسطينية في رام الله.
وكان لعزل محمد مرسي من قبل الجيش المصري أثره على حركة التجارة عبر الأنفاق، وعلى حياة التجار والعاملين فيها، حيث أصبحت مهنة التهريب عبرها أمرا في غاية الصعوبة- وفق المواطن جميل بدرس، صاحب نفق في مدينة رفح.
وقال بدرس: السلطات المصرية تشن حملة كبيرة للقضاء على الأنفاق التي تعد الشريان الرئيسي للحياة في قطاع غزة، ومصدراً هاماً للانتعاش الاقتصادي وتلبية احتياجات المواطنين"، مشيراً إلى أن نفقه توقف عن العمل تماماً وبات أكثر من 30 عاملاً لديه عاطلين عن العمل.
وأوضح أن نفقه مخصص لنقل البضائع الغذائية وأحيانا يهرب الأسمنت، وأضاف: "هناك 4 شاحنات محملة بالإسمنت مدفوع الثمن ولا تزال عالقة لدى الجانب المصري بسبب هدم السلطات المصرية للنفق".
وأردف بدرس:استمرار الوضع على ما هو عليه يعني أننا سنعود إلى ذروة الحصار (الإسرائيلي) عندما كنا نتمنى أن نرى كيس دقيق أو أسمنت"، منوهاً إلى أنه تفاءل خيراً بعدما فاز عضو جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي بالحكم كونها جماعة إسلامية ترفض حصار غزة.
وتابع: نحن كتجار أنفاق لا نرغب في الاستمرار بهذه المهنة غير الشرعية، ولكن لطالما لا يوجد معبر تجاري بين مصر وغزة، فإن مهنتنا تصبح شرعية لعدم وجود خيار بديل"، مؤكداً أن حل مشاكل الوضع التجاري مع قطاع غزة سينهي كافة مظاهر الأنفاق.
دراسة اقتصادية
ووفقاً لدراسة أعدتها وزارة الاقتصاد في حكومة غزة، ونشرت مؤخراً، كشفت عن حجم خسائر القطاع الاقتصادية التي تعرض لها نتيجة إغلاق الأنفاق، وقالت الدراسة: إن حجم الخسائر الاقتصادية في قطاع غزة بلغ 230 مليون دولار منذ أحداث الثلاثين من يونيو الماضي في مصر وحتى الآن".
وأوضحت الدراسة أن أكثر من 80% من الأنفاق تم تدميرها، ما أدى إلى فقدان أكثر من 170 ألف فرصة عمل لمدة شهر في كافة القطاعات نتيجة لعدم توفر الوقود وتدفق المواد اللازمة لتشغيل المنشآت الصناعية.
ولفتت الدراسة إلى أن الجزء الأكبر من اقتصاد القطاع معطلّ، منذ بدء الأحداث الأخيرة في مصر، كما أن قدرة الإنتاج في القطاعات الزراعية، والصناعية باتت محدودة، مشيرةً إلى أن إغلاق الأنفاق شل حركة البضائع والواردات التي تشكل أكثر من 50% من احتياجات قطاع غزة.
ويبلغ عدد الأنفاق بين قطاع غزة ومصر نحو 1200 نفق يعمل فيها أكثر من 7 آلاف شخص.
ضرائب الأنفاق
مصدر فلسطيني مطلع على المصادر المالية لحكومة غزة -رفض الكشف عن اسمه- أكد أن الحكومة تعتمد بشكل كبير على ما يصب في خزنتها من أموال عن طريق فرض الضرائب والجمارك على البضائع التي تمر عبر الأنفاق.
وقال المصدر: إيرادات الضرائب المفروضة على البضائع الواردة عبر الأنفاق، تشكّل حوالي40% من مجموع إيرادات حكومة غزّة التي تستخدمها في تسديد رواتب الموظفين ومصروفاتها الشهرية".
وكشف المصدر أن حكومة غزة تجني ما يقارب 30 مليون شيكل شهرياً كضرائب على الوقود المهرّب من مصر إلى القطاع، فيما تجني ما يقارب من مليون و400 ألف شيكل من دخول 70 ألف طنّ شهرياً.
وبيّن أن جزءا من هذه الإيرادات تساهم بشكل كبير في تغطية رواتب الموظفين في حكومة غزة البالغة نحو 150 مليون شيكل، موزعة على 42 ألف موظف مثبت و5 آلاف يعملون تحت بند التشغيل المؤقت.
ولفت النظر إلى أن استمرار الوضع عما هو عليه سيجر الأوضاع الاقتصادية إلى منحنى خطر للغاية، كما يهدد بعودة ارتفاع نسبة البطالة إلى أعلى المستويات بعد توقف أكثر من 20 ألف عامل فلسطيني في مجال البناء والإنشاءات عن العمل.
المعابر غير كافية
من جانبه، أكد المحلل الاقتصادي عادل سمارة، أن ما يدخل عبر المعابر الرسمية التي تشرف عليها دولة الاحتلال (الإسرائيلي)، لا تكفي احتياجات القطاع فضلاً عن عدم السماح بمرور بعض المواد مثل مواد البناء، مشيراً إلى أن نسبة ما يدخل للقطاع من المعابر لا يتعدى أكثر من 30% من احتياجات السكان.
وقال سمارة: "إذا كانت مصر تعتبر الأنفاق خطراً أمنياً عليها، فلماذا لا تفتح معبراً تجارياً مع غزة؟ وفي ذلك مصلحة كبيرة لمصر وسيدر عليها أموالاً طائلة"، مطالباً الجهات المصرية بتوفير هذا البديل.
وبيّن أن توقف عمل الأنفاق لم يؤثر فقط على الحركة التجارية في القطاع، بل وضع الحكومة في ضائقة مالية بسبب تراجع حجم البضائع وقيمة الجمارك والضرائب التي تحصلها من خلالها.
وأكد المحلل الاقتصادي أن الأزمة السياسية المصرية ألقت بظلالها على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزّة، وعملت على تعطيل حركة الإنتاج والأموال ونقص في الواردات وحركة الاستثمار.
واختتم سمارة حديثه بالقول: إن الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها الأراضي الفلسطينية تتطلب توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام والعمل وفق خطة إستراتيجية موحدة لتجاوز كافة العقبات أمام مسيرة القضية الفلسطينية"، مشدداً على ضرورة تجاوز الخلافات الحزبية والشخصية لأجل مصلحة الوطن.
المصدر: صحيفة الاستقلال