بتكليف محمود عباس، رئيس جامعة النجاح رامي الحمد الله بمهمة تشكيل الحكومة الفلسطينية الخامسة عشر خلفاً للحكومة الحالية في الضفة الغربية ينتهي دور رئيس الوزراء السابق سلام فياض، ويبدأ الأكاديمي حمد الله مشاورته لتشكيل حكومة لم تشهد تغييرا جذريا في معظم الوزراء الحاليين، وستعمل على تسيير أعمال حتى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وحتى ذلك الحين... سيظل الدوران في فلك الانقسام مستمرا ليعاني منه الفلسطينيون المزيد والمزيد.
وجاء التكليف رغم اعتراض الفصائل الفلسطينية والمراقبين والمحليين السياسيين، بعد استقالة حكومة فياض التي فشلت في إدارة الوضع العام للسلطة، بالتزامن مع وصول المصالحة الفلسطينية إلى مفترق طرق صعب، حيث رأى محللون سياسيون، في خطوة السلطة الأحادية إمكانية القضاء على حلم المصالحة المنتظرة منذ عدة سنوات.
وقال الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين، إن مجرد تشكيل حكومة جديدة، يعني ذلك في واقع الحال، بأنه لا يوجد رهان على إمكانية حدوث اختراق في ملف المصالحة، وخاصة في ظل رهانات على تحرك سياسي أمريكي قد ينعش الآمال بالعودة إلى عملية تفاوضية.
واعتبر المحلل السياسي شاهين أن الإشكالية لا تكمن في اختيار شخوص الحكومة وإنما في برنامجها لأنها امتداد لحكومة فياض".
وكان رئيس الوزراء المكلف أكد بعد يوم من تكليفه، أن هذه الحكومة ستكون استمرارا للحكومة السابقة وأنه بدأ بالمشاورات لتشكيلها مع الإشارة إلى أن معظم الوزراء السابقون سيحتفظون بمناصبهم.
وقال شاهين:" لا أرى أن هناك صعوبات في تشكيل الحكومة، وخاصة ان عدد من الوزراء السابقين في حكومة فياض سيواصلون الاحتفاظ بحقائب وزارية، كما انه غير مضطر لوضع برنامج وزاري جديد لأنه هذه الحكومة جاءت تحت ضغط اللحظة، بسبب استقالة فياض ليس تعبيرا عن الحاجة بوضع جديدة لهذه الحكومة.
وأضاف أن الحكومة هي حكومة الرئيس وستنفذ برنامج الرئيس وهي بتشكيلتها ستكون أقرب ما يكون لمجلس الموظفين الذي ينفذ سياسة عباس.
وفيما يتعلق باختيار د.الحمد لله كشخصية لرئاسة الوزراء لفت شاهين إلى أن السلطة تتجه منذ فترة لاعتماد النظام الرئاسي في الحكم وليس النظام المختلط ولربما كانت الأزمة الأخيرة ما بين الرئيس ورئيس الوزراء السابق فياض، تعبير عن ازدياد الحسم اتجاه تعزيز النظام الرئاسي وتعزيز الصلاحيات بيده.
وكان "الحمد الله" هو الأقوى بين عدد محدود من الأسماء كان يتم تداولها خلال الأسابيع الماضية بعد تقديم فياض استقالته وإصراره على عدم الاستمرار في تسيير الأعمال والذي ترافق مع تأجيل قضية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وفق اتفاق الدوحة.
وقالت مصادر مطلعة، إن تشكيل الحكومة سيتم بسرعة، وأن الاتجاه الغالب هو احتفاظ الأغلبية الساحقة من الوزراء الحاليين بمناصبهم.
وأشارت إلى احتمال تعيين نائبين لرئيس الوزراء، أحدهما للشؤون الاقتصادية هو د.محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار، والآخر هو د.زياد ابو عمرو وزير الخارجية السابق، كما أشارت إلى ان اسم شكري بشارة الذي عمل عقوداً في المجال المصرفي وخاصة في البنك العربي يتردد بقوة ليصبح وزيراً للمالية.
كما ان ماجدة المصري وزيرة الشؤون الاجتماعية لن تكون في التشكيل الجديد لأن الجبهة الديمقراطية التي تنتمي إليها قررت عدم المشاركة في الحكومة الجديدة.
حكومة غير قانونية
وأكد النائب الثاني في المجلس التشريعي حسن خريشة، أن أي حكومة فلسطينية مهما كانت ومهما كان شخوصها لا تعرض على المجلس التشريعي هي حكومة غير قانونية وفق القانون الأساسي.
وقال خريشة: إن القانون الأساسي يمنع رئيس الوزراء والوزراء ممارسة أي عمل ما لم يتم حصولها على الثقة كشخوص وبرنامج من المجلس التشريعي.
وأضاف النائب الثاني في المجلس التشريعي أن تشكيل حكومة جديدة بدون توافق وطني يعني ذلك تعميق الانقسام الذي يعاني منه شعبنا منذ سنوات. معتبراً أن الحمد لله وضع نفسه في ورطة كبيرة عندما قبل برئاسة هذه الحكومة.
وشدد خريشة على أن حكومة لم تنل ثقة المجلس التشريعي تعني خسارة الجهد والأمل في رأب الصدع الفلسطيني بالضفة الغربية وقطاع غزة، ولهث وراء سراب المفاوضات لن يأتي بجديد لمشروع التسوية المنهار منذ 13 عاماً.
تكليف غير شرعي
فيما اعتبرت حركة "حماس" الأحد تكليف "الحمد الله" تكليفا "غير شرعي"، مطالبة بتشكيل "حكومة كفاءات وطنية بموجب إعلان الدوحة واتفاق القاهرة" اللذين رسما خريطة طريق لتحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس لكنهما لا يزالان حبرا على ورق.
وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم إن الحكومة التي سيشكلها الحمد الله هي "غير شرعية وغير قانونية كونها لن تعرض على المجلس التشريعي" المعطل منذ الانقسام الفلسطيني منتصف 2007، مضيفاً، "هذا استنساخ لتجارب سابقة وتشكيلات قام بها أبو مازن لن تحل المشكلة ولن تحقق الوحدة كونها لم تكن نتيجة للمصالحة أو تطبيقا لاتفاق القاهرة".
واشنطن تبارك
وكان وزير الخارجية الامريكي جون كيري اتصل الليلة الماضية برئيس جامعة النجاح رامي الحمد الله بمناسبة تكليفه بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة التي ستحل محل حكومة سلام فياض.
وقال كيري إن هذا التعيين يتم في فترة تشهد التحديات واصفا اياه مع ذلك بفرصة.
فيما وصف مصدر (إسرائيلي) رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد بأنه ذو ميول معتدلة وبراغماتية متوقعاً أن يواصل اتباع سياسة سلفه.
وبحسب التأكيد الرسمي فمن المتوقع أن ترى الحكومة الجديدة النور مساء اليوم الخميس لتضم 24 وزيرا، حيث ستبقى مسؤولياتها تثير الجدل في الشارع الفلسطيني حتى تشكيل حكومة الوفاق الانتقالية بموجب آخر اتفاق بين حركتي فتح وحماس في القاهرة.
المصدر: صحيفة الاستقلال