لم يكن موضوع "تبادل الأراضي" مجرد فكرة ولدت أمس، ولم يكن الحديث عنه من محض الصدفة، أو الكي كآخر الدواء لانسداد أفق المفاوضات بين الجانب الصهيوني والسلطة الفلسطينية، أو لتعثر إحياء "حل الدولتين"، أو لعدم توفير الوطن البديل الذي طرح سابقا، أو لفشل مشروع الكونفدرالية بين الأردن والسلطة الفلسطينية، ومشروع المنطقة الحرة بين غزة والجانب المصري، بل هو مشروع قديم عاد ليرتدي ثوب الحاضر. فتبادل الأراضي، إن لم يكن فكرة طرحت في الثمانينات والتسعينيات، فإنما هو طرح لازم مباحثات عام 2000، عندما استعذرت السلطات الصهيونية عن تفكيك كامل المستوطنات من مناطق الضفة الغربية، مقترحة تبديلها بمناطق صحراوية غير مأهولة بالسكان.
إعلان لجنة مبادرة السلام العربية عن مشروع تبادل الأراضي لم يروِ ظمأ رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، ولم يشبِع نهمه أبدًا تجاه التنازلات العربية والفلسطينية المستفيضة، التي تقدم له أثمن التنازلات دون ثمن، علما أن الاحتلال الصهيوني هو أرخص احتلال في العالم، بل طالب الوفد العربي بالاعتراف بيهودية الدولة. نتنياهو الذي اكتفى بالصمت، لم يشأ أن يغامر بالتفوه بأية كلمة، خوفا أن يصيغ المحللون والإعلاميون من كلماته نتيجة مفادها: "نتنياهو قبل بحل الدولتين، واعترف بحدود الـ 67".