تظهر التهديدات الصهيونية بشن عدوان جديد على قطاع غزة، مدى القلق الصهيوني من تنام قدرات المقاومة الفلسطينية، فضلاً عن أنها تبدو كمحاولة لسحب إنجازات اتفاق التهدئة بعد الحرب الصهيونية الأخيرة على القطاع في نوفمبر 2012 ، وتوفير غطاء لها لإعادة الانتهاكات إلى سابق عهدها.
وتتوالى التهديدات الصهيونية بشن عدوان جديد على القطاع منذ نهاية معركة "السماء الزرقاء" التي جسدت انتصاراً فلسطينياً كبيراً على آلة الحرب الصهيونية، ومنذ تلك اللحظة و الكيان الصهيوني يرتكب انتهاكات وخروقات لهذه التهدئة من بينها إطلاق النار على المواطنين والمزارعين في المناطق الحدودية وإعادة المسافة المسموح بها للصيد في بحر غزة إلى 3 أميال.
وخلف عدوان الأيام الثمانية في نوفمبر ٢٠١٢ زهاء ١٨٠ شهيدا و ١٢٣٥ جريحا معظمهم من الأطفال والنساء، في المقابل أعلنت مصادر صهيونية مقتل واصابة عشرات المستوطنين والجنود الصهاينة وإلحاق خسائر وأضرار مادية كبيرة كلفت الاحتلال مبالغ مالية ضخمة جراء عمليات المقاومة خلال العدوان.
ومنذ توقيع اتفاق التهدئة، استشهد عدد من المواطنين وأصيب العشرات بجراح في خروقات من قبل جيش الاحتلال.
اهداف التهديد
ويرى محللان سياسيان أن الكيان الصهيوني يحاول فرض هيبته على الفلسطينيين بعد الهزيمة التي مني بها خلال حرب "السماء الزرقاء.
وأكد المحلل السياسي إياد عطا الله، أن التهديدات الصهيونية ضد القطاع ليست جدية وإنما هي حرب نفسية ضد المقاومة الفلسطينية التي أعلنت أنها تواصل التسلح وتهريب السلاح من أجل الإعداد لمواجهة أخرى.
وقال: الكيان الصهيوني يسعى لإعادة فرض هيبته التي ضاعت في الحرب الأخيرة بعد أن فرضت المقاومة شروطها وأجبرت الاحتلال على الانسحاب ووقف الحرب وفق الشروط الفلسطينية، بسبب الأزمة الأمنية الكبيرة التي حدثت في عمق الكيان لاستمرار سقوط صواريخ المقاومة وتطورها كماً وكيفاً". ّ
وبين عطالله أن الاحتلال بدأ بإعادة هيبته المفقودة بإحداث خروقات مستمرة لاتفاق التهدئة، بدءً من إطلاق النار على المزارعين، وليس انتهاءً بإعادة المسافة المسموح بها للصيادين إلى ٣ أميال فقط، رغم كل ذلك الا أنني لا أعتقد ان الكيان الصهيوني يسعى لدخول حرب جديدة في قطاع غزة.
وأرجع ذلك الى اعتقاده بأن الكيان الصهيوني ليس معني بوضع مستوطنيه في الملاجئ لاسباب غير خطيرة أو غير منطقية , كما انه يعتبر أن عملية الرصد ومتابعة تهريب السلاح للمقاومة يكفي في الوقت الراهن.
وتابع المحلل السياسي بالقول : ليس من مصلحة الكيان الصهيوني أن يجر نفسه لعدوان جديد وهو يسعى لادامة حالة الهدوء مع الفلسطينيين والدليل على ذلك طلبه المستمر من مصر بوقف اطلاق الصواريخ من غزة.
وأكمل : " لو أراد الكيان رداً لفسخ اتفاق التهدئة ورد على اطلاق الصواريخ بعدوان جديد ولكنه غير مستعد لذلك, لافتاً النظر الى ان الكيان يستعد لمواجهة اخرى بعيداً عن غزة.
ومن جانب آخر، يرى المحلل السياسي أن المقاومة الفلسطينية لا تأبه لمثل هذه التهديدات وهي تعلم أنها وهمية، لأن الكيان الصهيوني هو الذي يخترق التهدئة، كما أن التنصل من تنفيذ بنود الاتفاق يعد بحد ذاته فسخاً للتهدئة من قبل الاحتلال.
واستطرد عطالله بالقول: من الجيد أن تلجأ المقاومة لمصر لإرغام الاحتلال على احترام التهدئة، ولكن يجب أن يكون لديها دراسة جيدة في أمر الرد العسكري إذا استمرت هذه الخروقات".
ردود غاضبة
من ناحيته، أكد المحلل السياسي الخبير في الشئون الصهيونية وديع أبو نصار، أن التهديدات الصهيونية بشن عدوان جديد ضد قطاع غزة، "لا تتجاوز ردود فعل غاضبة على إطلاق صواريخ من غزة على الكيان والتي تأتي في سياق الرد على خروقات الاحتلال للتهدئة".
وقال أبو نصار: الكيان الصهيوني لا يريد أن تفلت الأمور من يده، وتسعى جاهداً من أجل استمرار التهدئة، فأقصى مطالبها ألا تسبب فصائل المقاومة إرباكاً لسكان المستوطنات المحاذية لقطاع غزة ما يؤدي إلى إحداث حالة غضب على حكومة الاحتلال"، مشيرا إلى أن الكيان يخشى من الرد الفلسطيني على خروقاته المستمرة. وأوضح أن الخروقات الصهيونية تأتي في سياق مخاوف الاحتلال مع تزايد وتنامي القدرات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية، ما ينذر بمواجهة أعنف في أي عدوان مستقبلي، كما أنها تحاول سحب الإنجازات التي نجحت بتحقيقها فصائل المقاومة خلال العدوان الأخير.
وأضاف أبو نصار: سلطات الاحتلال دائماً تتنصل من اتفاقياتها وتعهداتها مع الفلسطينيين، وتتذرع للوسيط المصري بذرائع واهية، وهي تريد بذلك ألا تمنح الفلسطينيين الهدوء المطلوب لهم لممارسة حياتهم بشكل طبيعي، بل تريد خلق وضع معيشي غير آمن أو مستقر لهم بشكل مستمر لتحقيق أهداف إستراتيجية".
وبين أن الكيان الصهيوني يعلم أن الأوضاع المعيشية الحالية للفلسطينيين ستحقق لها نتائج جيدة دون استخدام السلاح، ومنها السعي للهجرة نحو واقع معيشي أفضل، وازدياد نسبة الفقر والبطالة في
المجتمع الفلسطيني، ما يعزز من توجه ضعفاء النفوس للتخابر مع الاستخبارات الصهيونية لكسب المال.
ومن جانب آخر، يرى الخبير في الشأن الصهيوني أن عيون الاحتلال في هذه المرحلة تنظر إلى ما هو أبعد من غزة، وخاصة المخاطر الإيرانية والخوف من امتلاكها سلاح نووي على حد المزاعم الأمريكية الصهيونية, وهي تعد العدة من أجل مواجهة مع إيران التي تمثل الخطر الأكبر على الوجود الصهيوني في فلسطين.
واختتم حديثه بالقول: "الإرهاصات والمؤشرات لا توحي بعدوان قريب ومواجهة جديدة بين الكيان الصهيوني والمقاومة.
المصدر: موقع سرايا القدس