وضع رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو، الرجل المناسب في المكان المناسب، لخلق حكومة تستطيع الاستمرار في تنفيذ الاستراتيجية الصهيونية العالمية المتمثلة بمواصلة نهب الأراضي الفلسطينية والاستيلاء على القدس المحتلة، والسعي نحو حرب أخرى مع دولة أخرى- وفق محللين سياسيين.
وأوضح المحللان أن حكومة نتنياهو، الجديدة هي حكومة الحرب والاستيطان بامتياز، فضلاً عن أنها حكومة المهمات بتخصيص أشخاص ماهرين في إتمام هذه المهمات، وأكدا أن هذه الحكومة لا تختلف عن الحكومات السابقة من حيث الأهداف والاستراتيجيات.
ووقع نتنياهو، الجمعة الماضية، اتفاقات تحالف مع حزب يش عتيد "يمين الوسط" برئاسة يائير لبيد، ومع حزب البيت اليهودي القومي الديني، القريب جداً من المستوطنين برئاسة نفتالي بينت، ما أتاح له تشكيل حكومة قبيل زيارة الرئيس الأميركي باراك اوباما لـ"إسرائيل".
وكان أمام نتنياهو، مهلة قانونية حتى مساء السبت الماضي، لتشكيل حكومة، أو الإعتراف بفشله، بعد تمديد لأسبوعين المهلة الأصلية المحددة بـ 28 يوماً.
وفاز نتنياهو، في الانتخابات التشريعية الصهيونية المبكرة التي جرت في 22 كانون الثاني (يناير)، ولكن بفارق ضئيل جداً، ما حتم عليه تقديم تنازلات كبيرة في سبيل تشكيل ائتلاف حكومي يستند على غالبية نيابية. والغالبية التي ستحظى بها حكومة نتنياهو، الجديدة في الكنيست تتكون من 68 نائباً من أصل 120.
حرب واستيطان
وأكد المحلل السياسي المتخصص بالشأن "الإسرائيلي"، وديع أبو نصار، أن حكومة نتنياهو الجديدة، هي حكومة الحرب والاستيطان بامتياز من خلال منح كل حقيبة للشخص المناسب لها، مثل إعطاء وزارة الحرب للدموي الجنرال موشيه يعالون، ووزارة الإسكان لأكبر داعمي المستوطنات بينيت، والمالية والتعليم والصحة للشخصية الأقرب للوسط "لابيد".
وأوضح أبو نصار، أن نتنياهو تخلى عن "حلفائه الطبيعيين" حزبي شاس ويهودات هتوراة المتشددين، كونهما كانا جزءً من حكومة اتسمت بالجمود السياسي والأزمات الدبلوماسية المتكررة مع دول عديدة.
وبيّن أن توجه نتنياهو، نحو الوسط كان من قبيل إكمال الائتلاف الحكومي مع العلم أن التيار الوسطي لن يستطيع التأثير على سياسات الحكومة الاستراتيجية وخاصة فيما يتعلق بملف المفاوضات مع السلطة، كون الأحزاب اليمينية المتشددة (حزبا نتنياهو وليبرمان) حازت على أكبر عدد من المقاعد في الكنيست.
وبيّن أبو نصار، أن نتنياهو، عزز ثقل لوبي المستوطنين القوي بمنح وزارة الإسكان لرئيس حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينت، مع تخصيص عدد من الحقائب الرئيسية لمدافعين شرسين عن الاستيطان.
وأضاف: سيشهد الاستيطان هبه بنائية وتوسعية كبيرة جداً خلال الفترة المقبلة، ولن يكون هناك أي تجميد للبناء الاستيطاني في الضفة والقدس، وخاصة في شمال الضفة التي تعد الأقرب من العمق "الإسرائيلي".
وعن تعيين الجنرال موشيه يعالون، وزيراً جديداً للحرب في الكيان الصهيوني، قال المحلل السياسي: "يعالون من أشد العناصر إرهاباً في حزب الليكود، فهو من رفض تجميد الاستيطان والانسحاب "الإسرائيلي" من غزة، كما عارض تنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع الجندي جلعاد شاليط، وهو مهندس جريمة السفينة التركية مرمرة، وشارك بشكل مباشر في اغتيال القيادي الفلسطيني خليل الوزير".
حكومة مهمات
من ناحيته، أكد المحلل السياسي المتخصص في الشأن "الإسرائيلي"، إبراهيم جابر، أن التشكيلة الحكومية الصهيونية الجديدة تدعم بشكل كبير التوسع الاستيطاني في الضفة والقدس وعدم حصول الفلسطينيين على "دولة فلسطينية" في حدود عام 1967، ما ينذر بفترة صعبة أخرى أمام الفلسطينيين.
وقال جابر: "نتنياهو رجل يعمل لصالح الصهيونية العالمية وطموحاتها الاستراتيجية، حتى وإن جاء ذلك على حساب تحقيق التسوية والسلام في الشرق الأوسط، فالمهم لديه هو أن يتحقق الحلم الصهيوني بالاستيلاء الكامل على القدس المحتلة، وعدم تحقيق دولة فلسطينية مستقبلية".
وبيّن أن نتنياهو، صنع حكومة مهمات، بمعنى أن لكل حزب أضافه لحكومته مهمة يجب أن يصنعها ويقوم بها، واستطاع منح كل مهمة للحزب الماهر بها، فمثلاً، منح مهمة التفاوض مع الفلسطينيين لتسيبي ليفيني، وهي شخصية مرغوبة لدى رئيس السلطة محمود عباس، للتفاوض معها، ومنح وزارة الإسكان لرجل يسكن في مستوطنة بالضفة، ومنح الجيش ليعالون المعروف بدمويته وتصلب أفكاره، ومنح المالية والتعليم والصحة إلى لابيد".
وأوضح جابر، أن نتنياهو، على دراية كبيرة بأن الفئة التي صوتت لـ"لابيد" وأنجحته في الانتخابات السابقة ليس لها علاقة بالاختلافات السياسية أو عمل جيش العدو، بل كل ما يهمها هو المال والأعمال والحصول على حياة اجتماعية جيدة، "ولهذا منح حزب لابيد هذه الحقائب ليلبي رغبات المهتمين".
ورغم ذلك، يرى المحلل السياسي جابر، أن هذه الحكومة لن تختلف كثيراً عن الحكومات السابقة فيما يتعلق بالعلاقة مع الفلسطينيين والعلاقات السياسية الخارجية، موضحاً بالقول: "جميع الحكومات سعت لنهب الأراضي الفلسطينية والاستيلاء على القدس المحتلة بالكامل، وإذابة الحقوق الفلسطينية".
وشدد على أن أفضل طريقة لمواجهة هذه الحكومة "الإسرائيلية"، هو إنهاء الانقسام الفلسطيني الراهن، وصنع سلطة فلسطينية من كافة الآراء والأفكار والفصائل لخلق حالة من التباين الفكري تلبي رغبات الجمهور الفلسطيني كافة وتواجه ممارسات الاحتلال".
المصدر: الاستقلال