/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

أطفـال المخيّمـات نجـوم الأولمبيـاد الفلسطينـي

2012/05/09 الساعة 08:07 ص

في المخيمات الفلسطينية، مساحات صغيرة، تبعد عن أزقة المخيم، وغير مكتظة بالسكان، يطلقون عليها اسم «بورة»، يأتي إليها الأطفال ومعهم عارضتان حديديتان وكرة. ينصبون العارضتين على أرض الملعب، فتكتمل عدة لعبة كرة القدم. يطلق أحدهم على نفسه اسم «ميسي فلسطين»، فإعجابه بالفريق الإسباني «برشلونة» يدفعه إلى قضاء معظم وقته في «البورة»، وهو يتفنّن في ركل الكرة، تماماً كما يفعل اللاعب الأرجنتيني ميسي.
في المشهد نفسه، تقف مجموعة من البنات بالمرصاد. هنّ أيضاً من هواة لعبة كرة القدم. ومن يعلم، قد يحترفونها يوماً. يتجهن إلى «البورة» بدافع التمرين، الأمر الذي يستفزّ أترابهن الذكور، فهم يعتبرون الفتاة دخيلة على لعبة كرة القدم. تلقى لعبة كرة القدم في المخيمات الفلسطينية رواجاً كبيراً، بين فئتي الإناث والذكور. لكنها ليست الهواية الوحيدة التي يمارسها الأطفال والشباب الفلسطينيون. فلدى هؤلاء هوايات عديدة تتنوع بين كرة القدم، وبين كرتي السلة، والطائرة، والشطرنج وألعاب القوى، وغيرها من الألعاب التي اجتمعت تحت سقف الأولمبياد الفلسطيني.
 وقد جرت الدورة الرابعة للأولمبياد، نهاية الأسبوع الفائت تحت عنوان «الكرامة للجميع»، وهي من تنظيم وكالة الـ(أونروا)، بالتعاون مع السفارة الإيطالية في لبنان، التي ساهمت في تأهيل بعض الملاعب داخل المخيمات الفلسطينية، بكلفة ثمانين ألف يورو. وشارك في الدورة أطفال المخيم المحترفون في الألعاب كافة، وتتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاماً من المحافظات اللبنانية الست، كما شارك فيها لاعبون لبنانيون، شكلوا عشرة في المئة من مجمل اللاعبين، بهدف خلق جسر للتواصل بين الفلسطينيين واللبنانيين. واختارت الـ(أونروا) مجموعة واحدة عن كل محافظة، تشمل نخبة اللاعبين في المدارس، بينما تتوزع كل المجموعة على فرق عدة، خاصة بكل لعبة رياضية، لفئتي الذكور والإناث.
على أرض «مركز سبلين المهني» التابع لوكالة الـ(أونروا) حمل الآلاف من المشاركين شعلة الاولمبياد في يدهم اليمنى، في حين رفعوا في اليد الأخرى شعلة الحقوق الإنسانية التي يكافحون من أجل تحصيلها. فالرياضة هي جزء أساسي من حماية تلك الحقوق، ويساهم تفعيلها في تنمية القدرات الرياضية وإبعاد شباب وأطفال المخيمات عن آفات المجتمع.
 أحلام يحدّها المخيّم
 
برغم غياب المساحات الواسعة المخصصة لممارسة الرياضة عن المخيمات الفلسطينية، فهي تفرض نفسها، كوسيلة ترفيه يلجأ إليها أطفال المخيم وشبابه، بعيداً عن الكابوس اليومي الذي يطارد أي لاجئ فلسطيني.
 وتوجد داخل المخيمات أندية خاصة ورسمية أسسّتها المؤسسات والجمعيات والمنظمات الفلسطينية، تتولى تعزيز كل فريق، وتأمين الدعم له بهدف استمراره.
 محمد، طفل في الحادية عشرة من عمره، يعشق رياضة كرة القدم. لكنّ ما يميّزه عن أترابه، هو أنه فلسطيني لاجئ، وأحلامه محدودة حتى رياضياً، لا تتخطى حدود المخيم. يشعر بفخر كبير لعيشه أجواء الاولمبياد. يعيش في مخيم نهر البارد الذي ما زال يواجه نكبته، وكان قد شارك في دورة الاولمبياد بعدما تمّ اختياره على قائمة المتميزين رياضياً. بدورها، ترفض آية أن تنحصر لعبة كرة القدم بالذكور فقط، وترى أن «الرياضة للجميع». تلعب آية كـ«حارس مرمى»، وتفتقد للمكان الذي تخضع فيه لتمرينات، برغم ذلك لا تستسلم، لأنها تثق بقدراتها مهما كانت الظروف.
 أما وليد فحضر من صيدا، للمشاركة عن فئة «الشطرنج». يعتبر تلك اللعبة متميزة، ويتمنى يوماً أن يشارك فيها على المستوى العالمي. و«الشطرنج» هي «تحد بالنسبة له». ويرى أن كل فلسطيني لاجئ يعيش أجواء التحدي في حياته اليومية. واختار لؤي من البقاع، لعبة كرة المضرب «بينغ بونغ» لأنه يعتبرها متميزة ويتطلّع إلى الاحتراف فيها «ولو كنت فلسطينياً».
 ومن الهواة أيضاً، طفل آخر اسمه محمد، ويبلغ من العمر عشر سنوات. يحترف كل أنواع الرياضة كما يقول لأنه «رياضي أباً عن جدّ». ويعتبر نجماً في نظر الجميع. إلا أن ذلك «النجم»، بطل داخل المخيم الذي يقطن فيه وضمن مجتمعه الفلسطيني فقط. وفي المخيمات مئات النجوم الرياضيين الذين ولدوا من رحم المعاناة اليومية، وينتظرون من يكتشفهم، لعلّ الرياضة تكون بديلاً عن حق العمل الذي يتعطشون إليه.
المصدر: السفير

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/279