وأخيراً.. بعد طول انتظار ومعاناة مريرة وطويلة، ارتفع الدخان الأبيض من مخيم عين الحلوة إيذاناً ببدء مشروع البنى التحتية فيه، المموّل من حكومة اليابان بالتنسيق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان "الأونروا" بالقطاع رقم واحد (حي صفورية وحي حطين)، بعد أن تفاقمت معاناة اللاجئين الفلسطينيين من البنى التحتية، التي تجاوز عمرها عشرات السنين، وتحديداً منذ العام 1986، حيث باتت مهترئة ولا تستوعب ازدياد أعداد سكان المخيم الذين ناهزوا 75 ألف نسمة.
المشروع الذي يشق طريقه من الظلمات إلى النور، لينهي عذابات وآلام سكان القطاع الأول في المخيم، بعد أن عاشوا سنوات طويلة من التلوث، حيث اختلطت مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي، فضلاً عن عدم وجود شبكة تصريف للمياه، تستوعب مياه الأمطار التي تتحول إلى برك ومستنقعات تغرق بها المنازل ما يؤدي إلى تلف الأثاث والمحتويات، كما هو حال الطلاب أثناء الذهاب والعودة من المدارس، إضافة إلى بعض حالات التسمم التي حصلت في المخيم، جراء تداخل مياه الشفة مع مياه الصرف الصحي، علماً أن المشروع تأخّر أكثر من شهر ونصف الشهر حتى الآن، مما دفع بسكان المخيم إلى وضع علامة استفهام واستغراب، بعد أن رست مناقصة المشروع في نهاية العام الماضي على "شركة إيلي معلوف" وهذا ما أكدته المديرة العامة لوكالة "الأونروا" في لبنان آن ديسمور "من أن مشروع البنى التحتية سيبدأ في الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني 2013، إلا أن التعقيدات أدت إلى تأخير المشروع حتى النصف الثاني من شهر شباط 2013"..
المنافسة.. السبب
مصادر فلسطينية مطلعة كشفت أن سبب تأخير إنجاز مشروع البنى التحتية في مخيم عين الحلوة، يعود للمنافسة القائمة بين الشركة التي رست عليها، وأحد كبار موظفي "الأونروا" الذي يملك أسهما رئيسية بأسماء في شركة أخرى شاركت بالمناقصة، ولم يُحالفها الحظ بسبب فرق المبلغ المالي بينهما، وذلك بهدف إزاحة الشركة لفتح الطريق أمام شركة آخرى، وهذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.
وتساءلت المصادر: هل سيمارس هذا المسؤول سلطته في التعقيدات مرة أخرى للمشروع أم سيتجاوزها لصالح إنجاح المشروع في المخيم، الذي كان يحلم به أهله منذ سنوات طويلة للخلاص من هذه العذابات؟.
أمين سر "القوى الإسلامية" في مخيم عين الحلوة وأمير "الحركة الإسلامية المجاهدة" الشيخ جمال خطاب، وصف الخطوة بأنها "إيجابية لأهلنا في المخيم لإنهاء معاناتهم، بسبب إهتراء البنى التحتية، ويجب أن لا تقف عند هذه الحدود بانجاز القطاع الأول، بل أن تطال كل المخيم بعدما باتت مهترئة مما يستدعي تأمين الأموال اللازمة لاستكمال البنى التحتية، بعدما تبين أن المبالغ الموجودة لا تكفي لكل المخيم، لذلك نتمنى على "الأونروا" العمل مع الدول العربية والمانحة من أجل تأمين الموارد المالية اللازمة لاستكمال البنى التحتية للمخيم بشكل كامل، وليس جزئياً، لأن الأزمة تعم كل المخيم وليس قطاع بعينه".
إنهاء.. المعاناة
أمين سر "اللجان الشعبية" في منطقة صيدا "أبو هاني" موعد، أكد "أن هذا المشروع يأتي بتمويل من اليابان، وهو خطوة أولى نحو إنجاز مشروع البنى التحتية الكامل للمخيم، وتخليص أهلنا من المعاناة الصعبة وغير الإنسانية، إذ تتداخل مياه الصرف الصحي مع مياه الشفة، وتعجز قنوات تصريف المياه عن إستيعاب سيول الأمطار ما يتسبب بوقوع أضرار جسيمة، وهذا الوضع يزيد من بؤس سكان المخيم، الذين يُعانون يومياً مشاكل اقتصادية، ويُساهم برفع نسبة البطالة".
وأضاف: "ونحن في "اللجان الشعبية الفلسطينية" سنبذل قصارى جهدنا من أجل تخفيف معاناة الناس، ولا سيما أن معظم الإحصائيات والتقارير تصف إن معظم سكان المخيم لا يعيشون في ظروف إنسانية لائقة، بل يعيشون تحت خط الفقر".
أمين سر "لجنة الدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين" في منطقة صيدا فؤاد عثمان، شكر "حكومة اليابان وشعبها لتبرعها بكلفة المشروع بالتنسيق مع "الأونروا" للقطاع الأول" آملاً "من الدول العربية والأوروبية، المساهمة في استكمال البنى التحتية لكافة المخيم، بعد أن باتت جميعها مهترئة وتؤدي إلى أوبئة وأمراض قاتلة للأطفال".
وأكد على "ضرورة توحيد كافة جهود "القوى الوطنية والإسلامية" في المخيم من أجل إنجاح المشروع، الذي يرفع عن كاهل سكان المنطقة المقرر بدء المشروع بها، المعاناة، وهي طويلة ومريرة، وقد رفعوا الصوت الاحتجاجي أكثر من مرة لتحقيق هذا المطلب".
ودعا عثمان "وكالة "الأونروا"، وفي مقدمتها قسم الهندسة إلى الأخذ بعين الاعتبار، إنجاح هذا المشروع من خلال الالتزام بالمواصفات بشكل كامل من قبل الشركة المتعهدة، وهذا يتطلب أن يكون هناك مهندسين أكفاء لهم القدرة على تنفيذ المشروع، وقادرين على التدخل وإيقاف أي محاولة للإخلال بالمواصفات، وهذا يعني أن المهندسين يجب أن يكون لديهم خبرة، وليس حديثي التوظيف والتخرج، وأن يتم التنسيق مع جميع القوى الفلسطينية لإنجاح المشروع خدمة لأهلنا".
إهتراء وفيضانات
أحد فاعليات المخيم والقاطن في حي حطين منذ سنوات "أبو السعيد" عباس قال: "نحن نُعاني الأمرين في هذه المنطقة بسبب اهتراء البنى التحتية، وغالباً ما تؤدي الفيضانات الدائمة على سكان المنطقة إلى أضرار مادية جسيمة، هذا بالإضافة إلى اهتراء شبكة الصرف الصحي بالمنطقة، وكانت تُولد روائح كريهة دائمة تفوح على الأهالي، كما أن غزارة الأمطار والسيول التي تتدفق من الأعالي تصب علينا دائماً في منطقة حطين لعدم وجود بنى تحتية تستوعب هذه الأمطار، وبالتأكيد أن هذه الخطوة في منطقتنا وحي صفورية عمل جيد ويريح أهل المخيم والمنطقة من معاناتها".
أمين سر قاطع الجسر التحتاني محمود أبو الطه، اعتبر "أن خطوة البدء بالمشروع الأول للبنى التحتية في القاطع الأول عمل جيد ويريح أهل المخيم ويحد من المعاناة التي يعيشونها بسبب اهتراء الشبكة، على أمل أن يشمل هذا المشروع كافة انحاء المخيم بعد أن باتت الشبكة لا تصلح نهائياً وأصبحت تُشكل أمراض لأطفالنا وأهلنا في المخيم، نحن في هذا القاطع والقواطع الأخرى، سنتعاون مع "الأونروا" لإنجاح هذا المشروع، دون وضع أي تعقيدات لأن مصلحة أهلنا تتطلب ذلك، كما نتمنى توحيد كافة الجهود الفلسطينية في المخيم من أجل إنجاحه سريعاً".
المصدر: اللواء