قائمة الموقع

تقرير حقوقي يكشف كيف غدت جرائم الاحتلال “سياسة تشغيلية” ثابتة

2025-12-02T15:06:00+02:00
وكالة القدس للأنباء – متابعة  

 أكّد تقرير مشترك لـ12 منظمة حقوقية إسرائيلية، أنّ السنة الثانية من حرب الإبادة على غزة سجّلت توسعًا غير مسبوق في انتهاكات الاحتلال من حيث الحجم وشدّة الأضرار، مشيرًا إلى أنّ العام 2025 مثّل نقطة تحوّل حاسمة تحوّلت فيها الممارسات التي وُصفت سابقًا بـ”الاستثنائية” إلى سياسة يومية ممنهجة.

التقرير الصادر اليوم الثلاثاء، أعدّته منصّة تجمع منظمات أبرزها “مسلك”، جمعية الحقوق المدنية، “هموكيد”، “يش دين”، “نكسر الصمت” و”أطباء من أجل حقوق الإنسان”، ويستند إلى استنتاجات ثلاثة تقارير سنوية متتالية (2023–2025).

وتكشف الاستنتاجات الحقوقية عن تآكل الانضباط العسكري، وتصاعد الخطاب الحكومي اليميني، وتشديد السياسات تجاه الفلسطينيين في غزة والضفة، إلى جانب الهجمات المتواصلة على منظومات الرقابة القضائية والمدنية داخل إسرائيل.

بحلول مايو/أيار 2024، بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة أكثر من 36 ألفًا. وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2025، ارتفع العدد إلى 67,173 شهيدًا، بينهم أكثر من 20 ألف طفل وما يقارب 10 آلاف امرأة، إضافة إلى نحو 10 آلاف جثة ما تزال تحت الأنقاض. كما تجاوز عدد الجرحى 170 ألفًا.

التهجير والتجويع

وفي عام 2024، شُرّد أكثر من مليون فلسطيني داخل القطاع، فيما ارتفع العدد في 2025 إلى 1.9 مليون شخص، أي ما يعادل 90% من سكان غزة، كثيرون منهم هُجّروا أكثر من مرة، بالتزامن مع انهيار أحياء سكنية كاملة وبنى تحتية حيوية.

ويشير التقرير إلى أن التحذير من الجوع في 2024 تحوّل، خلال 2025، إلى وفيات جماعية نتيجة سياسة التجويع الإسرائيلية.

ففي يوليو/تموز سُجّل 13 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، وفي أغسطس/آب أعلنت الأمم المتحدة وقوع المجاعة رسميًا، بينما قضى 461 شخصًا بسبب الجوع حتى أكتوبر/تشرين الأول، بينهم 157 طفلًا.

ووثّقت المنظمات 2,306 شهيدًا و16,929 جريحًا سقطوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء قرب مراكز التوزيع، نتيجة الفوضى وإطلاق النار الحي. وهي ظاهرة لم تُسجّل في العام 2024، وأصبحت في 2025 جزءًا من الواقع اليومي.

وسجّل التقرير توسعًا كبيرًا في استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، بينهم أطفال وكبار سن، داخل غزة. وقالت المنظمات إن شهادات العام 2025 تكشف عن ممارسة منهجية تشمل تقييد المدنيين وتعصيب أعينهم واحتجازهم لأيام وأسابيع.

عنف المستوطنين والتمييز

وبين 2023 و2024، وثّقت المنظمات نحو 1,200 اعتداء للمستوطنين. وفي 2025 تحوّلت الهجمات إلى عمليات ترحيل واسعة شملت إخلاء 44 تجمعًا رعويًا بالكامل و10 تجمعات جزئيًا، ما أدى إلى تهجير 2,932 شخصًا، بينهم 1,326 طفلًا.

كما ارتفع عدد المعتقلين الإداريين من أكثر من 1,000 في 2023 إلى 3,577 معتقلًا في 2025. كما وثّقت المنظمات استشهاد 98 أسيرًا خلال الاحتجاز، نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي وظروف الاحتجاز القاسية، مؤكدة أن سوء المعاملة بات “سياسة ممنهجة” تشمل كافة الأجهزة.

ويشير التقرير إلى تسارع الانتهاكات في القدس منذ 2023، من خلال استخدام تسجيل الأراضي كأداة لانتزاع الملكية، وتشديد القيود على الحركة، وتراجع الخدمات، وتوسّع الاستيطان بمستويات غير مسبوقة. ويصف العام 2025 بأنه عام الانتقال من سياسات تمييز إلى نزع ملكية منظم ومتعمّق.

استهداف التراث والآثار

ويعرض التقرير تدميرًا واسعًا لمواقع التراث في غزة، بينها قصر الباشا، أرشيف بلدية غزة، متحف رفح، والميناء القديم. وفي الضفة والقدس، تحوّل النهج من “الحفظ” إلى استخدام المواقع الأثرية لتعزيز السيطرة المكانية، مع توسع مشاريع “الحدائق الوطنية” والاستحواذ على مواقع سبسطية وقصور الحشمونائيم، وصولًا إلى مشاريع تراثية ضخمة في محيط البلدة القديمة.

واختتمت المنظمات بأنّ العام 2025 كشف واقعًا غير مسبوق: دولة “تعمل بلا ضوابط”، وتنتهك القانون الدولي بشكل ممنهج، وتفكك القيم التي تدعي الالتزام بها. وأكدت أن استخدام التجويع، استهداف المستشفيات، اختفاء المعتقلين، ترحيل التجمعات، والقتل الواسع للمدنيين ليست “أخطاء”، بل سياسة رسمية.

وقالت المنظمات إن الانتهاكات التي كانت تُعد سابقًا جرائم ضد الإنسانية أصبحت اليوم ممارسات يومية “دون مساءلة أو تحقيق”، محذّرة من أن غياب آلية تحقيق مستقلة سيجعل “هذا التدهور غير قابل للعكس”.

 

اخبار ذات صلة