قائمة الموقع

لم تنتهِ الحربُ باتّفاق وقفِ الحرب!

2025-11-16T11:41:00+02:00
هبة دهيني

"الاحتلال يواصل خرقَ اتّفاق وقف إطلاق النّار في غزّة"، هذا الخبر الّذي ما زال يتكرّر منذ بدء الاتّفاق حتّى اللحظة، إذ لم يلتزم الاحتلال ببنوده، بل بقي متعنّتًا متمسّكًا بعنجهيّته ضدّ الغزّيّينَ المدنيّينَ في القطاع، يفرغ حقده في الحجر والبشر، بل وحتّى أنّه استنسخ الإبادة البشريّة بإبادةٍ بيئيّةٍ كذلك!

غزّة اليوم، وهي تستقبل الشّتاء والعواصف، تعيش حربًا بأساليب قتلٍ جديدة. الاحتلال يمنع دخول المساعدات الإنسانيّة، ويمنع عن الغزّيّين أولى مقوّمات العيش، ثمّ يستكمل القصف بشكلٍ اعتياديّ ويقتل المدنيين فيزداد عدد الشهداء والمصابين كلّ يومٍ أكثر، ثمّ يستكمل من جهةٍ أخرى الإبادة البيئيّة التي لم تتطرّق للحديث عنها منظمات البيئة "الخضراء" عالميًّا.

ولا تتوقف وحشية المحتلّ عندَ هذا الحدّ، بل حتّى الجثامين لم تسلم من الإبادة، فيستكمل "انتقامه" من الطّفل الغزّيّ بتشويه جثمانه، ومن الأسرى وراء القضبان بالتنكيل بهم، ومن الأسيرات بانتهاكِ خصوصيّاتهنّ وصولًا لاغتصابهنّ، ولم نسمع صوتَ المنظّمات النّسويّة بعد.

ويستكمل الاحتلال مسلسلَ الخروقات ذاك، فيمنع إدخال الخيام، ويترك الغزيين يغرقون في مياه الأمطار بلا مأوًى ولا حتى مستشفيات لمداواة جراحهم، بل ويمنع عنهم الطّعام والدّواء، فيعيش أكثر من مليونيّ فلسطينيٍّ في كارثةٍ إنسانيّةٍ لم تستطع حكومات العرب المُترفة أن تحرّك إنسانيّتها تجاهه بعد، أو ربّما لم تسمح لِصراخ المنكوبين أن يخترقَ "راحتها" لتنقذهم من بين يديّ آلة الحرب "الإسرائيليّة" هذه.

في غزّة اليوم، لم تنتهِ الحرب بعد، بل ارتدَت ثوبًا جديدًا من الغطرسةِ والوحشيّة، فالغزيّون، في القرن الواحد والعشرين، محاطون بالدول العربية المتخمةِ بالشّبع، وبالجيوش العربيّة الهائلة، وبالجغرافيا التي تتغنى بعروبتها، ومع ذلك، يعيشون مجاعةً لم يسبق أن عاشها شعبٌ من قبل، ويعيشون حصارًا خانقًا، يتركهم بلا مأوًى، وحتّى بلا خيامٍ أو حجارةٍ يستندونَ عليها.

هؤلاء يستحقّون أن يفرحوا بقطرات المطر الأولى كما تفرح الشّعوبُ العربيّة كلّها، ولكنّ هذه الحبّات أغرقَتِ اليوم أهل خانيونس، وأيقظتهم من خيامهم حين تبلَّلت ثيابهم التي لا يملكون سواها.

غزّة اليوم تعيش إبادةً ممنهجة، ولكنّ العالم قد ملَّ من تناقل الأخبار بعد عامَين، والمعضلة الّتي يجب أن نحني رؤوسنا أمامها خجلًا، هي أنّ الأخبار الّتي مللنا من سماعها، الغزيّون يعيشونها منذ عامَين، بل أكثر، ولم يملّوا من الصّمودِ أمامَها بعد!

اخبار ذات صلة