أفاد الجهاز المركزي للإحصاء بأن قطاع غزة يغرق في البطالة بعد مرور عامين على حرب الإبادة الجماعية التي طاولت كل مقومات الحياة. وأوضح الجهاز في تقرير، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" اليوم الاثنين، أن معدل البطالة في فلسطين ارتفع خلال عدوان الاحتلال على الضفة الغربية وقطاع غزة ليصل إلى 50%، بواقع 34% في الضفة الغربية، و80% في قطاع غزة، ليبلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 550 ألف عاطل عن العمل في فلسطين.
وأشار في التقرير الذي صدر تحت شعار "إحصاءات وبيانات عالية الجودة لفائدة الجميع" بمناسبة اليوم العالمي للإحصاء إلى أن الاحتلال ضيّق على حركة العاملين داخل أراضي عام 1948، فقبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشير البيانات إلى أن حوالي 180 ألف عامل كانوا يعملون في (الداخل الفلسطيني المحتل) والمستعمرات بشكل اعتيادي، وكان يعتبر الدخل المتحصل من تلك العمالة في فلسطين من أهم الركائز التي يُعتمد عليها في تحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني.
وأوضح الجهاز أن الاحتلال الإسرائيلي دمر ما يزيد على 85% من البنية التحتية في قطاع غزة، وبالتالي فإن معظم الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة تم تدميرها؛ فعلى المستوى القطاعي، سجل نشاط الزراعة والحراجة وصيد الأسماك تراجعاً نسبته 30% بواقع (6% في الضفة الغربية، و94% في قطاع غزة)، ونشاط التعدين، والصناعة التحويلية والمياه والكهرباء بنسبة 33% بواقع (26% في الضفة الغربية، و94% في قطاع غزة)، ونشاط الإنشاءات بنسبة 57% بواقع (48% في الضفة الغربية، و98% في قطاع غزة)، ونشاط الخدمات بنسبة 27% بواقع (15% في الضفة الغربية، و83% في قطاع غزة).
وتثبت الإحصاءات أن ما يواجهه الفلسطينيون ليس مجرد أرقام، بل حقيقة نعيشها ونعكسها للعالم، وهي شهادة حيّة على معاناة شعبنا وصموده أمام العدوان الإسرائيلي الغاشم.
نحو 90% من قطاع غزة مدمّر و380 عملية هدم في الضفة
ومنذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قام الاحتلال بتدمير أكثر من 102 ألف و67 مبنى بشكل كلي، فيما تضرر، بشكل كبير، حوالي 192 ألفا و812 مبنى، وتقدر أعداد الوحدات السكنية التي جرى تدميرها، بشكل كلي أو جزئي، بما لا يقل عن 330 ألفا و500 وحدة سكنية، إضافة إلى تدمير المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس والمقار الحكومية، إلى جانب آلاف المباني من المنشآت الاقتصادية، وتدمير مناحي البنى التحتية كافة؛ من شوارع، وخطوط مياه وكهرباء، وخطوط الصرف الصحي، وتدمير الأراضي الزراعية، ليجعل من قطاع غزة مكاناً غير قابل للعيش.
أما في الضفة الغربية، وحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد قام الاحتلال الإسرائيلي خلال النصف الأول من العام 2025 بما مجموعه 380 عملية هدم، استهدفت ما مجموعه 588 منشأة في الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، من ضمنها 322 مسكناً مأهولاً، وقد بلغت عمليات الهدم في محافظة القدس 67 عملية هدم خلّفت 79 منشأة مهدومة. وتشكل هذه الممارسات، التي تسعى إلى اقتلاع الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، انتهاكاً لحقوق الإنسان في امتلاك السكن.
85% من شبكات المياه والصرف الصحي مدمرة
أظهرت التقييمات الأولية أن أكثر من 85% من مرافق وأصول المياه والصرف الصحي في قطاع غزة قد خرجت عن الخدمة كلياً أو جزئياً من جراء العدوان الإسرائيلي، بتكلفة تقديرية لإعادة التأهيل تتجاوز 1.5 مليار دولار، ويشمل ذلك محطات المعالجة والتحلية والضخ، والآبار، والخزانات، وخطوط النقل، وشبكات المياه والصرف الصحي.
وقد أدى هذا الدمار إلى تراجع حاد في معدلات التزوّد بالمياه، إذ إن حوالي 49% من الأُسر في القطاع يكاد يحصل أحد أفرادها على أقل من ستة ليترات فقط يومياً، وذلك لأغراض الشرب والطبخ؛ أي أقل بكثير من الحد الأدنى الإنساني المقدر بحوالي 15 ليتراً للفرد الواحد وفق معايير منظمة الصحة العالمية.
كما تضاعفت أسعار المستهلك أكثر من خمس مرات منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 (512%)، فيما استقر مؤشر أسعار المستهلك في الضفة الغربية للفترة نفسها، وخلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2025، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وسجل مؤشر غلاء المعيشة ارتفاعاً حاداً نسبته 33% لفلسطين، مدفوعاً بالارتفاع الحاد للسلع الاستهلاكية الذي لا يزال قطاع غزة يعاني منه في ظل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي عليه، ليسجل ارتفاعاً نسبته 78% للفترة نفسها.
كما لا تزال مستويات الأسعار في كل من الضفة الغربية والقدس مرتفعة، ولكن بحدة أقل مما كانت عليه العام الماضي، لتسجل ارتفاعاً نسبته 1.54% في القدس، وبنسبة 0.21% في الضفة الغربية للأشهر الثمانية الأولى من العام 2025.
معدلات مرتفعة من الفقر وانعدام الأمن الغذائي
وأكد التقرير أنه قبل العدوان على قطاع غزة، كانت معدلات الفقر تتجاوز 63%، حيث يبلغ خط الفقر في فلسطين حوالي 2,717 شيكلا إسرائيليا، فيما بلغ خط الفقر المدقع (الشديد) حوالي 2,170 شيكلا إسرائيليا، وبعد العدوان المستمر على قطاع غزة، يمكن القول إننا تجاوزنا مفهوم الفقر، وأصبحنا نتحدث عن مستويات مختلفة من المجاعة. كما تراجع إجمالي الاستهلاك بنسبة 31% (بحوالي 13% في الضفة الغربية، و80% في قطاع غزة)، وهو ما يعكس الأثر المباشر على مستوى المعيشة لدى الأفراد في فلسطين، ورافق ذلك ارتفاع في معدلات البطالة في فلسطين.
بمعنى آخر، يمكن القول إن معظم الأفراد في قطاع غزة يعانون من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي. وتشير البيانات إلى أن حوالي 96% من السكان في قطاع غزة (2.1 مليون نسمة) يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. ووفقاً للأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، فقد استشهد 68 ألفا و116 مواطنا في قطاع عزة، منهم حوالي 18 ألفا و592 شهيدا من الأطفال، وحوالي 12 ألفا و400 من النساء، إضافة إلى نحو 11 ألفا و200 مفقود، وأصيب نحو 170 ألفا و200 مواطن، وذلك حتى أول من أمس السبت.
كما أدى هذا العدوان إلى نزوح أكثر من مليونَيّ فلسطيني تكبدوا مرارة معاناة النزوح، ولأكثر من مرة، منذ العدوان الإسرائيلي الغاشم والمتواصل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفي الضفة الغربية، واصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه؛ إذ استشهد 1054 مواطناً، وأصيب 9 آلاف و34 آخرين، نتيجة لهجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرين.