في كلمته الأخيرة خلال المفاوضات غير المباشرة الجارية في مدينة شرم الشيخ المصرية بين المقاومة الفلسطينية المتمثلة بحركة حماس وكيان العدو، تحت إشراف الولايات المتحدة الأميركية والوساطة العربية (مصر وقطر) والإسلامية (تركيا)، عبّر القائد المجاهد زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، عن موقف الحركة من هذه المفاوضات وما بعدها.
وجّه كلامه الى الشعب الفلسطيني "المجاهد العظيم" و"الصابر"، المستهدف الأول بخطة ترامب التي "تحمل في طياتها إعلان الشعب الفلسطيني الاستسلام الكامل للعدو"، والتي رحّب بها النظام العربي الرسمي، بما فيه "السلطة الفلسطينية" في رام الله، والذي يمارس الضغوط على المقاومة من أجل قبولها، تحت ذريعة الوضع الإنساني في قطاع غزة.
أراد القائد زياد النخالة تنبيه الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة الى مخاطر المرحلة الحالية، حيث يسعى العدو المجرم الى تحقيق "بالمفاوضات ما لم يستطع تحقيقه بالحرب" وأنه "مصرّ على هزيمة الشعب الفلسطيني" وهناك احتمالات بأن يحوّل العدو المفاوضات "مدخل للاستسلام".
فذكّر الشعب الفلسطيني الصابر بتاريخه الرافض للاستسلام، "حفاظا على تاريخه وكرامته"، وأنه "قدّم عشرات الآلاف من الشهداء ولم يستسلم" في مسيرة الشعب الفلسطيني ومقاومته، التي "لم تتوقف منذ اقتلاعنا من بلادنا فلسطين". وخلال "معركة طوفان الأقصى الخالدة"، لم تتوقف المقاومة عن "قتال العدو وتوقع به الخسائر في الميدان يوما بعد آخر"، و"شعبنا ما زال صامدا ومقاومته ما زالت فاعلة في الميدان" ولم تستسلم "للقتلة والمجرمين الصهاينة". ورغم القتل والدمار الهائل، رفض الشعب الفلسطيني الاستسلام، وهو "يدفع الثمن الغالي حفاظا على تاريخه وكرامته".
هذا ما أكّده البيان الصادر عن سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى البطولية والمباركة، الذي صدر في يوم 7/10/2025، حيث أكّدت على أننا "ما زلنا نواصل مواجهة فرق جيش العدو وألويته وكتائبه، التي تُدمر بيوت وشوارع ومباني غزة، ونتصدى لقواته ونوقع فيها الخسائر في أطول معركة مع هذا العدو منذ تأسيس كيانه المؤقت، قدمنا خلالها مئات المقاتلين والقادة شهداء الذين كانوا في طليعة عشرات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني خلال عامين من القتال الشرس والصمود منقطع النظير بأقل الامكانات على طريق القدس والتحرير، هذه المعركة التي شهدت ثباتاً كبيراً لمقاومتنا منعت العدو من تحقيق أهدافه التي أعلنها".
هذه التضحيات الجسيمة التي دفعها الشعب الفلسطيني خلال عامين من الإبادة الجماعية، لا يمكن أن تقود الى الاستسلام من خلال مفاوضات يتحكّم فيها الأميركي، الحليف الأول للعدو، ويتراجع فيها الوسيط العربي والإسلامي، بحجة الوضع الإنساني وتسويقه لخطة ترامب الاستسلامية.
هذا ما أراد القائد المجاهد زياد النخالة التأكيد عليه بالحديث عن "المعركة التفاوضية الشرسة" التي اجتازت، على ما يبدو، المرحلة الأولى والتي تخص تبادل الأسرى، بالقول أن "بند تبادل الأسرى يمكن إنجازه بالأيام القليلة المقبلة" لسحب "فتيل التفجير ومبررات العدو بالعدوان". لكن المعركة التفاوضية مستمرة، ولم تستسلم المقاومة رغم تهديدات العدو وحلفاءه باستمرار القتل والتدمير، حيث وضّح أن هذا ما يفعله فعليا العدو منذ سنتين من الحرب الهمجية، وصمد وصبر الشعب الفلسطيني على كل هذه الجرائم. سيحاول العدو وحلفاءه، خلال هذه المفاوضات، ان ينتزع حقوق الشعب الفلسطيني بأرضه وسلاحه وحريته وتاريخيه وكرامته.
فلكل ذلك، يدعو القائد النخالة، بعد التذكير بكل التضحيات الماضية والحالية، وبمسيرة مقاومة الشعب الفلسطيني منذ "الاقتلاع عن بلادنا"، الى الصبر ورفض الاستسلام، و"التمسك بحقوقنا بعد كل هذه التضحيات العظيمة"، و"علينا ان نصمد ولا نفرط بالثمن الكبيرالذي دفعناه من دم شعبنا"، أي عدم الركون الى ما يسمى الضمانات "الأميركية" وغيرها من الوعود الكلامية، أو الركون الى الأنظمة العربية التي رحّبت بخطة ترامب الاستسلامية، كما ترحّب بكل ما يقوله الأميركي، كنوع من الضغط على المقاومة لكي تستجيب "للسلام الأميركي الخادع".
وكانت هذه الدول قد وافقت على خطة ترامب الاستسلامية فور صدورها، ولم تتجرأ على الإعلان بأنها مختلفة عن النسخة الأولى التي وافقت عليها خلال لقائها مع ترامب، إلا بعد التصريحات "النارية" التي صدرت عن فصائل المقاومة الفلسطينية، ما يؤشر على مدى انبطاحها أمام "الشيطان الأكبر".
وبعيدا عن الضمانات الوهمية ومواقف الدول العربية، وبما "أننا أصحاب حق"، يدعو القائد النخالة الى القتال "من أجل استرداد حقوقنا، هذا ما حفظناه جيلا بعد جيل"، لأن "طريق الحق واضحة"، لا لبس فيها، قد تتغاضى الأنظمة العربية عنها بسبب تبعيتها للولايات المتحدة، وتتجاهلها الأنظمة في العالم التي رحّبت بالسلام الأميركي الكاذب، لكن "طريق الحق واضحة" وتتطلب رفض الاستسلام لشروط العدو وأعوانه، لكي "نخرج من هذه المعركة رؤوسنا مرفوعة متمسكين بحقوقنا".
والتمسك بالحقوق يعني مواصلة المقاومة، كما جاء في بيان "سرايا القدس": "إن مقاومة شعبنا وفي مقدمتها سرايا القدس وكتائب القسام مُستمرة ما دام الاحتلال قائم، ولن تدخر جُهداً في قتاله فلقد أعددنا أنفسنا لحرب استنزاف طويلة لن تتوقف ولن تتراجع إلا بزواله."
وردا على من يريد تسويق خطة ترامب الاستسلامية لدى الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، يتابع بيان الـ"سرايا"، "نُجدد التـأكيد أن سلاح المقاومة هو سلاح وجد لتحرير الأرض ولقتال العدو لن يُغمد إلا بتحقيق هذين الهدفين".