هبة دهيني
في تطور عاجل ومفصلي، أعلنت مصادر رسمية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد أسابيع دامية من العدوان "الإسرائيلي" الذي خلّف مئات الشهداء وآلاف الجرحى، إضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية والمنازل والمستشفيات.
ورغم حجم الدمار الهائل، خرجت غزة بفضل الله رافعة رأسها من تحت الركام، مسجّلة نصرًا سياسيًا ومعنويًا وشعبيًا، أعاد تأكيد معادلة أن الاحتلال لا يستطيع كسر إرادة الشعب الفلسطيني الحر.
واجهت غزة واحدة من أعنف الحملات العسكرية في تاريخها الحديث، استخدمت فيها قوات الاحتلال أسلحة محرمة دوليًا، وقصفت مناطق سكنية مكتظة، وارتكبت مجازر موثقة بحق المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء.
لكن وعلى الرغم من هذه الوحشية، ثبتت المقاومة الفلسطينية بكل تشكيلاتها، واستمرت في الرد على العدوان، وأثبتت قدرتها على فرض توازن الردع، ما أجبر الاحتلال للتراجع صاغرا والقبول بوقف إطلاق النار دون تحقيق أهدافه المعلنة.
مصادر مطّلعة أكدت أن وقف إطلاق النار جاء بعد جهود دولية وإقليمية مكثفة، لكنه لم يكن "منّة" من أحد، بل كان نتيجة لصمود الشعب الفلسطيني العظيم، والمقاومة الباسلة التي استطاعت أن تُبقي جبهة غزة مشتعلة، وتُحدث شرخًا عميقًا في صورة قوة الردع الإسرائيلية.
الاتفاق يتضمن وقف العدوان فورًا، وعدم استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية، والبدء في إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع المحاصر.
فور إعلان وقف إطلاق النار، خرج المواطنون إلى الشوارع رغم الدمار والألم، يحملون الأعلام الفلسطينية، ويهتفون بالنصر، مؤكدين أن هذا الصمود هو وفاء لدماء الشهداء الذين ارتقوا دفاعًا عن الأرض والكرامة.
لكن الفرحة لا تخلو من الحزن، فالشهداء لا يعودون، والجراح لا تلتئم بسرعة، إلا أن صوت الشعب كان واضحًا: "ننتصر أو نموت واقفين... ولن نُهزم".
شهدت الأيام الماضية موجات ضخمة من التضامن الدولي مع غزة وكسر جدار الصمت، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في مختلف العواصم العالمية، وارتفعت أصوات تطالب بوقف الحرب ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.
وسائل الإعلام الدولية التي طالما تجاهلت الحقيقة، بدأت بدورها تنقل الحقيقة من قلب غزة، مما شكل ضغطًا دوليًا أجبر القوى الكبرى على التحرك، وإن كان ببطء وتردد.
ما حدث في غزة ليس نهاية المعركة، بل بداية مرحلة جديدة من النضال الوطني. الانتصار لا يُقاس فقط بما تحقق عسكريًا، بل بصوت الطفل الذي نجا من تحت الأنقاض، وبصمود المقاوم في خندقه، وبقوة الأم التي شيّعت أبناءها ورفعت رأسها عاليًا.
غزة قالت كلمتها: "لن نموت بصمت… سنعيش أحرارًا أو نُستشهد واقفين."
وها هي اليوم، تنتصر من جديد.
