نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرًا أعدته سمر سعيد وبينوا فوكون ذكر أن مصر تقوم بتدريب قوات الأمن الفلسطينية من أجل السيطرة على غزة بعد الحرب، ومن المرجح أن تواجه هذه الجهود معارضة من إسرائيل، التي استبعدت أي دور للسلطة الوطنية في رام الله بحكم غزة بعد الحرب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عرب قولهم إن مصر تقوم بتدريب مئات الفلسطينيين للانضمام إلى قوة يصل قوامها إلى 10,000 عنصر لتولي مهمة الأمن في قطاع غزة، وذلك كجزء من جهود متزايدة للدول العربية حول رؤية لغزة ما بعد الحرب بدون “حماس”.
وأضاف المسؤولون العرب أن أعضاء القوة المحتملين قد بدأوا بالفعل تدريبًا في الأكاديميات العسكرية المصرية. وأشاروا إلى أن معظم الفلسطينيين في القوة سيأتون من أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فيما سيتم الاستعانة بعناصر من الحركة في غزة للانضمام إلى القوة.
وقالت الصحيفة إن نشر قوات أمن تابعة للسلطة الوطنية من المرجح أن يواجه معارضة إسرائيلية، حيث قالت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنها لن تسمح للسلطة بحكم غزة بعد الحرب. وقد وضع ذلك إسرائيل في مواجهة مع الدول العربية المستعدة للتدخل والمساعدة في السيطرة على غزة بعد الحرب، نظرًا لإصرارها على دور للسلطة الفلسطينية.
وتقول الصحيفة إن تفاصيل تشكيل القوة الدولية التي تضم أفرادًا من الأمن الفلسطيني قيد النقاش بين بعض الدول العربية. فالإمارات العربية المتحدة ترغب مثلًا في إجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية قبل دعم أي دور لها في مرحلة ما بعد الحرب. وأوضح المسؤولون أنه بالإضافة إلى الفلسطينيين، ستأتي معظم القوات العربية من مصر، مع أعداد أقل من الأردن ودول الخليج.
ويأتي الجهد المبذول لتدريب الفلسطينيين على تولي مسؤولية الأمن من “حماس” في غزة في الوقت الذي بدأت فيه العديد من الدول العربية بمعارضة أي دور لـ”حماس” في القطاع صراحة. فقد دعت جامعة الدول العربية، في تموز/يوليو، “حماس” لأول مرة إلى نزع سلاحها وإنهاء حكمها لغزة.
وقالت الصحيفة إن محمود الهباش، أحد مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية البارزين، أكد خطة تدريب ما يصل إلى 10,000 من أفراد الأمن: “لا ينبغي أن تكون حماس جزءًا من اليوم التالي”، وأضاف: “بدون السلطة الفلسطينية، إما حماس أو الفوضى".
وقال إنه من المتوقع أن يغطي المجتمع الدولي التكاليف. وأضاف الهباش أنه سيتم إرسال وحدة من 5,000 من أفراد الأمن إلى مصر للتدريب في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، وسيستمر التدريب لمدة ستة أشهر تقريبًا. وقال مسؤول في “حماس” إن الاقتراح العربي لتشكيل قوة دولية “غير قابل للتطبيق وليس عملياً”، مضيفًا أن القوات غير الفلسطينية لن يتم قبولها أو نجاحها أبدًا.
وبالمثل اقترحت كل من مصر وقطر خطة لـ”حماس”، الأسبوع الماضي، لإنشاء قوة دولية تتكون في معظمها من أفراد أمن عرب. وقال مسؤولون إن هذه القوة ستشمل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية التي بدأت مصر في تدريبها. ورفضت “حماس” الاقتراح، الذي يتطلب من الحركة التنازل عن جميع السيطرة العسكرية والسياسية على غزة. وبدلًا من ذلك، قالت “حماس” إنها ستقبل اقتراحًا سابقًا من إسرائيل والولايات المتحدة يتضمن وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، والذي من شأنه إطلاق سراح 10 أسرى مقابل مئات السجناء الفلسطينيين.
وتعارض إسرائيل حكم السلطة الفلسطينية لغزة. واتهم نتنياهو السلطة بدعم الإرهاب، وأنها لا تختلف عن “حماس”. ومع ذلك تنسق إسرائيل مع قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية، رغم انتقادات نتنياهو.
وقد جادل محللون أمنيون إسرائيليون ومسؤولون سابقون بأن السلطة الفلسطينية هي الحل الوحيد لمواجهة حكم “حماس” في غزة. إلا أن أمير أفيفي، مسؤول الدفاع الإسرائيلي السابق، والمقرب من الحكومة الحالية، قال إن إسرائيل لن تقبل بسيطرة قوات السلطة الفلسطينية على غزة.
وقال أفيفي: “المصريون يريدون بقاء السلطة الفلسطينية في غزة، وهذا أمر لن تقبله إسرائيل”. وأضاف أن الأمن اليومي في غزة من المرجح أن يتولاه سكان محليون غير مرتبطين بـ”حماس” أو السلطة، وأن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية الشاملة على القطاع.
ونقلت الصحيفة عن خالد الجندي، الباحث الزائر في مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورجتاون، قوله إن تدريب القوات “محاولة من الدول العربية لإعادة تأهيل السلطة الفلسطينية التي تعاني من أزمة شرعية”. وتقول السلطة الفلسطينية إن على “حماس” أن تتحول إلى حزب سياسي غير مسلح، وتتخلى عن السيطرة على غزة. وتصر السلطة على أن سياساتها تجاه منافستها في غزة تختلف عن سياسات إسرائيل التي تسعى لتدمير المنظمة المسلحة بالكامل.
وعلق حسين إبيش، الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أنه حتى لو قبلت إسرائيل قوات الأمن التابعة للسلطة في غزة، فإن خطة ما بعد الحرب ستحتاج إلى إيجاد طريقة لإعادة تأهيل شرطة “حماس” السابقة وضمها إلى قوات الأمن، أو المخاطرة بانقسام في من يوفر الأمن للقطاع. وستحتاج الخطة أيضًا إلى موافقة الأمريكيين، الذين من المرجح أن يكونوا الأكثر قدرة على دفع الإسرائيليين لقبولها.
قال إبيش: “إذا لم يجبر الأمريكيون الإسرائيليين، فما الفائدة؟”. وعلى الرغم من الإجماع المتزايد بين الدول العربية الرئيسية، بما في ذلك مصر والإمارات العربية المتحدة والسعودية، على ضرورة تخلي “حماس” عن السلطة في غزة، إلا أن الجماعة لم تُبدِ سوى القليل من الدلائل على أنها ستستسلم.