/مقالات/ عرض الخبر

فكرة "إسرائيل الكبرى": التاريخ والتداعيات الحديثة

2025/08/27 الساعة 12:38 م

وكالة القدس للأنباء – ترجمة

لم تكن فكرة "إسرائيل الكبرى" يومًا مفهومًا محوريًا في تاريخ الحركة الصهيونية، حتى بعد قيام دولة إسرائيل.

تستند هذه الفكرة إلى المفهوم التاريخي-الديني للشعب اليهودي كأمة عائدة إلى وطنها التوراتي الممتد "من البحر إلى النهر"، بل وأحيانًا إلى ما وراء النهر.

تتجذر هذه الرؤية في الكتاب المقدس، وفي الفكر الديني الحاخامي، وفي الأدبيات الوطنية المبكرة للحركة الصهيونية.

مع استيلاء إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان في حرب يونيو/حزيران 1967، تحولت الفكرة من رؤية مجردة إلى برنامج سياسي لبعض التيارات اليهودية اليمينية.

خلال العقود الأولى للصهيونية، دار الجدل السياسي بشكل رئيسي بين التيارات البراغماتية، التي شكلت الأغلبية وسعت إلى إقامة دولة يهودية ضمن أي حدود ممكنة، والتيارات الأيديولوجية التي اعتبرت التخلي عن أي جزء من الأرض تقويضًا لجوهر الخلاص الوطني.

ولكن بعد عام 1967 فقط، ومع عودة السيطرة اليهودية على القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان، استعادت فكرة "إسرائيل الكبرى" زخمها داخل اليمين الإسرائيلي. حثت حركات مثل غوش إيمونيم على الاستيطان المكثف في هذه المناطق، معتبرةً ذلك واجبًا تاريخيًا وأخلاقيًا.

في المقابل، اعتقد التيار الواقعي داخل الصهيونية، ممثلًا بقادة مثل ديفيد بن غوريون، ولاحقًا إسحاق رابين وشمعون بيريز، أن السيطرة على إسرائيل الكبرى بأكملها أمر غير ممكن سياسيًا وديموغرافيًا. إن حكم ملايين الفلسطينيين دون منحهم حقوقهم المدنية الكاملة من شأنه أن يضع إسرائيل أمام معضلة: إما تقويض طابعها الديمقراطي أو فقدان أغلبيتها اليهودية.

علاوة على ذلك، أثار الاحتفاظ بهذه الأراضي، ولا يزال، معارضة دولية قوية، ما أبقى إسرائيل في مواجهة مستمرة مع المجتمع الدولي.

يُشكل التعارض بين رؤية "إسرائيل الكبرى" والفكر البراغماتي خطًا فاصلًا رئيسيًا في السياسة الإسرائيلية منذ سبعينيات القرن الماضي. وقّع مناحيم بيغن، الذي كان يؤمن سابقًا بعدم قابلية تقسيم الأرض، معاهدة السلام مع مصر التي تضمنت الانسحاب من سيناء، وهي خطوة اعتبرها بعض مؤيديه خيانة. لاحقًا، جاءت اتفاقيات أوسلو ومحاولات التوصل إلى تسوية نهائية مع الفلسطينيين، ما عمّق الخلاف بين المعسكرين الأيديولوجي والبراغماتي.

في العقود الأخيرة، بات واضحًا بشكل متزايد أن فكرة "إسرائيل الكبرى" غير قابلة للتطبيق في عصرنا.

أولًا، من الناحية الديموغرافية، فإن ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة يجعلون رؤية أغلبية يهودية واضحة بين البحر والنهر موضع شك كبير.

ثانيًا، من الناحية السياسية، فإن الحفاظ على السيطرة على جميع الأراضي يهدد مكانة إسرائيل في العالم ويعزلها دوليًا.

ثالثًا، من منظور أمني، قد يُشعل فرض السيادة الكاملة على جميع المناطق عنفًا لا ينتهي، ويُقوّض الاستقرار، ويُستنزف الموارد الاقتصادية لإسرائيل.

بدلًا من هذه الرؤية الشاملة، ازدادت الواقعية قوةً، داعيةً إلى حلول تدريجية، وترتيبات إقليمية، والحفاظ على الهوية اليهودية الديمقراطية للدولة مع ضمان أمنها.

لا تزال فكرة إسرائيل الكبرى مصدر إلهام لبعض الأوساط الأيديولوجية، لكنها لم تعد قابلة للتحقيق كأساس لسياسة دولة حديثة ذات سيادة.

في الختام، لا تزال فكرة إسرائيل الكبرى حلمًا لدى تيار أيديولوجي يهودي مُعيّن، ولعل هذا هو سبب إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تضامنه معها.

إلا أن الواقع الديموغرافي والسياسي والأمني يُقرّ بعدم إمكانية تحقيقها اليوم، ويتناقض مع الطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل.

قد تبقى هذه الفكرة حاضرة في الخطاب العام، لكن الصهيونية البراغماتية لا تزال تُحدّد الأجندة.

---------------- 

العنوان الأصلي: The “Greater Israel” Idea: History and Modern Implications

الكاتب: Shaike Komornik

المصدر: The Times of Israel

التاريخ: 27 آب / أغسطس 2025

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/218899

اقرأ أيضا