محظور الاستخفاف بالحدث غير المسبوق الذي أعلن عنه أمس صندوق الثروة السيادي في النرويج، وهو جسم الاستثمارات الأكبر في العالم الذي تقدر قيمته بـ 1.9 تريليون دولار. أعلن الصندوق أنه سيلغي جميع العقود مع مدراء العقارات الذين يعالجون استثماراته في إسرائيل، وأنه باع ممتلكاته في 11 شركة من بين 61 شركة إسرائيلية تمتلك أسهمها؛ بسبب مس إسرائيل بالسكان المدنيين في غزة والضفة الغربية.
في الوقت الذي أعلن فيه الصندوق عن 11 شركة، نشرت المجلة الاقتصادية في النرويج “إي 24” اسم 17 شركة إسرائيلية باع فيها الصندوق أسهمه منذ 1 تموز الماضي. حسب التقرير، هذه الشركات هي: “محركات بيت شيمش”، “مجموعة عاموس لوزون للطاقة”، “ايزوريم”، “ديلك ريخف”، “ال عال”، “اينرجيكس”، “ايتورو”، “ماكس ستوك”، “لفنشتاين للهندسة”، “بريون”، “بريوريكت”، “رامي ليفي”، “ريت1″، “ريتايلوريس”، سكوب للمعادن”، “سيلع للعقارات” و”تورباز”.
كرة الثلج هذه بدأت تتدحرج الأسبوع الماضي، عندما كشفت وسائل الإعلام في النرويج عن ممتلكات الصندوق في شركة محركات “بيت شيمش” الإسرائيلية، التي تقدم الخدمات للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك صيانة الطائرات القتالية. يبدو أن الأمر لم يكن متعلقاً بأنباء. فالصندوق بدأ الاستثمار في شركة محركات “بيت شيمش” منذ 2023، والشركة لا تخفي أي شيء من نشاطاتها، وممتلكات الصندوق في إسرائيل مفصلة في التقارير التي تنشرها في الإنترنت. الصندوق يملك أسهماً في الشركة تبلغ قيمتها 15 مليون دولار حتى نهاية 2024.
الأمر الذي تغير هو بالطبع قرار الكابنيت الإسرائيلي بشن معركة للسيطرة على غزة خلافاً لكل التحذيرات الدولية. في محادثة مجموعة أمس، بعد نشر التقرير الربعي للصندوق، الذي يمتلكه البنك المركزي النرويجي، أكد المدير العام نيكولاي تينغن، بأن الصندوق بدأ الاستثمار في شركة محركات “بيت شيمش” بعد شهر على اندلاع الحرب في غزة. حسب التقرير في مجلة “إي 24″، فقد باع الصندوق حصته في الشركة منذ 1 تموز، بعد أن زاد في السابق هذه الحصة في النصف الأول من هذه السنة بالتحديد.
خطوة صندوق الثروة النرويجي التي ينفذها، لن تضعضع سوق رأس المال في إسرائيل بحد ذاتها، لكن السؤال هو: ألا تشير هذه الخطوة إلى الخط الذي ستسير فيه جهات استثمارية دولية أخرى.
أمس، أعلن صندوق التقاعد النرويجي كي.ال.بي أيضاً أنه يقوم بتصفية ممتلكاته في شركة “نيكست فيجن” الإسرائيلية، لأن هذه الشركة توفر قطعاً أساسية للمسيرات التي تعمل في غزة. في الأسبوع الماضي، نشر صندوق التقاعد في الدانمارك بي.بي.يو، الذي يدير 14 مليار يورو، بأنه باع ممتلكاته في شركات اير.بي.ان.بي وبوكينغ واكسبيديا؛ بسبب نشاطاتها في المستوطنات في الضفة الغربية.
في أستراليا يستخدم ضغط جماهيري على صندوق المستقبل للدولة، الذي يدير 200 مليار دولار أسترالي، من أجل وقف استثماراته في الشركات الداعمة للمستوطنات وشركات السلاح الإسرائيلية. هكذا أيضاً في نيوزيلندا، الدولة التي يدير فيها الصندوق الموازي للصندوق الأسترالي مبلغاً مشابهاً.
كل صندوق من هذه الصناديق لا يدير مبلغاً كبيراً في إسرائيل. صندوق نيوزيلندا مثلاً، يستثمر في شركات إسرائيلية مبلغ 35 مليون دولار. السؤال هو: إلى أين ستصل موجة الارتداد التي يحدثونها؟
سيف ذو حدين
مع ذلك، الفحص الذي أجريناه في قائمة الشركات التي امتلك الصندوق أسهمها حتى نهاية 2024 يثبت إلى أي درجة كانت صحيحة المقولة القديمة لدافيد بن غوريون، “كل الشعب جيش”. وتنطبق على سوق رأس المال الإسرائيلية، وإلى أي درجة يسهل إيجاد علاقة بين الشركات إسرائيلية والجيش الإسرائيلي بشكل عام، ومع الحرب في غزة بشكل خاص، في محفظة الصندوق النرويجي.
عملياً، وزارة الدفاع الإسرائيلية هي زبون ذهبي من ناحية القطاع التجاري في إسرائيل، هي زبون كبير وثابت، يأخذ وقتاً من المزودين حتى يدفع لهم، لكن لا يوجد خطر إفلاس. بناء على ذلك، الشركات الإسرائيلية تلوح بعلاقتها مع الوزارة. ولكن كلما تغير المناخ السياسي، قد يتحول هذا التفاخر بالعلاقات مع الجيش الإسرائيلي إلى سيف ذي حدين.
إحدى الشركات، التي امتلك صندوق الثروة النرويجي وصندوق التقاعد النرويجي أسهمها في نهاية 2024، هي شركة “نيكست فيجن”. تبلغ ممتلكات صندوق الثروة فيها 16 مليون دولار، الشركة التي أظهرت أرباحاً بنسبة 186 في المئة فقط في السنة الأخيرة، والتي توفر حل التصوير للمسيرات، حسب تقرير “إي 24” لم يبع الصندوق في هذه الأثناء، أسهمه فيها.
شركة أخرى، التي لا يوجد فيها الآن أي تقارير بأن الصندوق باع ممتلكاتها فيها، هي شركة “فان” لتكنولوجيا العلوم. الصندوق كان يملك في نهاية 2024 أسهماً فيها بمبلغ 5 ملايين دولار. شركة “فان” معروفة بنشاطاتها التي تستعين فيها بمصادر خارجية، مع ذلك استحوذت قبل سنتين على شركة “ويبكس”، وهي الشركة التي تعمل على تطوير أنظمة تحليل المعلومات والقيادة والتحكم في المجال الأمني.
إذا ازدادت وبحق موجة المقاطعة المالية لإسرائيل، فإن القسم الثاني من مقولة بن غوريون، “كل البلاد جبهة”، ربما يكون صالحاً أيضاً في سوق رأس المال.
-------------
الكاتب: حجاي عميت
المصدر: هآرتس/ ذي ماركر
التاريخ: 13/8/2025