/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

تقرير المؤرخة الأمريكية أفيفا تشومسكي: من الغباء وصف حرب الإبادة الإسرائيلية بـ”الدفاع عن النفس”

2025/08/12 الساعة 10:57 م

وكالة القدس للأنباء - متابعة

قالت المؤرخة الأمريكية أفيفا تشومسكي إنه من الغباء وصف الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بأنها “دفاع عن النفس”، معتبرة أن إسرائيل تشكل بالنسبة للولايات المتحدة “شرطي الدورية” أو “حاملة الطائرات التي لا يمكن إغراقها” في الشرق الأوسط.

وأفيفا تشومسكي هي أستاذة التاريخ ومُنسّقة دراسات أمريكا اللاتينية في جامعة سالم ستيت في ماساتشوستس، وسبق أن درست في جامعة هارفارد، ولها عشرات الكتب والأبحاث المتعلقة بحقوق الإنسان والمهاجرين، وهي الابنة الكبرى للمفكر نعوم تشومسكي.

قالت، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “في 7-8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان من الممكن وصف أفعال إسرائيل بأنها “دفاع عن النفس” (ردا على عملية طوفان الأقصى). وبعد 8 أكتوبر، كان بإمكان إسرائيل اختيار التفاوض لإطلاق سراح الرهائن. لكن بدلًا من ذلك، استحوذت عليها نزعة انتقامية لإراقة الدماء، فاختارت شن حرب عدوانية إبادة جماعية وتدميرية ضد جميع سكان غزة. وقد أعلن قادة إسرائيل صراحةً أنهم يهدفون إلى تدمير أي إمكانية للحياة الفلسطينية في غزة، وقد توافقت أفعالهم مع هذه الأهداف".

وأضافت تشومسكي: “قدمت القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية قبل أكثر من عام أدلةً دامغة على نية الإبادة الجماعية وأفعالها (لدى إسرائيل)، ولا تزال النية والأفعال تُثبت أن هذا هو الهدف حتى هذا اليوم. حتى لو نجح الضغط الخارجي أو الداخلي في كبح جماح الإبادة الجماعية الإسرائيلية في مرحلة ما مستقبلًا، فمن السخافة والغباء وصف حرب إسرائيل على غزة بأنها دفاع عن النفس".

شرطي الدوريات الأمريكي

وحول تفسيرها لـ”الفصام” الذي تعيشه الأنظمة الغربية التي تواصل دعم إسرائيل بالمال والسلاح، قالت تشومسكي: “لست متأكدة من أنه يمكن تسميته فصاما. إنه أقرب إلى انقسام بين الرأي العام ومصالح الحكومات. لطالما كان دعم إسرائيل يشكل إجماعا بين الحزبين (الجمهوري والديموقراطي) في الولايات المتحدة لعقود"

وأضافت “بالنسبة لكيسنجر ونيكسون، كانت إسرائيل بمثابة “شرطي الدوريات” الأمريكي في الشرق الأوسط؛ وبالنسبة لهايغ وريغان، كانت بمثابة حاملة الطائرات التي لا يمكن إغراقها.

وتابعت تشومسكي: “إذا تصورنا أن السياسة الخارجية الأمريكية تقوم على اعتبارات أخلاقية أو حقوقية، أو أنها تعكس أو تستجيب لإرادة الشعب أو مصالحه، فإن استمرار دعم إسرائيل يبدو متناقضا. ولكن إذا سلمنا بأن السياسة الخارجية الأمريكية تقوم على اعتبارات جيوستراتيجية واقتصادية نخبوية، فمن المنطقي تماما أن تتجاهل القضايا الأخلاقية وحقوق الإنسان والمصالح الشعبية".

وقبل أيام، نشر موقع “كاونتر بانش” مقالا لتشومسكي بعنوان: “عن خلق غطاء للإبادة” ركزت فيه على استخدام تعريف “معاداة السامية” كأداة قانونية لمنع انتقاد إسرائيل، وتحوّله إلى غطاء لحمايتها من المساءلة عن جرائم الحرب في غزة.

"أخلقة” الإبادة الجماعية

وأوضحت هذا الأمر بالقول: “الحكومتان الإسرائيلية والأمريكية، والمنظمات التي تدعمهما مثل آيباك ورابطة مكافحة التشهير، يدركون تمامًا أنه لا يوجد مبرر أخلاقي لما تفعله إسرائيل".

وأضافت تشومسكي: “أعتقد أن اتهامات معاداة السامية تُمثل وسيلةً للتشتيت وطريقة احتيالية لإضفاء غطاءٍ أخلاقي على سياسات الإبادة الجماعية التي تنتهجها الولايات المتحدة وإسرائيل. إنها وسيلة لمحاولة إسكات المعارضة وقمعها. وهي جزء من حملةٍ دعائيةٍ لترويج روايةٍ مفادها أن الولايات المتحدة وإسرائيل قوتان للخير، وأن أي شخصٍ يُعارضهما هو قوةٌ للشر".

وفي حوار سابق مع “القدس العربي”، دعا الحاخام يسرائيل ديفيد وايس، المتحدث باسم حركة “ناطوري كارتا” المناهضة للصهيونية، إلى تفكيك دولة إسرائيل، التي قال إنها تُشكل تهديدا لليهود والمسلمين، واستبدالها بدولة فلسطينية يعيش فيها العرب واليهود بسلام كما كانوا في الماضي.

وعلقت تشومسكي على ذلك بقولها: “أعتقد أن الأولوية اليوم هي التركيز على وقف الهجوم الإسرائيلي على غزة واستعادة قدرة وكالات الأمم المتحدة على تقديم المساعدات الإنسانية. أما بالنسبة للمستقبل على المدى البعيد، سواء أكان دولة واحدة أم دولتين أم نوعا من الدولة الكونفدرالية أو ثنائية القومية أم أي شيء آخر، فلسنا نحن من يقرر ذلك".

عالم خالٍ من الدول القومية

وأضافت: “في أمريكا اللاتينية، تُجرّب بعض الدول مفهوم التعددية القومية. على مدى مئات السنين الماضية، عملنا في إطار نظام دولي قائم على الدول القومية. لم يُفلح هذا النظام مع معظم سكان العالم. أودُّ أن أتخيل مستقبلاً أفضل لعالمٍ خالٍ من الدول القومية، لكن هذا حلمٌ بعيد المنال. وبما أننا نعيش في عالمٍ من الدول القومية، فإن نضالنا سيكون حول إيجاد سبلٍ لجعل هذه الدول تحترم حقوق جميع الشعوب وتعززها".

وتابعت تشومسكي “بالنسبة بإسرائيل، يتعلق الأمر بحقوق الفلسطينيين. فحتى بعد غزو إسرائيل لغزة، ما زالت تُنتهك حقوق الفلسطينيين داخل حدود إسرائيل عام 1948، وفي الأراضي المحتلة، وفي الشتات. ما هي الخطوات الممكنة نحو العدالة؟ ربما تفكيك القومية العرقية اليهودية داخل حدود عام 1948، وامتثال إسرائيل لقرارات محكمة العدل الدولية والانسحاب من الأراضي المحتلة، وإرساء شكلٍ من أشكال التعويضات وحق العودة لمن هم في الشتات".

وختمت بالقول: “بالنسبة لأشخاصٍ مثلي في الخارج، أعتقد أن النضال من أجل العدالة للفلسطينيين هو وسيلة أجدى لتأطير نشاطنا من اتخاذ موقفٍ مؤيدٍ لحل الدولة الواحدة مقابل حل الدولتين”.

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/218505

اقرأ أيضا