وكالة القدس للأنباء - متابعة
للمرة الأولى منذ بداية الحرب، شنّ جيش الاحتلال عملية برية استهدفت مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وهي المنطقة الأكثر اكتظاظاً وازدحاماً بالنازحين والمؤسسات الدولية، والتي ظلّت منذ بداية الحرب الأكثر هدوءاً قياساً إلى باقي مناطق القطاع؛ كما أنها لم تشهد أي عملية توغّل بري في وقت سابق، واقتصر الجهد العسكري فيها على قصف من الجو طاول منازل ومواقع أمنية.
وتفسير هذا الضغط العسكري المحدود، يعود إلى أن المدينة معروفة بالهدوء على نحوٍ تاريخي؛ إذ أنها لم تشكّل في أي وقت سابق منطلقاً للعمل العسكري الميداني المقاوم، كما أنها بقيت حتى خلال هذه الحرب خارج المهداف، بوصفها المنطقة الإنسانية الأكثر أهمية وحيوية. أما على الصعيد الإسرائيلي، فثمة تقديرات ينشرها الصحافيون الإسرائيليون تشير إلى أن المقاومة تحتفظ بالجنود الإسرائيليين الأسرى في دير البلح. ويستدلّ هؤلاء على ذلك بأن المقاومة كرّرت خلال المرحلة الأولى من صفقة التبادل الأخيرة تسليم الأسرى من المدينة، علماً أن كل مناطق القطاع شهدت عمليات تسليم مماثلة.
ومن بين المناطق التي شملتها العملية العسكرية، أحياء جنوب غرب المدينة، والتي أنذر جيش العدو مئات الآلاف من المواطنين فيها بإخلاء منازلهم. وأثار هذا الهجوم هواجس كبيرة لناحية احتمال ارتباطه بتطبيق خطة «الأصابع الخمسة»، والتي تهدف إلى تقسيم قطاع غزة إلى خمسة محاور، الأول هو «موراغ» في رفح، والثاني هو «ماغين عوز» في خانيونس، والثالث هو محور «كوسفيم» الذي يفصل دير البلح عن خانيونس، والرابع هو محور «نتساريم» الذي يقسم القطاع إلى جنوب وشمال، والخامس هو محور "مفلاسيم".
ووسط هذه الهواجس، أخلى الآلاف من المواطنين منازلهم إلى مناطق غرب المدينة. وإلى جانب مشاهد النزوح القاسية، عطّلت العملية البرية عمل العشرات من المؤسسات الدولية، بما فيها «منظمة الصحة العالمية» و"برنامج الغذاء العالمي" و"الصليب الأحمر"، ومستشفيات حكومية وأخرى أهلية كانت الشريان الرئيسي المحرّك للعمل الإغاثي في القطاع، في حين أضرم جيش الاحتلال النار في مخازن «منظمة الصحة العالمية»، لتلتهم النيران طوال يومين المئات من أطنان الأدوية.
وعلى المستوى الإسرائيلي، أثارت العملية البرية التي استمرت 48 ساعة ردود فعل على الصعيد الداخلي، حيث أبدى ممثلو عائلات الأسرى الإسرائيليين غضبهم من الهجوم على المدينة التي تخفي فيها المقاومة أبناءهم، على حدّ اعتقادهم، وطالبوا بوقفه في أسرع وقت.
وكشفت مصادر عسكرية إسرائيلية، بدورها، أن العملية البرية التي استهدفت جنوب غرب دير البلح هدفت إلى تحرير عدد من جثامين الجنود الأسرى، والتي اتضح لاحقاً أنها جثامين لشهداء فلسطينيين، فيما أعلنت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، فقدان الاتصال بالمجموعة الآسرة للجندي الإسرائيلي، روم بريسلافسكي. وقال الناطق العسكري باسم «السرايا»، أبو حمزة، "إننا فقدنا الاتصال مع المجموعة الآسرة، وذلك بعد توغّل قوات العدو ومحاصرتها لمناطق يتواجد فيها الأسير. ولا نعلم مصيرهم حتى اللحظة".
في مقابل ذلك، أعلنت «كتائب القسام» تمكّن مقاوميها من استهداف دبابة «ميركافا» بقذيفة «الياسين 105» في جنوب دير البلح. كما تحدّثت الكتائب عن استهداف ناقلة جند صهيونية بقذيفة «الياسين 105» قرب مفترق أبو هولي جنوب شرق المدينة. واستهدفت أيضاً دبابة «ميركافا» بعبوة شديدة الانفجار في منطقة أم ظهير جنوب المدينة. وأعلنت «سرايا القدس»، بدورها، تفجير عبوة من نوع «ثاقب» في آلية إسرائيلية أثناء توغّلها في جنوب شرق دير البلح.