في وقت سابق من الشهر الحالي، اقترح وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، نقل سكان غزة إلى مخيمات مخصصة في الجزء الجنوبي من القطاع، وهي مبادرة أثارت انتقادات دولية ومخاوف قانونية بشأن انتهاكات محتملة للقانون الدولي. يبدو أن وثائق مسربة وإحاطات حكومية تُبرز جهدًا منظمًا لنقل الفلسطينيين إلى مناطق خاضعة لسيطرة مشددة، ما يثير تساؤلات حول حرية التنقل وحق العودة بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
ما هو مقترح "المدينة الإنسانية"؟
دافع وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، عن مقترح لتجميع سكان غزة فيما أسماه "مدينة إنسانية" مبنية على أنقاض رفح. ووفقًا لصحفيين إسرائيليين مُطلعين على المقترح، سيخضع الفلسطينيون "لفحص أمني" قبل دخولهم، ولن يُسمح لهم بالمغادرة بعد دخولهم.
في البداية، سيتم نقل حوالي 600 ألف فلسطيني، معظمهم من النازحين حاليًا في منطقة المواصي، إلى الموقع. يتصور كاتس إمكانية إيواء جميع سكان غزة - أكثر من مليوني نسمة - في هذه "المدينة الإنسانية"، معلنًا عزمه على الحفاظ على السيطرة الكاملة على محيطها من خلال القوات الإسرائيلية. كما صرّح كاتس علنًا بأن إسرائيل تدعم تشجيع "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين، وأن "خطة الهجرة... ستُنفَّذ".
ما علاقة "مناطق العبور الإنسانية" المدعومة أمريكيًا بالمقترح الإسرائيلي؟
استعرضت رويترز مقترحًا موازيًا مرتبطًا بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكيًا، حدد ما أسمته "مناطق العبور الإنسانية" إما داخل غزة أو خارجها. الخطة، التي تبلغ قيمتها ملياري دولار، والتي ورد أنها أُطلعت عليها إدارة ترامب ونوقشت مؤخرًا في البيت الأبيض، صوّرت المخيمات على أنها مرافق "تطوعية" و"واسعة النطاق" حيث يمكن للفلسطينيين "الإقامة مؤقتًا، والتخلص من التطرف، وإعادة الاندماج، والاستعداد للانتقال إذا رغبوا في ذلك".
ووفقًا لمصادر استشهدت بها رويترز، كان الهدف من هذه المرافق أيضًا المساعدة في كسب "ثقة السكان المحليين" ودعم "رؤية ترامب لغزة". ومع ذلك، نفت مؤسسة غزة الإنسانية أي تورط لها، مؤكدة أنها "لا تخطط لإنشاء مناطق عبور إنسانية" وتركز جهودها فقط على توزيع الغذاء.
ما دور الشركات في تسهيل خطط إعادة التوطين؟
أوضح تقرير حديث بعنوان "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية" للمقررة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، كيف ساهمت الشركات، ولا تزال، في البنية التحتية للتهجير. ووفقًا للتقرير، دأبت شركة كاتربيلر على مدى عقود على "تزويد إسرائيل بمعدات تُستخدم في هدم منازل الفلسطينيين وبنيتهم التحتية، من خلال برنامج التمويل العسكري الأجنبي الأمريكي، ومن خلال شركة مُرخصة حصريًا مُصادرة بموجب القانون الإسرائيلي في الجيش".
وزعم التقرير أن معدات كاتربيلر استُخدمت، وفقًا للتقارير، في "عمليات هدم جماعية - شملت منازل ومساجد وبنى تحتية أساسية - لمداهمة المستشفيات ودفن الجرحى الفلسطينيين أحياءً" منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومن بين الشركات الأخرى المذكورة في التقرير: هيونداي، ودوسان، ومجموعة فولفو، لدورها المزعوم في تدمير الممتلكات على المدى الطويل.
وأشارت ألبانيز في التقرير إلى أن الكيانات المؤسسية لم تسهم في التدمير فحسب، بل ساهمت أيضًا في بناء "المستعمرات وبنيتها التحتية، واستخراج وتجارة المواد والطاقة والمنتجات الزراعية، وجلب الزوار إلى المستعمرات كما لو كانوا وجهة سياحية عادية".
ما الجدول الزمني المقترح ونطاقه؟
يُقال إن وثائق التخطيط الإسرائيلية تتضمن شرائح تُظهر مخيمًا تأمل أن يكون جاهزًا للعمل في غضون 90 يومًا، ويؤوي 2160 شخصًا، ويقدم خدمات أساسية مثل غسيل الملابس والاستحمام والمدارس. حددت الخطط ثمانية مخيمات، يحتمل أن يستوعب كل منها مئات الآلاف من الأشخاص.
وأشار كاتس إلى أن المشروع قد يبدأ خلال وقف إطلاق نار محتمل، مشيرًا إلى أن الجيش قد يبدأ بناء "المدينة الإنسانية" خلال وقف إطلاق نار مدته 60 يومًا يُزعم أنه يُناقش بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
كيف يُؤثر الهدم على خطط إسرائيل لإعادة التوطين؟
تُظهر صور الأقمار الصناعية مدى تكثيف إسرائيل لعمليات الهدم في رفح، ما يُهيئ المنطقة لنزوح واسع النطاق. بين 4 أبريل و4 يوليو 2025، ارتفع عدد المباني المهدمة من 15800 إلى 28600 - وهو رقم مذهل بلغ 12800 مبنى في ثلاثة أشهر. من المثير للاهتمام أن منشآت رئيسية، مثل 40 مؤسسة تعليمية (39 مدرسة وجامعة واحدة) وثمانية مراكز طبية، لا تزال على حالها. يعتقد المحللون أن هذا التدمير الانتقائي متعمد، إذ يهدف إلى الحفاظ على البنية التحتية التي قد تخدم المخيمات المستقبلية.
ما هي التداعيات القانونية والأخلاقية؟
لقيت هذه المقترحات إدانة شديدة من خبراء قانونيين ومناصري حقوق الإنسان. صرح المحامي الإسرائيلي الشهير في مجال حقوق الإنسان، مايكل سفارد، بأن "(كاتس) وضع خطة تنفيذية لجريمة ضد الإنسانية. إنها ليست أقل من ذلك"، واصفًا إياها بأنها "نقل سكان إلى الطرف الجنوبي لقطاع غزة تمهيدًا لترحيلهم خارجه".
وحذّرت مجموعة من خبراء القانون الدولي في رسالة مفتوحة من أن الخطة ترقى إلى مستوى "النقل القسري"، وهو انتهاك للقانون الدولي. وكتبوا أنه في حال تنفيذها، فإنها ستمثل "سلسلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفي ظل ظروف معينة، قد ترقى إلى جريمة إبادة جماعية".
وحذّر فيليب لازاريني، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أن الخطة "ستؤدي، بحكم الواقع، إلى إنشاء معسكرات اعتقال جماعية على الحدود مع مصر للفلسطينيين". وصرح المحلل دانيال ليفي للجزيرة بأن إسرائيل تنوي استخدام رفح "كنقطة انطلاق للتطهير العرقي، والتهجير الجسدي، لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من المشهد".
ما تأثير ذلك على مفاوضات وقف إطلاق النار؟
أدى اقتراح إعادة التوطين إلى تعقيد مفاوضات وقف إطلاق النار، حيث اعتبرت حماس خطة كاتس عقبة رئيسية. ووصف حسام بدران، العضو البارز في حماس، المخيم المقترح بأنه "مدينة معزولة تشبه الغيتو"، واصفًا إياه بأنه "مطلب مُعرقل متعمد" و"مرفوض تمامًا".
ومن نقاط الخلاف الرئيسية سيطرة إسرائيل على ممر موراغ، الواقع شمال رفح مباشرة؛ إذ إن السيطرة على هذه المنطقة ستمكن إسرائيل من تطويق رفح، وربما تُسهّل نزوحًا واسع النطاق.
ما مدى احتمالية نجاح هذه الخطط؟
ألمح بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى أن الخطة قد تكون مجرد إشارات سياسية أكثر منها عملية تنفيذية. وزعم الوزير اليميني المتطرف إيتامار بن غفير أن المقترح من غير المرجح أن يُطبّق، وربما طُرح لتبرير اتفاق لوقف إطلاق النار.
مع ذلك، فإن العمل التحضيري المكثف - عمليات هدم انتقائية، وتحضيرات لوجستية، ووثائق مفصلة - يشير إلى أن التنفيذ لا يزال وارداً. وقد حذّر جدعون ليفي، كاتب عمود في صحيفة هآرتس، من أن "إسرائيل تُجهّز المنطقة بالفعل، وإذا تقاعس العالم وأعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر، فقد ينجح الأمر".
يواجه المجتمع الدولي الآن قرارات عاجلة: ما إذا كان سيتخذ إجراءً ضد ما يحذر منه خبراء قانونيون بأنه قد يُشكّل إبادة جماعية، وما إذا كانت الجهات الفاعلة في الشركات التي يُزعم أنها تُمكّن هذه الأعمال ستُواجه المساءلة القانونية بموجب القانون الدولي.
-----------------
العنوان الأصلي: Explainer: What We Know About Israel’s Proposed Gaza Relocation Plan
الكاتب: Alanah Vargas
المصدر: Jurist News
التاريخ: 17 تموز / يوليو 2025