قائمة الموقع

"المنطقة الإنسانية" تحت النار أيضاً: جرأة المقاومة تصدم "الإسرائيليين"

2025-07-12T09:51:00+03:00
جرائم الاحتلال في خان يونس
وكالة القدس للأنباء - متابعة

يدير جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أسابيع حفلة جنون غير مسبوقة؛ إذ فيما تسيطر الآليات والطائرات المُسيّرة على 75% من مساحة القطاع، تتواصل عمليات التدمير الممنهج لآلاف المنازل في أحياء جباليا البلد والتفاح والشجاعية والزيتون شرقي مدينة غزة، في وقت تمسح فيه البواجر والجرافات الثقيلة أحياء بأكملها في خانيونس ورفح جنوباً.

وبموازاة ذلك، سجّلت الأيام الثلاثة الماضية، العشرات من المجازر الجماعية البشعة؛ إذ قضى 16 طفلاً وامرأة في مدينة دير البلح في خلال انتظار الحصول على مسحوق المكمّل الغذائي، في حين استشهد أفراد ثماني عائلات من جراء استهداف مراكز الإيواء في أحياء الزيتون وجباليا شمالي القطاع. واستُشهد، أيضاً، نحو 100 نازح في غارات متفرّقة استهدفت منازل المواطنين في المناطق كافة.

أما الحدث الأكثر مفاجأة ودموية، فشهدته خانيونس، حيث تقدّمت الدبابات الإسرائيلية تجاه خيام النازحين من ناحية البطن السمين وقيزان رشوان في محيط مفترق المسلخ التركي، وهي منطقة مرتفعة تطلّ على مئات الآلاف من خيام النازحين المتلاصقة والمصنّفة على أنها منطقة إنسانية، وشرعت في إطلاق وابل من الرصاص والقذائف المدفعية تجاه الأهالي، وأجبرتهم على النزوح من دون أن يحملوا معهم أي طعام وممتلكات، ثم بدأت بعمليات قصف وتجريف وتخريب لآلاف الخيام.

وخلال 24 ساعة من التوغّل، نبشت جرافات الاحتلال مقبرة النمسَوي، وسرقت المئات من جثامين الشهداء والمتوفّين، من بينها جثامين 85 شهيداً كان جيش الاحتلال قد سرقها قبل عام ثم أعادها في وقت لاحق من دون الإدلاء بأي تفاصيل عن أصحابها وهوياتهم، بينما تمّ دفن الجثامين وقتذاك في قبر جماعي كبير.

في مقابل ذلك، كثّفت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، خصوصاً «كتائب القسام» و«سرايا القدس» عملياتها الميدانية، التي أحدثت صدمة في مجتمع الاحتلال ووسائل الإعلام العبرية، وعكست تطوراً في تكتيكات المقاومة، وتشرّباً ليس لطريقة التحرك البري وأساليب التغطية والحماية فقط، وإنما أيضاً لسيكولوجية جنود العدو في الميدان واستجابتهم وقت وقوع الهجمات المباغتة والسريعة، إذ بثّت «القسام» مقطعاً مصوّراً أظهر جنودها وهم ينفّذون عملية إغارة تجاه آليات الاحتلال التي كانت تقوم بعمليات هدم لمنازل المواطنين في خانيونس.

وتقدّم أحد المقاومين ليطلق قذيفة مضادة للدروع تجاه إحدى الآليات، فيما هاجم آخر آلية هدم كان في داخلها أحد الجنود وانضمّ إليه اثنان آخران. وأمام اندفاعة مقاتلي المقاومة، لاذ الجندي الإسرائيلي بالفرار، قبل أن يلاحقه المقاتلون ويجهزوا عليه تماماً، في عملية علّقت عليها «القسام»، في بيان، بالقول إن صعوبات ميدانية منعت عملية الأسر، في حين اغتنم المقاومون سلاح الجندي الفردي وانسحبوا به.

وفي أصداء الصورة، تحدّث الكاتب الإسرائيلي، يهوديم مدفخيم، عن الفيديو المنتشر، متسائلاً: «ماذا يمكن أن نتعلم من الفيديو الذي نشرته حماس؟ أولاً الإعلام في إسرائيل يكذب»، لافتاً إلى أنه «خلافاً للتقارير، الجندي لم يقاتلهم ببسالة حتى قُتل، وإنّما حاول ببساطة الهروب من الآلية وتعرّض لإطلاق نار وقُتل على الفور». وأضاف أن الإعلام الإسرائيلي «يكذب»، نظراً إلى أن «المسلحين لم يصابوا وإنما اختاروا عدم أخذ جثة الجندي، وبدلاً من ذلك قرروا الانسحاب بعد أن أخذوا سلاحه".

كذلك، وصفت المنصات العبرية مقطع محاولة الأسر بأنه مرعب وغير مناسب لأصحاب القلوب الضعيفة، بينما سخر مستوطنون من رؤساء أركان جيش الاحتلال، وكتب أحدهم: «(مرّ) قرابة عامين على هذه الحرب اللعينة ولا يزال لدى حماس إمكانات لاختطاف جنود، أحسنت يا هرتسي، أحسنت يا زامير»، في إشارة إلى رئيسي أركان جيش الاحتلال السابق هرتسي هليفي، والجديد إيال زامير.

وبالتزامن مع بثّ المقطع المصوّر، وقع حدث أمني آخر، وُصف بأنه «صعب» و«قاسٍ»، في خانيونس، حيث تمكّن المقاومون من تفجير منزل مفخّخ بقوة عسكرية راجلة، وهو ما اعترف جيش الاحتلال على إثره بمقتل جندي آخر وإصابة سبعة آخرين. وخلال اليومين الماضيين، قالت «سرايا القدس» إن مقاوميها العائدين من خطوط القتال أبلغوا عن تمكّنهم من تدمير آلية عسكرية صهيونية بتفجير عبوة مضادة للدروع أثناء توغلها في حي التفاح في مدينة غزة، فيما أعلنت «ألوية الناصر صلاح الدين» تمكّنها من قصف جنود العدو في محيط شارع الأرنب قرب منطقة الكتيبة بقذائف "الهاون".

وبدورها، قالت «القسام» إن مقاوميها استهدفوا دبابة «ميركافا بعبوة أرضية شديدة الانفجار مُعدّة مسبقاً في منطقة المسلخ جنود غرب خانيونس. كما أعلنت تمكّنها من دكّ تجمّع لجنود الاحتلال وآلياته بقذائف «الهاون» شمال خانيونس. وفي المنطقة نفسها، أبلغت «القسام»، في وقت لاحق، عن استهداف دبابتي «ميركافا» بقذائف «الياسين 105".

أما في مدينة بيت حانون، حيث أعلن جيش العدو البدء بعملية عسكرية كبرى، هي الرابعة منذ بداية الحرب، فقد قدّمت منظومة الاحتلال الإعلامية صورة مغايرة عن الواقع، من خلال زعمها أن الجيش أتمّ مهمة تطويق المدينة، على الرغم من أن بيت حانون مخلاة ومطوّقة ومحاصرة منذ ثلاثة أشهر. كما أعلنت بدء العمل المكثّف لتدمير جيوب المقاومة هناك، علماً أن المدينة كانت أول المدن التي تعرّضت للتدمير الكلي في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب.

ويعني ما تقدّم غرق الاحتلال في بيت حانون مع عودته إليها للمرة الرابعة بشكل موسّع، علماً أن المدينة تعرّضت في غضون المدّة نفسها لمئات الغارات والتوغّلات المحدودة والمركّزة. كما يعني ذلك أن المقاومة استطاعت التكيّف مع المُعطى الميداني القاسي، وأن الجيش الذي يعود إلى المناطق نفسها بالأساليب ذاتها، لن يستطيع الوصول إلى مرحلة الحسم الكلي، حتى عندما يكون ميدان القتال مُخلى من السكان ومدمّراً تماماً.

اخبار ذات صلة