أعادت أزمة شح السيولة، جراء حرب الإبادة التي ترتكبها قوات العدو الصهيوني الأهالي في غزة إلى عصر "المقايضة" في التعامل بين الغزيين. ومنهم الحلاق الغزاوي، ابن دير البلح، (المنطقة الوسطى) نعمان إبراهيم عماد (48 عاماً)..
فبعدما تقطعت به السبل، بعد أن أصبح المال في مدينة غزة شحيحا، وغير متوفرا بأيدي الغزيين، ما عطل الكثير من المهن، ومنها الحلاقة..
ولأن هم نعمان الوحيد تأمين قوت يومه وتوفير الطعام لبناته السبع، لجأ إلى مقايضة قصة الشعر بالغذاء، وقام بنشر فكرته على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ولاقت ترحيباً عند البعض، مبيناً أن المال الذي يتقاضاه مقابل الحلاقة لا يؤمن له احتياجاته، بسبب الغلاء الفاحش في الأسعار.
ليس للمال قيمة..
وفي هذا السياق، تحدث نعمان لـ"وكالة القدس للأنباء"، قائلاً: إن "سبب لجوئي للمقايضة هو سوء الحال، والعملة المهترئة الموجودة، والناس ما معها سيولة، وليس للمال قيمة، فالغلاء في الأسعار فاحش، والسعر تضاعف أكثر من 100%، فما كان سعره 1$ أصبح 100$"، موضحاً "أنا أعمل في هذه المهنة منذ 30 سنة، وكانت أمورنا جيدة، وكنت قادراً على تغطية نفقات منزلي، وبعد بدء الحرب، أصبح وضعنا صعب جداً".
وبيّن أنه "الدخل الذي أحصله في اليوم لا يلبي نسبة ١٠% من احتياجاتي اليومية، التي أقدر أن أعيل فيها أسرتي وبناتي، لذلك توجهت لموضوع المقايضة، الحلاقة مقابل الطعام، لأني لست بحاجة للمال بعد أن فقدت قيمتها ولا أستطيع شراء شيء بها"..
وأضاف نعمان، "أقوم بالحلاقة في منزلي، وأنا المعيل الوحيد لأسرتي، كنت أعمل في محل للإيجار ولكن بعد الظروف الصعبة التي نمر بها، وغلاء العقار، اضطررت إلى فتح الصالون في بيتي".
أقبل بالطعام مقابل الحلاقة..
وأضاف أنه: "في أول سنة من الحرب تم قصف بيوت متلاصقة في بيتي، فنزحنا لمدة 7 شهور، وبعد أن قمنا بتنظيف المنزل قدر المستطاع عدنا للسكن فيه"، وقال "نحن نعاني من مشكلة السيولة، يعني الشخص ليحصل على راتبه كاش يخسر نصفه، أي 50% عمولة، لذلك أنا سهلت على زبائني الأمور، ونشرت على حسابي على "فيسبوك"، أني أقبل بالحصول على الطعام مقابل الحلاقة، معلبات أو طحين أو خضرا بسيطة"، مشيراً إلى أن "هناك قسم من الزبائن تقبل الموضوع ورحب بالفكرة وتجاوب معي"، فنحن اليوم همنا أن نعيش وأن نؤمن خبز للأكل".
هكذا يبتدع الغزيون سبل مواجهة الأزمات، وتوفير بعض ما يلزم لاستمرار الحياة، ومواجهة الحصار والتجويع وإفشال مخططات الاحتلال.