وكالة القدس للأنباء - متابعة
بعد انتهاء حرب الـ12 يومًا الساخنة بين إسرائيل وإيران، ونجاح ترامب في التوصل لاتفاق يُنهي التصعيد العسكري، بدأت الأنظار تتوجه نحو الجبهة الوحيدة المتبقية والتي تشهد حربًا طاحنة وخطيرة وضعت أكثر من 2 مليون فلسطيني تحت خطر الموت والمجاعة.
وبعد ساعات قليلة من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين “تل أبيب” وطهران، بدأت تخرج تصريحات إيجابية ومفاجئة حول قرب التوصل لاتفاق ينهي حرب غزة التي تقترب من دخول عامها الثاني، وأسفرت حتى اللحظة عن أكثر من 189 الف بين شهيد وجريح، ناهيك عن المجاعة الطاحنة والدمار الهائل.
أول التصريحات خرجت من رئيس جمعية العرب الأميركيين من أجل السلام، والوسيط بين إسرائيل و”حماس” في مفاوضات وقف النار، الدكتور بشارة بحبح، مساء الثلاثاء، حين كشف أن هناك مقترحات عدة مطروحة على الطاولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وخلال لقاء مع قناة “الغد”، قال بحبح، “إن هناك مقترحات عدة، منها مقترحات شاملة وأخرى جزئية، لكن الهدف الأول حاليًّا هو وقف إطلاق النار، بحيث يتم السماح بدخول المساعدات الإنسانية لجميع السكان في غزة، وإنجاز الأمور الطبية الخاصة بأهالي القطاع، وبالتالي يُسمَح بالخروج من القطاع لمن تقتضي حالاتهم ذلك".
وأبدى بحبح تفاؤلا بالمفاوضات لا سيما بعد انتهاء الحرب بين كيان الاحتلال وإيران، وعودة غزة إلى بؤرة التركيز مرة أخرى من جانب الوسطاء المصريين والقطريين والأميركيين، مؤكدًا أنه متفائل بأن يتم الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة خلال أيام.
وقال بحبح، إن نقاط الاختلاف بين الطرفين ليست كبيرة، والخلافات فقط حول جملة وصياغتها، مشيرا إلى أن هناك تفهم كبير من قبل حركة حماس لضرورة إيجاد حل سريع وفوري للوضع في غزة، مضيفًا “الأميركان يريدون أن تنتهي هذه الحرب، وأن مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قال له إن مهمته هي وقف قتل المدنيين من الفلسطينيين والإسرائيليين”.
وأشار بحبح إلى أن الاجتماع القادم سيقرر عملية وقف إطلاق النار، لكن حتى هذه اللحظة لم يتم تحديد مكان الاجتماع.
ولفت إلى أن هناك ثلاث نقاط في ملف المفاوضات، وأنه تم التفاهم على أول نقطتين، والنقطة الثالثة سيتم بحثها غدا او بعد غد.
وأكد بحبح أنه لم يكن من الممكن أن يصلوا لهذه المرحلة من المفاوضات بدون الإفراج عن عيدان الكسندر، لافتا إلى أن الرئيس الأميركي سيلتزم خلال فترة التهدئة بضمان وقف إطلاق النار.
وبعد تصريحات “بحبح”، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اعتقاده بأن التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب بقطاع غزة “بات وشيكا جدا”، على خلفية “القوة” التي أظهرتها واشنطن بضرب منشآت نووية داخل إيران.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مقتضب عقده ترامب الأربعاء، مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، مارك روته، على هامش قمة الحلف المنعقدة بمدينة لاهاي الهولندية.
وصرح ترامب بأنه يعتقد أن الضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية “قد تُسهم بتحقيق تقدم في مسار الحرب بقطاع غزة، وأن الاتفاق بات وشيكا جدا”.
وأضاف: “أعتقد أن تقدما كبيرا يحرز بشأن غزة، وبفضل الهجوم الذي نفذناه (على إيران فجر الأحد)، أعتقد أننا سنحصل على أخبار سارة جدا”.
كما قال المستشار الإعلامي لرئيس حركة حماس طاهر النونو لفرانس برس إن “اتصالاتنا مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر لم تتوقف وتكثفت في الساعات الأخيرة. حماس ترحب بأي جهود صادقة لوقف الحرب والتوصل إلى اتفاق. الاحتلال ما زال يواصل التلكؤ”.
وشدد على أن الحركة تريد اتفاقا “على قاعدة صفقة شاملة تحقق وقفا دائما للحرب والانسحاب العسكري الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وإدخال المساعدات وصفقة تبادل أسرى.
وفي هذا الصدد، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور إياد القرا، أن “اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل قد يشكل نقطة تحول في الحرب على غزة، ويمنح رئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) فرصة لإعادة ترتيب أولويات حكومته”.
ويقول للجزيرة نت، إن نتنياهو وبعد الضربة التي وجهها لإيران، يشعر بأنه حقق “إنجازا كبيرًا” يمكنه استثماره سياسيا على المستويين الداخلي والخارجي، لا سيما مع وجود دعم أميركي ضمني، ويضيف “هذا الظرف قد يدفعه للتوجه نحو اتفاق في غزة، سواء كان جزئيا أو شاملا، خاصة في ظل قناعة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن الخيارات العسكرية في القطاع قد استنفدت دون تحقيق أهداف حاسمة، كاستعادة الأسرى أو إنهاء المقاومة”.
كما أن إسرائيل تواجه ضغوطا دولية متصاعدة، واتهامات بارتكابها جرائم حرب، حيث الأنظار تعود الآن مجددا إلى غزة بعد انتهاء فترة التوتر مع إيران، ويردف القرا “الولايات المتحدة أيضا بدأت ترى في استمرار الحرب خطرا على مصالحها في المنطقة وصورتها الأخلاقية، مما يُعزِّز فرص الدفع نحو التهدئة”.
ورغم أن “احتمال التصعيد” -حسب القرا- لا يزال قائما في غزة، غير أنه أقل ترجيحا في هذه المرحلة، ويقول: إن “استمرار الحرب مكلف لإسرائيل على المستويين السياسي والعسكري، بينما لا توجد مؤشرات على قدرة الجيش على تحقيق نتائج جديدة ميدانيا”.
كما أن خيار الاتفاق في غزة يبدو أقرب، خصوصا إذا تضمن ترتيبات تتعلق بالأسرى وتخفيف الحصار، مما يتيح لإسرائيل الخروج من الحرب بمكاسب سياسية دون انهيار الائتلاف الحاكم، ويرجح القرا أن “المرحلة المقبلة تبدو مرشحة لتسوية مرحلية أكثر من كونها تصعيدا شاملا”.
وبتقديره، فإن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قدَّمت مرونة كاملة بالمطلوب منها، لكن لم يكن هناك قرار إسرائيلي أميركي بوقف الحرب في غزة حتى الآن.
وأمام هذا التطور.. هل اقترب موعد انتهاء حرب غزة؟ ومن المستفيد من إطالة عمر هذه الحرب؟