صرّح مسؤول كبير في حماس لمجلة نيوزويك أن الحركة الفلسطينية المسلحة رأت في مؤشرات تنامي الخلاف بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو بوادر "إيجابية"، بعد أن عرضت على الزعيم الأمريكي نصرًا سياسيًا يتمثل في إطلاق سراح رهينة أمريكي قبل جولته في الشرق الأوسط.
وقال باسم نعيم، عضو المكتب السياسي لحماس والمتحدث باسمها، لمجلة نيوزويك: "نظرًا للدعم غير المحدود من الإدارة الأمريكية للكيان، فإن أي خلاف بينهما سيكون بلا شك تطورًا إيجابيًا يُضعف موقف نتنياهو المتعنت ويفتح الباب أمام إمكانية التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب".
وأضاف: "هذا صحيح لا سيما وأن استمرار الحرب لا يخدم مشاريع ترامب الاستراتيجية في المنطقة، ولن تقبل حماس بأي اتفاق لا يؤدي إلى إنهاء الحرب، ويضمن انسحاب القوات المعادية، وإعادة إعمار قطاع غزة بمشاركة سكانه".
كسر الجمود
جاءت هذه التصريحات بعد يوم من إطلاق سراح عيدان ألكسندر، آخر رهينة معروف على قيد الحياة في غزة يحمل الجنسية الأمريكية. وجاء إطلاق سراح ألكسندر، وهو جندي "إسرائيلي" الجنسية أيضًا، نتيجة محادثات مباشرة بين كبار المسؤولين الأمريكيين وحماس، التي بدا أنها تهمّش "إسرائيل" في وقتٍ كانت إدارة ترامب تكافح فيه لإحياء محادثات وقف إطلاق النار.
وفي إنجازٍ يُعزى على نطاق واسع إلى مشاركة إدارة ترامب الجديدة، وقّعت "إسرائيل" وحماس هدنة مؤقتة في يناير/كانون الثاني، دخلت حيز التنفيذ قبل يوم واحد فقط من تنصيب ترامب. أشاد ترامب بالاتفاق باعتباره دليلًا على التزامه بإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط، إلا أن الأعمال العدائية استؤنفت في مارس/آذار بعد فشل الجانبين في الاتفاق على كيفية المضي قدمًا في المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأكد نعيم أن حماس كانت مستعدة منذ البداية لإطلاق سراح "جميع السجناء دفعةً واحدة، وليس فقط السجين عيدان ألكسندر". ولا يزال حوالى 58 رهينة احتجزتهم حماس خلال هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في غزة.
مع ذلك، يرى مسؤول حماس بأن هذه الخطوة لن تأتي إلا "مقابل وقف الأعمال العدائية والانسحاب الكامل لقوات العدو". وأضاف أن هذه الصفقة يجب أن "يسبقها فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية؛ فهذا حق إنساني مكفول وغير قابل للتفاوض".
وحمّل نعيم نتنياهو مسؤولية عدم موافقته على هذه الشروط، ما أدى إلى انهيار الهدنة المؤقتة التي توصل إليها الجانبان بدعم من إدارة ترامب في يناير/كانون الثاني.
ويرى نعيم أن الزعيم "الإسرائيلي" لم يعرض سوى "إعادة انتشار القوات، وليس الانسحاب"، و"يواصل الحديث عن أهدافه التي فشل في تحقيقها على مدى الأشهر السبعة عشر الماضية (الهزيمة الكاملة لحماس وإعادة الأسرى عبر الضغط العسكري)، مُضيفًا إلى ذلك مسألة نزع السلاح وتهجير السكان".
ورغم رفض حماس لهذا التوجه، قال نعيم إن الحركة رأت فيه فرصةً للتواصل المباشر مع ترامب في ظل تهميش نتنياهو، وعرضت إطلاق سراح الأسير الأمريكي "الإسرائيلي" بينما كان الرئيس يستعد للانطلاق إلى السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة في أول رحلة دولية له منذ توليه الرئاسة.
وقال نعيم: "لم تقبل الحركة هذا الموقف جملةً وتفصيلاً، ولكن نتيجةً لاتصالات مباشرة مع جهات مقربة من الإدارة الأمريكية منذ فترة بشأن إمكانية تحقيق انفراجة في هذا الوضع العالق، أعادت الحركة تأكيد موقفها السابق الداعي إلى وقف إطلاق النار".
وأضاف: "تمّ الإيعاز بأنه قبل زيارة الرئيس ترامب للمنطقة، يمكن للحركة أن تطلق بادرة حسن نية تُساعد على كسر الجمود وتأمين إطلاق سراح الأسير "الإسرائيلي" الأمريكي عيدان ألكسندر". وهذا ما حدث بالفعل.
تحت الضغط
كان هذا أحدث مثال على تحرك ترامب بشكل أحادي لتحقيق أهداف سياسته الخارجية في الشرق الأوسط.
قبل أسبوع واحد فقط، تفاوض مسؤولون أمريكيون على اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة أنصار الله اليمنية، المعروفة باسم الحوثيين، مقابل موافقة الجماعة المتحالفة مع إيران على وقف الهجمات على السفن الحربية والتجارية الأمريكية المتهمة بالشحن إلى "إسرائيل" وسط الحرب في غزة. يُذكر أن الاتفاق، الذي أُعلن عنه بعد يوم من هجوم أنصار الله على مطار بن غوريون الدولي في "إسرائيل"، لم يتضمن أي مطلب بوقف هجمات الجماعة بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد "إسرائيل".
في غضون ذلك، مضت إدارة ترامب قدمًا في الدبلوماسية النووية مع إيران، العدو اللدود "لإسرائيل"، مع إمكانية إبرام اتفاق يسمح للجمهورية الإسلامية بالاحتفاظ بقدراتها على تخصيب اليورانيوم للأغراض المدنية، بدلًا من التفكيك الكامل، كما دعت القيادة "الإسرائيلية".
على الرغم من التنافر الظاهر، قلّل مسؤولون من كلا الجانبين من شأن أي مؤشرات على وجود خلاف بين القادة الأمريكيين و"الإسرائيليين".
في بيان نُشر مؤخرًا في مجلة نيوزويك، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جيمس هيويت، أن "إسرائيل لم يكن لها صديق أفضل في تاريخها من الرئيس ترامب".
قال هيويت: "نواصل العمل عن كثب مع حليفتنا "إسرائيل" لضمان إطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة، وعدم حصول إيران على سلاح نووي، وتعزيز الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط". وأضاف: "كما صرّح مرارًا وتكرارًا خلال ولايتيه الأولى والثانية، فإن الرئيس ملتزم بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي".
وأكد أوفير أكونيس، القنصل العام "الإسرائيلي" في نيويورك، ذلك، قائلاً لمجلة نيوزويك: "إن العلاقة بين الإدارة الأمريكية الحالية والحكومة "الإسرائيلية"، برئاسة الرئيس ترامب ورئيس الوزراء نتنياهو، وثيقة للغاية وجيدة للغاية".
وأقرّ بأنه "ليس الأمر أننا لن نجد أنفسنا نفكر بطرق مختلفة في حلول جميع قضايا الشرق الأوسط"، لكنه صرّح بأننا "نناقش" هذه المسائل.
كما رحّب أكونيس بإطلاق سراح ألكسندر، ما اعتبره الدبلوماسي "الإسرائيلي" استراتيجية ترامب للضغط على حماس. وقال: "هذه هي الفكرة برمتها. إذا لم نضغط عليهم، فلن يكون ذلك جيدًا".
ورأى بأن هذا النهج كان أساس قرار "إسرائيل" شنّ غارات جديدة على غزة بعد وقت قصير من إطلاق سراح ألكسندر.
وقال أكونيس: "بعد أقل من ساعة من إطلاق سراح ألكسندر، هاجمنا قطاع غزة. لماذا؟ لأنه يجب علينا ذلك. يجب علينا أن نفعل ذلك".
وحدد أكونيس "قضيتين رئيسيتين" لا يزال على "إسرائيل" معالجتهما قبل إنهاء الصراع، الأولى هي "إطلاق سراح جميع الرهائن"، والثانية هي "ضرورة تدمير" حماس.
وقال: "ليس لدينا خيار آخر. لا يمكننا العيش في مستقبل مع وجود حماس على حدودنا. هذا مستحيل. ولا يزال 70% من الأنفاق موجودة. إنه وضع مستحيل أيضًا".
الخطوات التالية
قد يُعزز إطلاق سراح ألكسندر موقف ترامب في جولته الخليجية هذا الأسبوع، وهي رحلة بالغة الأهمية، تستبعد "إسرائيل" بشكل ملحوظ.
أعرب ترامب، الذي أشرف على اتفاقيات إبراهام التاريخية التي أسفرت عن تطبيع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب علاقاتها مع "إسرائيل" خلال إدارته الأولى، عن ثقته في قدرته على توسيع نطاق الاتفاقيات لتشمل المملكة العربية السعودية. وكان الرئيس السابق جو بايدن قد سعى أيضًا إلى إبرام صفقة كهذه، مقابل زيادة المساعدات الأمنية الأمريكية، على الرغم من أن الرياض أثبتت عدم رغبتها في اتخاذ هذه الخطوة ما لم تكن "إسرائيل" مستعدة لإنهاء الحرب وتمهيد الطريق نحو قيام دولة فلسطينية.
أعلن البيت الأبيض يوم الثلاثاء أن ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد وقّعا سلسلة من اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية الكبرى، بما في ذلك صفقة أسلحة أمريكية بقيمة 142 مليار دولار للمملكة واستثمارات سعودية بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، دون ذكر "إسرائيل".
في تل أبيب، التقى مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ومبعوث الرهائن، آدم بوهلر، بعائلات الرهائن يوم الثلاثاء. وقبل اللقاء، الذي تعهد خلاله الدبلوماسيان بضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين في غزة، صرّح بوهلر للصحفيين بأنه يرى زخمًا لمزيد من الاتفاقيات بعد إطلاق سراح ألكسندر.
قال بوهلر: "أعتقد أن الفرصة الآن أفضل من ذي قبل، وأعتقد أن حماس تدرك أنها قادرة على إبرام صفقة في أي وقت تشاء، وعليها التواصل مع ترامب، وبيبي [نتنياهو]، وعليها إعداد هذا الأمر بالشكل الصحيح".
أما حماس، التي أعربت سابقاً عن تفاؤلها الحذر بانتخاب ترامب والتزامه بالسلام في خطاب تنصيبه، فلا تزال تحث البيت الأبيض على الضغط على "إسرائيل" لإنهاء الصراع.
قال نعيم: "وعدت الإدارة بالعمل الجاد لإنهاء الحصار الإنساني على قطاع غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وكذلك الضغط على الحكومة "الإسرائيلية" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء الحرب".
وأضاف: "العلاقة بين الرئيس ترامب ونتنياهو شأن خاص بهما، لكن ما يهمنا هو وقف العدوان على شعبنا وانسحاب القوات المعادية".
--------------------
العنوان الأصلي: Hamas Welcomes US-Israel Rift After Offering 'Goodwill Gesture' to Trump
الكاتب: Tom O'Connor
المصدر: Newsweek
التاريخ: 13 أيار/مايو 2025