هبة دهيني
يُغرق المحتلّ غزّة في الإبادة، ويمنع عن أهلها أولى مقوّمات العيش، ولا يُحرّك العالم ساكنًا -إلّا ما ندر من دول الإسناد- ثمّ يقاتل جنوده المستشفيات والمرضى والأسرّة والعجزة، ويذبح الأطفال والنساء، ويرمي بأسلحته على كلّ شيءٍ يتحرّك في القطاع، ثمّ حين يُشهر المواطنُ ابنُ البلادِ سلاحه ليدافع عن أرضه وعرضه، يصرخ العالم -الصّامت عن الإبادة- ويطالب بنزع هذا السّلاح!
حين نقول بأنّ المقاومة شرفنا، لا نبالغ بالوصف، لأنّ وطن الإنسان كرامته، وحين يُغتَصب شبرٌ واحد منه، فإنّ العار أن يبقى المرء صامتًا لا يدافع عمّا هُتِكَ من كرامة، ولأنّنا أبناء الشرف والتضحيات، فإنّنا نأخذ حقّنا اليوم بالقوّة، كما يقاتلنا العدوّ بترسانته وآلة حربه العسكريّة، فيقتل أطفالنا ونساءنا، ويخشى بنادقنا وكمائننا.
نقاتل بهذا السّلاح لأنّ الكفاح المسلّح في وجه العدوّ مسلَّمةٌ لا نقاش فيها، فطالما هناك احتلال، هناك مقاومة، وطالما هناك حركة تحرّرٍ وطنيّةٍ هناك سلاحٌ سيبقى أداة دفاعٍ عن هذه الأرض كلّما تعرّضت للهجوم، كما أنّ هذا السلاح في غزّة قد يكون حجرًا أو كمينًا أو خطّةً بسيطة يحضّرها أبناء الأرض أمام الآلة الحربية الضخمة التي يمتلكها العدوّ، لأنهم شعبٌ لا يستسلم، ولا يسكت عن حقّ، ولو بقيت العصا أمامهم فقط، يمسكونها ويرمونها على المسيّرات.
ومن فلسطين إلى لبنان، المشترِكِ معها في الحدود والحرية والكفاح، السّلاح موجَّهٌ نحو العدوّ المحتلّ الّذي يستمرّ في اختراق الأجواء اللبنانية والتعدّي على السّيادة، هذا السّلاح الذي لم يُخلَق اليوم، ولا البارحة، ولا في السابع من أكتوبر، بل إنّه أسلوب حياة طالما "إسرائيل" موجودة.
هذا السّلاح يعرفه الطّفل قبل الشاب هنا، يعرفه كلّ من تربّى على قتال "إسرائيل"، وعلى أنّ هذا الكيان محتلٌّ تعدّى على أرضنا وشرّد شعبنا وقتل ودمّر وذبح ولم يترك شبرًا كما كان، لذا فإنّ قتاله واجب، والتخلي عن هذا القتال تخلٍّ عن مسؤولياتنا وكراماتنا الوطنيّة والعقائديّة، ولو كان القتال بحجرٍ أمام دبّابة، فإنّ فعلَ المقاومةِ حاضر، ولن يُهزم شعبٌ فيه روح الكفاح، ولو أمام أعتى "جيوش" العالم!