يزداد الوضع الإنساني سوءاً وخطورة في غزة يوماً بعد يوم، ويعيش الأهالي مأساة لا نهاية لها، بخاصة بعد إغلاق المخابز ما أدى إلى تفاقم الأزمة والكارثة الإنسانية، فالعيش هناك لا يعني مواجهة الغارات الصهيونية فقط، فهم يواجهون حربا أخطر، وهي المتمثلة بحرب التجويع، من خلال إغلاق المعابر، ومنع وصول المواد الغذائية، والدواء والوقود، والمياه النظيفة، إلى السكان ما يفاقم الأمراض بسبب سوء التغذية، وأرقام الوفيات، بخاصة الأطفال كمؤشر على ذلك. وحتى اللحظة لم تفلح كل النداءات الدولية والإنسانية بفتح هذه المعابر وإدخال أي جزء من المساعدات المتوقفة خارج البوابات.
ومع ذلك يواجه أهالي غزة هذه الحرب بإرادة حديدية، رافضين الذل أو الاستسلام.
إنها ملحمة صمود تكتب بالدم والدمع، فرغم الوجع والقهر والجوع، فإن العديد منهم حريصون على مشاركة تجاربهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لعل أحداً يسمع صرخاتهم.. رغم قناعتهم بأنه لا حياة لمن تنادي!
وكالة القدس للأنباء، التي تتابع أخبار غزة لحظة بلحظة، سمعت نداء الغزيات والغزيين، ودعوتهم لنقل أصواتهم باستمرار، تابعت ما يدونون على وسائل التواصل الاجتماعي، وعادت ببعض ما يسطرون!..
الجوع لا يقرأ !!
فادي ثابت، تحدث عن معاناته، قائلاً: "للأسف، كنتُ مضطرًا لحرق مكتبتي التي جمعتها كتابًا فوق كتاب، لطهي الطعام، فأسعار الحطب مرتفعة، ولا يوجد غاز، الجوع لا يقرأ يا سادة، وسيدوّن التاريخ أن ما قرأناه كان ترفًا ورفاهية، أمام ما رأيناه من أهوال، إن بقينا عايشين سيكون للحكاية بقية"، مضيفاً: "من الجوع والقلة الناس بتأكل سلاحف، وياريت رخيص! الكيلو ب 30 دولار، وبكرا بيحكوا أهل غزة باعوا أرضهم"، مشيراً إلى أن "اليوم في غزة.. ذبحوا حصاناً وباعوا مرقته، ومحظوظ من ناله شيء، من ال "مَرَق".
أكل السلاحف باسعار مرتفعة
وتساءلت كريمة النجار: هل لا زالت أخبارنا تعنيكم؟ لا نزال نحن على قيد حياة من عدم! حالنا يُبكي الحجر، هنا أناس يبحثون عن رغيف خبز، وأُناسٌ يبحثون عن أشـلاء ما تبقى من أفراد عائلاتهم! نحن في قطاع غزة انقلوا أصواتنا، مضيفة: "السلحفاة صارت تتاكل بغزة من قلة اللحمة، والكيلو منها 100 شيكل يا حسرتي".
بدوره، أشار محمد عاشور، المطلوب منك في غزة أن تبقى على قيد الحياة، تاكل طحين مسوس مدود، تاكل لحم سلحفاة بحر، تاكل لحم حصان، المهم تبقى على قيد الحياة، والأهم بناشدوا للتبرع في الدم لصالح المستشفى للمرضى، مش مهم يكون عندك زيادة دم أو فقر دم، المهم انك تتبرع لمصاب، واحتمال كبير من قلة العلاج، المصاب يموت والمتبرع في الدم يموت.. هنا غزة"، مبيناً أن "الناس في غزة وصل حالها لدرجة أكل لحم السلحفاة، مش حبًا فيه، لأنه لا يوجد غيره، وقيمة الوجبة الواحدة (100 ألف)".
أجسام هزيلة والدواء غير متوافر!
أما إسماعيل زيداح، فوصف حالهم قائلاً: "أجسام هزيلة تحارب الجوع، والأسواق تكاد تكون فارغة"، مضيفاً: "بينما يجوع الفلسطينيون ويمنعون دخول المساعدات والطعام، أقام الجيش "الإسرائيلي" مأدبة وسط أنقاض حي مدمر لوحدات الهندسة القتالية التابعة له في رفح، خلال تدميرهم المتواصل للمدينة"، وفي سياق آخر، قال: "الضربة بعيدة 100 متر، جثة طارت وخبطت بالشباك عنا، والإيد بقيت معلقة والجثة وقعت.. لا عذر لمن خذل غزة".
الناس تموت جوعاً..
من جانبها، وصفت مها عوني حالهم في غزة، قائلة: "أقسم بالله العلي العظيم أن الناس تموت جوعاً في غزة، الناس لا طاقة لهم للقيام بالأشغال الشاقة اليومية المفروضة عليهم ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة، الناس تتساقط في الشوارع من الجوع وندرة العلاج والأدوية، الناس هنا في صراع من أجل البقاء، والله والله والله الناس تخاطر بحياتها للوصول إلى مناطق مليئة بالجيش والدبابات للحصول على بعض الطعام، إذا وجد في المنازل المدمرة، الناس تغامر بحياتها وتدخل البحر المليئ بالزوارق الحربية لمحاولة صيد ولو سمكة واحدة، وفي الغالب لا يصطادون السمكة ويواجهون الموت المحتم فقط، قبل قليل قامت الزوارق الحربية بقصف مركب صيد مصنوع من مواد بدائية زجاجات فارغة وحبال وحتى الآن مصير الشابين مجهول، حيث لا أحد يتمكن من الدخول لانتشالهم، لأن الزورق الحربي قريب جداً من الشاطئ، هذا الاستهداف للقارب حدث في الشاطئ المقابل للشارع الذي ننزح فيه، شارع روني صالح في مواصي خانيونس، وكل حرف كتبته حقيقة مؤكدة، نقلتها لكم من قلب غزة، حسبنا الله ونعم الوكيل".
لا أحد يسمع نداءنا!
وتساءلت هبة عماد عن حالهم: أي حزن هذا الذي نعيشه في غزة؟ نستيقظ على صوت الجوع، وننام على وجع القلوب، لا طعام، لا دواء، ولا أحد يسمع صراخنا ويسمح بدخول كسرة خبز وقطرة ماء، كل الطرق مغلقة، وكأن العالم نسي أننا بشر، الناس تموت جائعة والمعابر مغلقة، وكأن الرحمة لم تُخلق بعد، باعوا ضمائرهم، وتركوا غزة وحدها تصرخ لكننا نؤمن أن الله معنا، لا ينسى، ولا يتركنا في هذا الظلم، حسبنا الله، هو أقوى من كل من خذلنا".
وبينت هبة حمدان، أن "حالنا في غزة.. قصف من الجو والبر والبحر، وحصار خانق، لا طعام ولا مياه ولا كهرباء ولا دواء ولا تعليم ولا صحة ولا بنية تحتية، المرضى والجرحى يموتون بسبب نقص العلاج والدواء، ومن قلة الإمكانيات بعد خروج معظم المستشفيات عن الخدمة، الجوع ينتشر في كل القطاع، وآخر إحصائية كانت أكثر من 50 طفلاً توفوا بسبب الجوع".
ستطاردكم غزة في أحلامكم..
ووجه عمر مهنا رسالة قال فيها: "أيها العربي، إياك أن تشعر بالشفقة والحزن على غزة، اشفق على نفسك فقط،
غزة عاشت بكرامة، وقالت لا للطغيان،
أما أنت فلا زلت متقوقع في جبنك وفقرك وبلادتك وخضوعك، ولازلت تلهث خلف الدنيا الحقيرة، ولم تحقق شيئا أيضاً، وتستمر متقوقعاً في استسلامك، وفي مراقبة أحرار العالم من غزة إلى اليمن ...غزة وإن ماتت فماتت بعز وكرامة، وأما أنت فإن عشت ستعيش بكل الذل، غزة لا تريد طعام ولا مال.. وآخر آخر ما تحتاج هو الدعاء، دعاؤكم لا يلزمنا ولا ينفعنا أبداً، اياكم والدعاء لنا، فلسنا بحاجة دعاكم، ولو كان الله ينصر بالدعاء فقط، لما قام سيدنا محمد بالغزوات واكتفى بالدعاء، يا أمة المليار جاهل، يا أمة الذل، نامي بصمت وابقي ذليلة، وستطاردكم غزة حتى في أحلامكم.. رسالة من إنسان من داخل غزة".