يوسع الاحتلال "الإسرائيلي" نشاط الاستيطان، بشكل غير مسبوق، في مناطق جنوب الخليل الواقعة جنوبي الضفة الغربية المحتلة، إذ لا يمرّ يوم دون تنفيذ أعمال تجريف للأراضي ومصادرتها والتمهيد لبناء بؤرة استيطانية "رعوية أو زراعية أو سكنية". يأتي ذلك على وقع اعتداءات بحق السكان الفلسطينيين، كان آخرها في منطقة عنّاب، الواقعة جنوب مدينة دورا بمحافظة الخليل، بين قريتي البرج والرماضين وبلدة الظاهرية.
استهداف أراضي جنوب الخليل
صادرت سلطات الاحتلال، خلال الأيام الماضية، نحو عشرة آلاف دونم من أراضي الفلسطينيين في جنوب الخليل والممتدة من قرية البرج شمالاً إلى قرية الرماضين جنوباً، وصولاً إلى مدينة الظاهرية شرقاً.
وفوجئ مواطنو هذه المناطق، بعد العاشر من إبريل/نيسان الحالي، بآليات وجرافات عسكرية "إسرائيلية" تقتحم أراضيهم في أوقات الليل، وتبدأ بالحفر في أعلى قمم المنطقة، في مشهد يؤكد نية الاحتلال فرض أمر واقع. يقول رئيس مجلس قروي البرج يوسف تلاحمة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن المستوطنين طردوا بقوة السلاح كل من حاول الاقتراب من المكان، وذلك تحت حماية مباشرة من جنود الاحتلال.
وبعد ذلك بأيام، عاد المستوطنون المسلحون محملين بالكرفانات والخيام، ثم تزايد عددهم بشكل ملحوظ، وأقاموا بؤرة استيطانية. وبحسب تقرير صدر الأسبوع الماضي لمنظمة كرم نابوت، وهي منظمة "إسرائيلية" ترصد الاستيطان في الضفة الغربية، فإن مستوطنين أقاموا بؤرة إضافية "ضمن نطاق نفوذ مستوطنة إشكولوت المقامة على أراضي جنوبي الخليل". وتهدد هذه الخطوة، وفق التقرير، "مستقبل آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية الفلسطينية في المنطقة". ولفت التقرير إلى أن البؤر الاستيطانية الرعوية "أُقيمت بدعم مباشر من الجيش وسلطات حكومية تشجع وتُموّل هذا النمط من الاستيطان العدواني".
وأقيمت مستوطنة إشكولوت جنوب الخليل على أراضي قرى الظاهرية والرماضين ودورا، عام 1982، باعتبارها نقطة عسكرية تابعة لوحدة ناحال في جيش الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن تتحول إلى مستوطنة مدنية في عام 1991. تقع المستوطنة على الجانب الغربي لجدار الفصل العنصري، أي أنها ضمن ما يعرف بـ"مناطق التماس" لكونها داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة، لكن بناء جدار الفصل جعلها في إطار مخطط ضم الأراضي، لا سيما جنوب الخليل.
تندرج الأراضي التي تمّ الاستيلاء عليها في جنوب الخليل ضمن سجل الأراضي الفلسطينية، وتخضع فعلياً لإجراءات تسوية الأراضي الرسمية. ويشير تلاحمة إلى أنهم (في المجلس القروي) "يعملون مع المجالس القروية المجاورة وأصحاب الأراضي على جمع الأوراق الثبوتية لملكية الأراضي، وعرضها على فريق قانوني للمضي نحو محاولة استعادتها وطرد المستوطنين منها"، وذلك "تزامناً مع فعاليات شعبية أسبوعية في الأراضي المستولى عليها قرب البؤرة".