هبة دهيني*
يُحكى أنّ شعبًا فُرِضَت الإبادة عليه منذ 18 شهرًا، حين شنّ العدوّ "الإسرائيليّ" عدوانًا همجيًّا طمعًا بقتل آلاف الأطفال، وتجويع قطاعٍ كامل، لطمس المقاومة فيه. واللافت في الأمر، أنّ الاحتلال - رغم استخدامه كلّ الطّرق المتاحة لاستكمال المذابح- لم يستطع أن يُطفئَ في هذا الشّعب روح المقاومة، ولا استمراريّةَ الصّمود.
إنّه شعب غزّة الذي اقتلع من تحت الأرض أساليب للقتال، وقاتل آلة الحرب "الإسرائيلية" -بكلّ تعزيزاتها العسكريّة الحديثة، الأميركية والغربية- بما توفّر من أدواتٍ للكفاح، فمن تحت الأرض ينصبون الكمائن، لتكون النتيجة: قتلى وجرحى في صفوف العدوّ، ومن فوقها يقاتلون حتى الرّمق الأخير، دفاعًا عن الأمة، وعن القطاع الوحيدِ المحاصَر، إلا من إخوانه في الإسناد.
إذ على الرّغم من القصف المدفعي الكثيف، والإبادة المستمرّة الّتي يصعّدها العدوّ يومًا بعد آخر، تواصل المقاومة الفلسطينية عملياتها النوعية التي أربكت العدو وأصابت أهدافًا استراتيجية. ففي المناطق التي يزعم الاحتلال أنّه "أنهى المقاومة فيها"، ما زال المجاهدون يقاومون، ليؤكدوا أن الأرض ما زالت تنبض بالثّورة والجهاد.
ففي رفح، الّتي طمس المحتلّ كلّ معالمها، هناك أرواحٌ ما زالت تناضل وتقاوم، حتّى قتل مجاهدوها ضابطًا صهيونيًّا خلال اشتباك في منطقة تل السلطان، وهو من الكتيبة 5250، لواء القبضة الحديدية (205)، ليعلنوا بذلك استمرار الكفاح، وإعادة تموضع أسماء الجنود "الإسرائيليين" بين القتلى والجرحى.
ومن رفح إلى كامل أراضي القطاع، هذه البقعة الجغرافية المناضلة، يقاتل مجاهدوها رغم الجوع والعطش والحصار والقصف والقتل البطيء، يقاتلون بأقلّ الإمكانات الموجودة لديهم، ويتمسّكون بالأمل والصّمود والحياة، رغم كل محاولات العدو لطمس كلّ أساليب العيش، فيقاتلون استكمالًا لدرب الشهداء، ويدافعون عن الأمّة، أملًا بالتحرير من صلف الصهيونية.
من هنا، فإنّ صمت الإعلام الصهيوني حول ما يحدث في غزة، وتحديدًا في الشجاعية والتفاح، ليس إلا محاولة لطمس حقيقة الفشل العسكري، فـالمعركة مستمرة، والمجاهدون مستمرّون بعون الله؛ بتحدّي آلة الحرب "الإسرائيليّة"، بكلّ الوسائل المتاحة لديهم، ليهدّدوا "أمن" وجوده، ويزعزعوا راحة جنوده ومستوطنيه، والنّصر من عند الله عزّ وجلّ. *(وكالة القدس للأنباء)
