وكالة القدس للأنباء - متابعة
على الرغم من التقارير والمعلومات التي تتحدّث عن اقتراب الوصول إلى انفراجات في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن هذه المفاوضات لم تصل إلى أي نتائج جدّية بعد، وذلك بسبب التعنّت "الإسرائيلي" الذي يعرقل الوصول إلى اتفاق، ويُظهر تخبطاً كبيراً في تل أبيب حيال مشروع الصفقة الجديدة. وهذا ما أكّده مسؤولون أميركيون و"إسرائيليون"، بحسب موقع «أكسيوس»، الذي نقل عنهم، بعد مكالمة بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس حكومة العدو "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، ناقشا خلالها وقف إطلاق النار في غزة واتفاق الأسرى، قولهم إن «نتنياهو متردّد في الموافقة على أي شيء يتجاوز اتفاقاً مؤقّتاً لا ينهي الحرب".
وكانت القاهرة والدوحة عملتا خلال الأيام الماضية على تقديم صيغ مختلفة، من بينها هدنة طويلة الأمد نسبياً على قاعدة العودة إلى المرحلة الثانية من الاتفاق الأصلي، مع الإسراع في الإفراج عن الأسرى "الإسرائيليين" لدى المقاومة الفلسطينية. إلا أن المطالب "الإسرائيلية" «المُبالغ فيها»، و«عدم وجود رغبة إسرائيلية جدية في التهدئة»، بحسب المسؤولين المصريين، عرقلا الوصول إلى نقاط اتفاق واضحة وحاسمة.
وعلى الرغم من تكثيف الاتصالات بين القاهرة وواشنطن، وزيارة وزير الخارجية القطري إلى العاصمة الأميركية، إلا أن مصادر مطّلعة تؤكد أن «هذه الاتصالات لم تؤدّ إلى أي خطوات جدية من الولايات المتحدة للضغط على "إسرائيل" بشأن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة»، فيما أكّد رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بعد لقائه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والمبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف، في واشنطن، أن بلاده تعمل مع الولايات المتحدة للتوصل سريعاً إلى وقف لإطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أن السلوك "الإسرائيلي" في الفترة الماضية يُظهر أن تل أبيب "لا تهتم بصفقة".
وفي السياق نفسه، أكّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أن الجهود مستمرة بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار، موضحاً أن هذه «المساعي تهدف إلى تحقيق تهدئة شاملة وإطلاق سراح الأسرى وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
في غضون ذلك، وصل، أمس، إلى القاهرة، وفد من حركة «حماس»، برئاسة خليل الحية، لمناقشة طرح جديد يتضمّن بنوداً واضحة لهدنة مدّتها خمس سنوات، بضمانات إقليمية ودولية، مقابل تنفيذ صفقة تبادل أسرى بشكل فوري، يتم بموجبها الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين في السجون "الإسرائيلية".
وبحسب مصادر مصرية، فإن حركة «حماس» «جدّدت استعدادها للتخلّي عن إدارة القطاع وتسليمه للجهة التي يتم الاتفاق عليها، سواء كانت السلطة الفلسطينية أو لجنة مستقلّة تتألف من تكنوقراط محليين يديرون القطاع بصلاحيات كاملة، على غرار لجنة الإسناد المجتمعي التي سبق أن وافقت عليها الحركة".
في المقابل، ذكرت «القناة الـ12» العبرية أن هناك «ضغطاً أميركياً كبيراً يُمارَس على الوسطاء للضغط على حركة حماس»، مشيرةً إلى أن «المفاوضات تمرّ بمرحلة حساسة وقد تحتاج إلى أسابيع إضافية». ولفتت إلى أن «المحادثات تبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق مبنيّ على المقترح الذي قدّمه ويتكوف، قبل كسر قواعد اللعبة الحالية». ونقلت قناة «كان» العبرية، بدورها، عن مسؤول حكومي قوله إن «إسرائيل قرّرت منح فرصة إضافية للمفاوضات قبل اتخاذ قرار بتوسيع العملية العسكرية»، وإنه «لا توجد مبادرة جديدة مطروحة حالياً»، بل "إن الجهود تتركّز على تمرير مقترح ويتكوف".
من جهتها، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين أن «نتنياهو ووزير الأمن، يسرائيل كاتس، يصرّان على تقديم صورة مفادها أن هناك محاولات لا تزال قائمة لاستنفاد فرص التوصل إلى صفقة»، بينما يقود وزير المالية المتطرّف، بتسلئيل سموتريتش، التوجّه نحو «مرحلة الحسم»؛ إذ عقد ثلاثة لقاءات مع نتنياهو خلال الأسبوع الماضي، أكّد فيها أنه «لا يمكن إبقاء الدولة في حالة حرب إلى الأبد»، متحدّثاً عن "تآكل قوات الاحتياط والأضرار التي تلحق بالاقتصاد وسوق العمل".
وجدّد سموتريتش قوله، لـ«القناة الـ14»، إن «الوقت قد حان لمهاجمة غزة»، معتبراً أنه «إذا لم يحدث ذلك، فلا مبرّر لوجود هذه الحكومة»، مضيفاً أن ما يجري في غزة «ليس حرباً بل عملية عسكرية جديدة تهدف إلى الضغط من أجل إعادة الأسرى الإسرائيليين». وتأتي تصريحات سموتريتش في وقت أفادت فيه «القناة الـ13» العبرية بأن «الجيش يخشى من تراجع التزام قوات الاحتياط»، ومن عدم حضور أعداد كافية إذا تمّ استدعاء الاحتياطيين لعملية واسعة في غزة. وفي الاتجاه نفسه، ذكرت «إذاعة الجيش»، نقلاً عن ضباط ميدانيين، أن «نحو 60% فقط من جنود الاحتياط يلتزمون بالخدمة حالياً في غزة»، وهي نسبة أقل بكثير من النسبة الرسمية المعلنة سابقاً وهي 85%.
على المستوى الأمني، أبلغت "إسرائيل" مصر نيّتها التحرك على «محور فيلادلفيا»، خلال الأسابيع المقبلة، ضمن خطة إعادة الانتشار المقرّرة، والتي تتناسب مع مخططاتها الجديدة في قطاع غزة، وتسمح لها بتحقيق السيطرة على حدود القطاع. وبحسب مصادر مصرية، فقد «طلبت إسرائيل من مصر تزويدها بخرائط ومعلومات تفصيلية حول وضعية القوات المصرية المنتشرة على الحدود». كما طالبت تل أبيب بضرورة «عدم إجراء أي استعراضات عسكرية في شمال سيناء بالتزامن مع احتفالات ذكرى تحرير سيناء نهاية الأسبوع الجاري»، وهو أمر لا يزال قيد النقاش في القاهرة ولم يُحسم مصيره بعد.