ارتكبت قوات العدو الصهيوني في الأيام القليلة الماضية، مجازر وجرائم قلّ نظيرها في التاريخ، في حرب إبادة تستهدف سكان قطاع غزة، ومحاولة اقتلاعهم من أرضهم، أو دفنهم فيها، وقد وصف الأهالي ما يحدث بأنه "أهوال يوم القيامة"، حيث استشهد المئات جراء سلسلة من الغارات العنيفة، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما أمر جيش العدو الصهيوني بإخلاء شرق غزة، ولم تستثن الطائرات الحربية أي شيء، فاستهدفت المنازل والمساجد والمدارس وخيام الإيواء، بالإضافة إلى استهداف خيمة للصحفيين، ما أدى إلى استشهاد الصحفي، أحمد منصور، بجريمة بشعة، حيث احترق حياً، على مرأى من العالم، في خان يونس جنوبي القطاع، كما استشهد أيضاً الصحفي حلمي الفقعاوي والشاب يوسف الخزندار، وأصيب آخرون بجروح.
وفي هذا السياق، رصدت "وكالة القدس للأنباء"، توثيق أهالي غزة لمعاناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، آملين أن يسمع أحد صوتهم، ويلتفت لجراحهم.
أحلم بيوم بلا قصف..
في هذا السياق كتبت إيمان عودة: "أبلغ من العمر أربعةً وعشرين عامًا، أسير في شوارع لم تعد تعرف الحياة، مدينة أكلتها الصواريخ، وابتلعتها القذائف، أبحث عن هدوءٍ ضاع بين الركام، لكن الهدوء هنا رفاهية لا يملكها أحد، تحوّلت حياتي إلى معركةٍ يومية، لا سلاح فيها إلا قلبي، أركض، أتوتر، أرتجف... لكن لا وقت للانهيار"، مضيفة: "الخوف رفيقي، والتفكير بالغد يلاحقني كظلّي، كيف سيكون؟ هل سأبقى؟ هل سيبقى شيء؟
أحلم بيومٍ هادئ، مجرّد يوم بلا قصف، بلا بكاء، بلا رعب، لكن الغد يأتي محمّلاً برائحة البارود، وبصوتٍ جديد للموت".
وأضافت، "أنام لأهرب، فإذا بالنوم يخذلني، يتركني فريسةً للكوابيس، أبقى ساعات أمام النار، أوقد الحطب كي أساعد أمي، وفي الخفاء، أذرف دموعي. أقول إنها من الدخان... لكن الحقيقة أني أبكي على نفسي، على بلادي، على ما كنّا عليه وما صرنا إليه، صور الدم، والأشلاء والصراخ... تلاحقني، أشعر أنني على حافة الانهيار، أنني أكاد أفقد نفسي، أن شيئًا بداخلي ينكسر كل يوم، ومع ذلك... ما زلت أقف.. رغم الخوف، رغم الألم، رغم الرماد الذي يغطي المدينة… أرى لونًا أبيض في داخلي لا ينطفئ، صوت صغير بداخلي لا يكفّ عن الترديد: "غدًا سيكون أفضل"، وقد قطعت عهدًا على نفسي… أن لا أستسلم، أن أنتظر الغد، وأصنع منه ما يستحق".
وكانت قد كتبت في وقت سابق، "بنفكر إنه كل ليلة صعبة عدَّت وخلص، بنتفاجأ بالليلة اللي بعدها انها بتخوف أكثر.. من قوة الانفجار، بتحس قلبك طلع من مكانه".
أهوال يوم القيامة..
بدورها، قالت كريمة النجار: "الليلة شهدت قصـفاً عنيفاً وانفجارات قوية، ومع هاي الانفـجارات في أصوات تانية بتطلع، شي متل أهـوال يـوم القيامـة والله العظيم"، موضحة، الفيسبوك بسألني بم تفكر؟ جوابي بفكر رح يطلع الصبح عليي أو لا، الوضع مرعب وبخوف وانفجارات قوية، اللقمة يلي بناكلها حتى نسند حالنا فيها بتنزل متل السم".
نتنفس من خرم إبرة..
أما علي صيام، فقال: إن "أهوال يوم القيامة متجسدة هنا في غزة، اللهم برحمتك أطفئ نار هذه الحرب، ذنبنا الوحيد أننا نعيش في غزة.. نحن نعيش في غزة أياماً صعبة وقاهرة للغاية، كأننا نتنفس من خرم إبرة، نريد أن نبكي.. مَعاذ اللهِ ما يئسنا ولكنها والله أيام ثقيلة وقاهرة ومُعذبة وظالمة وطاحنة، أيام لا تقوى عليها الجبال ولا الأنعام، أيام تشيب من هولها الولدان والله المستعان.
ما يحدث لنا إبادة!
من جانبه، وصف محمود ما حدث في الشجاعية قائلاً: ما حدث الليلة عندنا فـي حي الشجاعية لا يُوصف، اليوم كان يومًا وحشيًّا دموياً، مليئًا بالدماء والأشلاء ورائحة الموت".
وأضاف: أُحدثكم من داخل حي الشجاعية، ما يحدث لنا الآن إبادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى...عندنا فـي غزة..
تذهب لتحصل على الطعام فـي طَبق فتعود إلى أهلك فـي كَفن.."، مشيراً إلى أن "العدو قصف محطة المياة الوحيدة في الحي، ولم تدخل لقمة طعام واحدة لنا منذ أكثر من35 يومًا".
أما بسمة مشهراوي، فقالت: "زلازل من القصـف تضرب غرْة الآن، أجساد الأطفال ترتجف خوفاً، جُن جنونهم.. الأرض تهتز الآن من شدة القصـف! ليلة مرعبة! الطائرات المسيّرة تدخل بيوت الناس في حي الشجاعية، يصدر منه أي نور (فلاش الهاتف مثلاً) تدخل إليه هذه الطائرات وتطلـق فيه النـار، إصـابات كثيرة هناك، إلى متى هذا الظلم! إلى الله المشتكى".
لا سامح الله أمة تخاذلت وسكتت!
بدورها، أكدت ريم شاغوري، قائلة: "اللهم إنك تشهد أننا لم نتخاذل، ولم نسكت، وحاربنا وحاولنا وقدمنا أغلى ما لدينا، لا سامح الله أمّة تخاذلت وسكتت عن الظلم والعدوان، لعن الله أمة سمعت بذلك ورضيت به".
تكلموا عنا إننا نموت..
أما الناشط جهاد الهمص، فقال: "سيسجّل التاريخ أن 15 مُسعفًا قتلو!ا بدم بارد وهم ذاهبون لأداء مهمتهم الإنسانية،
سيُسجل أكبر تواطؤ وخذلان من العالم العربي والإسلامي تجاه غزة منذ 16 شهرًا"، مضيفاً: "كنا نعلن ارتقاء شهيد، صرنا نعلن إرتقاء عائلة كاملة، واليوم نعلن إرتقاء حي بأكمله.. إنها أول ليلة للذين تحت الركام في حي الشجاعية، خائفين.. جائعين..ينزفون"، متسائلاً: هل العرب معهم علم باللي بصير فينا؟؟".. أقسم بالله قاعدين بنشاهد، بجربوا فينا أنواع جديدة من الصواريخ.. ليلة صعبة نعيشها في غزة، تكلموا عنا اننا نموت!".
ووجه رسالة عبر صفحته إلى المتخاذلين، قائلاً: "وَاللهِ لَنُحاجِجنَّكُم أمَامَ اللهِ، وَلنقتَصّ مِنكُم حقُوقَنَا، نشْكُو إليهِ مرَارَة خُذْلانِكُم وعَظِيم جُرمكُم. كَيف هَانتْ عَليكُم صَرَخَات المُستَغِيثين وكَيف طَابتْ لكُم الحَياة وَبيُوتنَا تُهدم وأطفَالنا يُقتلُون؟! لا نَامَت أعين الظَّالِمِين، ولَا ارتَاحت قُلوبُ المتَخَاذلِين. سنَقفُ بَين يَدي العَدل الذي لا يُظْلمُ عنْده أحدٌ أبدًا، وسَينطِقُ التَّارِيخ بِما اقْتَرفتُم، وسَتشهَد الأرضُ والسَّماء على خِيانتِكُم".