قائمة الموقع

نازحون الى مدرسة الكفاح المهجورة في عين الحلوة

2012-12-29T07:24:09+02:00

تتكدس أكثر من 22 عائلة فلسطينية نازحة من سوريا في غرف ضيقة لم تكن مخصصة للسكن اصلا، داخل مدرسة "الكفاح" سابقا في مخيم عين الحلوة وهي مدرسة مهجورة وبعض غرفها الضيقة متصدعة وايلة للسقوط فتحت ابوابها على عجل وجرت عملية ترميم وصيانة سريعة لاحتضان النازحين الذين لم يجدوا مكانا يأويهم.. من بين مئات العائلات التي فرت من جحيم الموت والدمار في سوريا وآخرها من مخيم اليرموك.
مشهد مدرسة "الكفاح" كشف بوضوح ازمة استيعاب للنازحين في المخيمات الفلسطينية في لبنان وتحديدا في مخيم عين الحلوة المكتظ اصلا بسكانه، وهو الممتد على حدود كليو متر واحد بينما يقطنه اكثر من 80 الف نسمة، وقد أضيف اليه اليوم المئات من العائلات الفلسطينية النازحة لتصبح الحياة فيه صعبة، تضيق المنازل المتلاصقة على من فيها، تزدحم الشوارع، يتحول حديث الناس الى هم واحد عنوانه كيف يمكن استيعاب النازحين في ظل هذه الظروف القاسية والفقر والمدقع ووسط الشتاء والبرد القارص..
كانت الفكرة المتداول بين القوى السياسية واللجان الشعبية في المخيم اقامة مخيم مؤقت للنازحين عند الطرف الجنوبي لجهة درب السيم، لكنهم عدلوا عن الفكرة بعد محظورات سياسية وامنية تتعلق اصلا باصل التسمية والاقامة التي يمكن ان تتحول الى دائمة، ناهيك عن الحاجة الى اموال لتأمين الاحتياجات الحياتية الضرورية، وقد استيعض عنه بايواء العائلات فرديا وفي منازل غير مسكونة وتأجير اخرى وصولا الى فتح مدرسة الكفاح وروضة البهاء وروضة بدر التابعة للواء منير المقدح وهي ثلاثة اماكن تأوي اليوم النازحين بشكل جماعي.
تحولت مدرسة "الكفاح" سابقا وهي مدرسة قديمة كانت مهجورة مؤلفة من طابقين فقط ونحو عشر غرف الى ملاذ يأوي اللاجئين يقطن فيها اليوم اكثر من 22 عائلة نازحة، قسمت الصفوف ـ الغرف بالشراشف لتستوعب عائلتين او اكثر، وبين الممرات وضعت العوازل ايضا للحفاظ على بعض من خصوصية العائلات التي تلاشت، فالحمامات مشتركة، والطبخ داخل الغرف نفسها، وصبورات المياه موحدة تمتد على مجلى طويل، ضجيج لا يهدأ، وصراخ الاطفال يملأ المكان المكتظ، يقطعه صوت مرتفع على الهاتف بأعلى الصوت يريد ان يطمئن عن اهله واقاربه وجيران، فجأة يسود المكان الصمت، تنهمر دموع نازحة لقد تهدم منزلها واستشهد قريبها، يتراكض الجيران الجدد نحوها لمواساتها وتقديم الى التعزية وفي بالها تتراود الافكار من يطال الموت في المرة القادمة.
تجلس "ام علي" ارضا داخل غرفتها والى جانبها حفيدها الصغير، ينتظر ان تنتهي من اعداد وجبة الغداء عبارة عن بطاطا مقلية، يغلي الزيت على مهل فوق غاز صغير في رحلة نزوح طويلة بدأت من تل الزعتر في منتصف السبيعينات الى اليرموك ثم الى بيروت ثم عودة الى اليرموك بعد الاجتياح الاسرائيلي واليوم الى عين الحلوة، قالت بتأفف "لقد سئمنا الحياة، من هجرة الى نزوح الى تشريد، هل كتب على الفلسطيني ان يبقى معذبا في الارض"، قبل ان تضيف "بتنا نشعر ان ثمة مخططا لتهجير الفلسطينيين من سوريا، كنا نعيش سواسية مع السوريين متساويين بالحقوق والواجبات، وبالتأكيد لن يعود الامر كذلك بعد الاحداث الدامية لقد خسرنا كل شيء وبدات نكبتنا من جديد.
وسط برد الشتاء وصقيعه، يتجمهر عدد من الفتيان، يشعلون النار من حطب داخل "تنكة" حديدية علها تدفء شيئا من بردهم وخوفهم، يقول الفتى محمد بدوي "لقد فقدت اهلي وضاع مستقبلي ولم اعد اعرف ماذا افعل، لقد قررت ان ابحث عن لجوء سياسي الى اي من الدول الغربية ولن اعود ثانية الى مخيم اليرموك مهما حصل".
ويقول علي طحيبش المسؤول في جمعية "السبيل" التي تشرف على المدرسة عمليا وعلى تأمين احتياجات قاطنيها اننا نوفر الاحتياجات قدر الامكان، لكن المتطلبات كثيرة والحياة صعبة والاسعار مرتفعة، والمطلوب حراك حقيقي لاجبار الاونروا على تحمل مسؤلياتها.
قلق ولجوء
في الاوساط الفلسطينية، يسود القلق مع حديث خافت عن مخاوف من تفتيت الكتل البشرية الفلسطينية وتهجيرها وتذويبها، تحقق الامر في العراق، ثم تكرر في ليبيا، وفي مخيم نهر البارد فتحت ابواب الهجرة امام ابنائه، كثيرا منهم لم يعودوا الى ديارهم المؤقتة، فضلوا الترحال الى دول اخرى علهم يجدوا ضالتهم من الامن والامان والاستقرار والحياة الكريمة، واليوم يخشى ان يتكرر الامر في اليرموك حيث فتحت بعض السفارات ابوابها لاستقبال طلبات اللجوء، يقول محمد "لن اتردد هذه المرة ولن اعود الى اليرموك ابدا".
في روضة "بدر"، يحاول النازح حسام الدين علي ان يتلمس طريقه الى منزله المؤقت، غرفة صغيرة ووحيدة، فهو ضرير خسر نور الحياة سابقا ولكنه هذه المرة رفض ان يخسر ارواح عائلته، فنزح مع زوجته واولاده الاربعة من منزله قرب الست زينب الى اليرموك ومنه اليوم الى عين الحلوة، يتكأ على عكازه، يساعده ولده الاكبر البالغ من العمر 8 سنوات، يقول بتعفف "لا نريد شيئا سوى العودة الى منازلنا، مانطلبه حياة كريمة تسد رمق الجوع".
وقد كشف أمير الحركة الإسلامية المجاهدة أمين سر القوى الإسلامية الشيخ جمال خطاب عن ارتفاع اعداد العائلات النازحة من سوريا إلى مخيمات صيدا اذ بلغت لغاية الآن نحو الف عائلة، قائلا "ان هذا يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة، ولكننا لن نألو جهداً ولن نترك بابا إلا وسنطرقه من أجل تأمين احتياجاتهم ما استطعنا إلى ذلك سبيلا".


المصدر: منتدى الاعلاميين

اخبار ذات صلة