"إنّها أشبه بنكبةٍ جديدة"، هكذا يصف الفلسطينيّون ممارسات الاحتلال الوحشيّة في الضفة الغربية، والتي يعمل من خلالها على استكمال خطة التهجير القسريّ والتطهير العرقيّ، وذلك من خلال استنساخ إجرامه من غزّة نحو جنين، ثمّ طولكرم وطوباس، واستعداده لتحويل كامل الضفة إلى منطقة مهجورة ومدمرة بالكامل.
من هنا، فقد عمل الاحتلال -ومن ورائه الولايات المتحدة الأميركية- على تنفيذ خطط التهجير القسريّ لطرد أصحاب الأرض إلى أراضٍ عربيّة مختلفة، ولقد امتدّت المحاولات من عام 1937 إلى 2018 ضمن ما يُعرف بصفقة القرن، وها هي تتجدّد اليوم في هذا العام.
ففي جنين، وبعد أكثر من 16 يومًا من العدوان الهمجيّ على المدينة ومخيّمها، شهداء وجرحى بالعشرات، أضف إلى 20 ألف نازح، أي ما يعادل 3200 عائلة مهجّرة قسريًّا، فجرافات الاحتلال تدمر البنية التحتية هناك، وتقطع الخدمات الأساسية عن المواطنين، وتنسف مبانٍ سكنية بأكملها فوق رؤوس سكّانها، فأكثر من 18 منزلًا تضرّر في المخيّم، أمّا عن المياه، فإنّ أربع مشافٍ في جنين من أصل خمس، لا تصلها المياه، و35% من المدينة، تفتقر للمياه كذلك.
إذ بنى الاحتلال "سوره الحديديّ" فوق أنقاض بيوت المخيمات في جنين، ثم في طولكرم وطوباس، ضمن استعراض إجراميّ بالمتفجرات التي تسببت بأضرار واسعة تعدّت مساحة المخيّم، فتُحرم اليوم عائلاتٌ كثيرة من سقف يؤويها وعنايةٍ أولية ومقوّمات حياتيّة.
أمّا في طولكرم، فإنّ 75% من سكّأنها قد هُجّروا قسريًّا بسبب المحتلّ الغاشم، أي ما يقارب 9 آلاف مواطن من مختلف الأعمار، إذ أجبرتهم قوات العدوّ على النزوح ومغادرة المخيّم، في ظل العدوان غير المسبوق على المحافظة، إذ تبدو الأوضاع الإنسانية صعبة للغاية، وسط نسفٍ وتدميرٍ للمنازل وتجريف للبنى التحتية، أضف إلى قطع الخدمات الأساسية عن المخيّم.
ولا تقف مجازر الاحتلال عند حدود جنين وطولكرم، بل تمتد نحو إعلان الاحتلال بدء عمليته العسكرية في مخيم الفارعة وبلدة طمون جنوب شرق طوباس، فيستمر العدو بالاستيلاء على المنازل وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، أضف إلى حصار المخيم وتخريب كلّ ما قد يتحرك أمامه.
كلّ ما يفعله الاحتلال اليوم ما هو إلا امتدادٌ لخطط التهجير والدمار وسلب حقوق الفلسطينيين، ونقلِ الإبادة من غزّة نحو الضفة، فالعدو مجبولٌ بالوحشية والظّلم والحقد الذي يفرغه اليوم على جغرافيا الضفة، خاصة في مخيم جنين الذي يشكل "عقدة" تخيف المحتلّ الغاصب، وحاضنَ المقاومةِ المستمرّة.
يتفاخر الاحتلال اليوم بحجم التفجيرات التي يفتعلها في الضفة، وبالغارات والحصار الشامل، وفي الوقت نفسه، وفي أتون استنفاره العسكريّ، تفاجَأ جنوده بفدائيّ "تياسير"، الذي كسرَ "سورهم الحديديّ" وذكّرهم بمغبّة أفعالهم، وبقوة المقاومة التي جرفَ طوفانها منظومتهم "الأمنية".
فمنفّذ العملية أجهز على كامل القوة العسكرية التي واجهها، وأوقعهم بين قتيل وجريح، وأعاد للعدوّ شبح السابع من أكتوبر، عبر إظهاره جرأة الفلسطينيين وبسالتهم وشجاعتهم، حتى في ظل اعتداءاته في الضفة وحصاره، فالفدائيّ يولد من تحت الحصار والركام والموت، أضف إلى تذكير الاحتلال بروحه الإنهزامية، خاصة فيما يتعلق بيقظة واستعداد قواته، فقد برز الإغفال "الإسرائيلي" في العملية، وإخفاق نظام الحراسة، فقد أطلق المنفذ النار على الجنود وهم نيام في الأسرّة، بدلًا من أن يأخذوا مواقعهم بعد الفجر.
"نتائج خطيرة وغير مقبولة في الجيش، لقد حدث خلل كبير هنا"، هذا ما قالته مصادر في "جيش" العدوّ، فعلى الرغم من عملياتهم وحصارهم واعتداءاتهم ووحشيتهم، برز لهم الفدائيّ، في وسط استعراضهم الإجراميّ، واجههم ليَروا وجه المقاومة التي لا تموت ولا تنكسر، حتى في أَوَج الحصار والدمار ونسف المباني، يولد الفلسطينيّ دائمًا ليقاتل!
*وكالة القدس للأنباء