لم يكد يبدأ سريان وقف إطلاق النّار في غزّة، حتّى بدأ الاحتلال "الإسرائيليّ" عدوانه الهمجيّ على جنين، تحت عمليّةٍ أطلق عليها اسم "الأسوار الحديديّة"، إذ امتدَّت وحشيّته إلى إعلان حربٍ غير مسبوقة في الضفة الغربية المحتلة، منذ أكثر من أسبوع، كمحاولةٍ لتعويضِ فشله العلنيّ في غزّة، ونقل إبادته نحوَ جنين.
تواصل قوات الاحتلال اعتداءاتها عبر فرض حصارٍ شامل على المدينة ومخيّمها، أضف إلى تهديد المراكز الطبية والمستشفيات هناك، مع هدم جرّافات العدوّ للعديد من المنازل، إذ استُشهد حتى اللحظة 14 فلسطينيًّا وأصيبَ العشرات برصاص الاحتلال، وسطَ تحليقٍ مكثّف لطائرات العدوّ المسيرة في سماء المخيم.
يُعلن الاحتلال هدفه من عمليّته الواهية بالقول إنّه يريد القضاء على ما يسمّيه وفقَ زعمه "إرهابًا"، في حين تمارس حكومته كلّ أنواع الإرهاب والظلم والإبادة العلنيّة، ويُصنَّف القيّمونَ عليها عالميًّا مجرمي حرب، إذ يقتل جنودُه الأطفال والنّساء، ويدمّرونَ البنية التحتية لمدينة جنين ومخيّمها.
من هنا، فإنّ الكيان الصهيونيّ، وبعدما خرجَ صاغرًا من قطاع غزّة، يعتمد استراتيجيّةً قائمةً على ضمّ الضفة الغربية وتهجير أكبر عدد من سكّانها، فقد أظهر ذلك علَنًا عبر عرض الخرائط والخطط المستقبليّة التي يتّبعها. وما يحدث في الضفة في هذه اللحظات، وتحديدًا في جنين، ما هو إلّا استكمالٌ لهذا المخطّط الزّائف، إذ يفرض الاحتلال اليوم أكثر من 800 حاجز في الضفة، للتضييق على السكان وترهيبهم ودفعهم للتهجير القسريّ، كما سبقَ وفعل في قطاع غزّة.
وهنا مربطُ الفَرَس، إذ سبقَ وكسَرَ طوفان الأقصى سيوفَ العدوّ الحديديّة، وبالتالي، فليسَ صعبًا على مقاومة غزّة وشعبها أن يكسروا "أسوار" المحتلّ، فمنِ انتصر بالطّوفان في القطاع، سينتصر بالكِفاح في جنين. هذه المقاومة الّتي لا تتوقف عن تصدّيها للمحتلّ في الضفة، عبر خوضِ اشتباكاتٍ مع جنوده دفاعًا عن الأرضِ وتدميرًا للمخطّطاتِ الواهية.
فبعدما فشل الاحتلال في غزّة، وأعلن ذلكَ علنيًّا بألسِنة مجرمي حكومته، يحاول اليومَ تعويضَ خسارتهِ عبرَ البحث عن صورة "نصر" في جنين، لاستكمال مخطّط الضّمّ الموهوم. هم يريدون جنين كغزّة، وكما قال أبو عبيدة، فإنّ جنين شقيقة الروح لغزّة، وهي فعلًا مثلها، ولكن، ليس بالإبادة والقتل والدّمار، وإنّما بالإرادة الصّلبة والصّبر والصّمود والتّحمّل، بالتّصدّي والإقدام، بالمقاومة والكفاح المسلّح ضدّ العدوّ الصّهيو-أميركيّ.
جنين ستنتصر كما انتصرت غزّة، وستُفشل مخطّطات العدوّ الواهية، لأنّ المقاومة جدوى مستمرّة في كلّ السّاحات، ولأنّ الوحشيّة أسلوبٌ اعتياديٌّ لكيان الاحتلال "الإسرائيليّ"، إذ بُنِيَ على القتل والتّرهيب والإبادة، أمّا نحن، فقد عُجِنَت أرواح مقاومينا بحبّ البلاد والقتال حتّى آخر رَمَق، لذا، فإنّ النّصر حليف جنين، ولو طالت أسوار العدوّ الحديديّة!..
*وكالة القدس للأنباء