آلاء الغزي*
على مدار 471 يوما، ارتكب العدو "الإسرائيلي" حرب إبادة شاملة، على قطاع غزة، حملت معها دمارا هائلا وآلاما كبيرة على الصعيدين الإنساني والمادي، رغم ذلك، ظل الشعب الفلسطيني في غزة يواجه تلك التحديات بثبات، وإصرار على عدم الاستسلام، ما دفع الاحتلال للتراجع صاغرا، ومرغما على التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار والتبادل، فالشعب الفلسطيني في غزة بمقاتليه وشعبه، أعطى العالم دروسا في المقاومة والبسالة والشجاعة والثبات، في مواجهة الحرب الكونية.
"غزة فرضت شروطها وانتصرت"! هكذا قال المحللون الصهاينة، قبل المحللين العرب. وسجلوا بمقالاتهم وتحليلاتهم أن "طوفان الأقصى" أكد أن ثلة من المقاومين، مؤمنين ومتكلين على ربهم، وعلى إرادة شعبهم استطاعوا إلحاق الهزيمة بجيش العدو وكل داعميه، من إدارة أميركية ودول غربية وعربية مطبعة.
بهذا المعنى فإن قطاع غزة ليس مجرد رقعة جغرافية بل هو رمز للمقاومة والإرادة التي لا تلين، فالصمود الاسطوري لشعبه غيَّر المعادلات، وأرغم قوى العدوان الصهيو أميركية غربية المتجبرة، على الجلوس الى طاولة المفاوضات، والتوقيع رغما عنهم على صك الهزيمة... اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى!..
فهذه الخيبة التاريخية التى جناها العدو في الحرب سترافقه في كل الميادين، والازمان، فالعدو "الاسرئيلي" بالرغم من كل الدعم الأميركي الغربي والتطبيعي، وعلى كل الصعد والمستويات، ورغم كل الجرائم والتوحش، لم يستطع كسر صمود غزة وتحقيق أهدافه.. فقد عجز عن استعادة أسراه، وعن الحاق الهزيمة بقوى المقاومة، والقضاء عليها، ولن يفلج في البقاء على اي جزء من أرض غزة العزة والكرامة. وذلك بفضل المقاومة الباسلة الشجاعة والصمود الاسطوري لشعب غزة، ودعم جبهة الإسناد، والحراك المميز لشعوب واحرار العالم..
ان إتمام اتفاق وقف إطلاق النار والتبادل، يحمل دلالات هامة على الصعيدين الإقليمي والدولي، فعلى المستوى الإقليمي، تعكس الصفقة قدرة القوى الفلسطينية على تعزيز وحدة الصف في مواجهة التحديات الميدانية والعسكرية، بينما يشهد كيان العدو الصهيوني حالة من الفوضى والاضطراب، بفعل الهزيمة التي منيت بها حكومة عتاة المتطرفين الفاشيين، التي فشلت بتحقيق اي من أهداف حربه المجنونة رغم كل الدعم "العالمي" الذي حظيت به طوال 15 شهرا.
وقد أثارت الصور والمشاهد القادمة من غزّة، التي أظهرت مقاتلي حماس وقوى المقاومة، وهم يحتفلون علناً بالنصر، بثيابهم وأسلحتهم، وبالتفاف اهالي غزة حولهم.. أثارت غضباً واسعاً في الأوساط "الإسرائيليّة"، سواء بين الجمهور أو الإعلاميّين، أم في أوساط رجال السلطة.. وكان ظهور قوافل المقاتلين على متن سيارات "تويوتا" البيضاء التي ارتبطت بهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 رمزاً مستفزاً يذكّر بفشل استراتيجي كبير للكيان الغاصب.
هذه الصور اعتُبرت إهانة لمفهوم الأمن "الإسرائيلي"، وأثارت تساؤلات عن جدوى استمرار الحرب كل هذا الوقت، ما عمّق شعور الإحباط والمرارة تجاه القيادة السياسيّة والعسكريّة والأمنية التي فشلت في تحقيق وعودها بالقضاء على قدرات حماس، وكل قوى المقاومة.
ان إتمام "الصفقة" لا يعني بأي حال من الأحوال، انتهاء للحرب، بخاصة مع عدو يعلن يوميا أن حربه مع شعب فلسطين، وشعوب الأقطار العربية القريبة من الكيان والبعيدة عنه لن تتوقف الا بالسيطرة الكاملة على المنطقة الممتدة من النيل الى الفرات، كما أظهرت الخرائط التي نشرتها وزارة خارجية الكيان الغاصب.
ان تجربة قوى المقاومة الفلسطينية والعربية مع العدو الصهيوني تحتم عليها اليقظة الدائمة من غدر المحتل، وممارسة كل اشكال الضغط عليه لتنفيذ اتفاق وقف النار والتبادل، ومواصلة الاستعداد الدائم لمواجهة كيان الاحتلال الذي يعلن أن حربه مع المقاومة لم تنته، وها هو العدو ينقل المعركة الى الضفة الغربية، دافعا بجيشه وعصابات المستوطنين للاعتداء على مدن ومخيمات الضفة والقدس المحتلتين، ولا سيما مخيم جنين.
وسوف تبقى كلمة المقاومة هي العليا.
*وكالة القدس للأنباء