اختلطت أوراق اللعبة السياسية المخطط لها مع العمليات النوعية الأخيرة، كما المجابهات الميدانية في غزة، وكرة اللهب التي امتدت حتى بيت لاهيا، وهو خلطٌ تكرر مع الضفة، وما تبعه من إطلاق المقاومة لرشقاتٍ صاروخية الأسبوع الماضي. وجاء الدور بعدها، اليوم، على كمين محكم نفذته حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" بالتعاون مع "سرايا القدس"، غربي بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة. حيث اشتبك المجاهدون مع قوة صهيونية راجلة قوامها 10 جنود، بالأسلحة والقنابل اليدوية وإيقاعهم بين قتيل وجريح، ولاحقوا أحد الجنود الذي فرّ من المكان وأجهزوا عليه من المسافة صفر.
وفي سياق متصل، أعلنت فصائل المقاومة في غزة عن تنفيذ عملية جريئة استهدفت جنود الاحتلال "من مسافة صفر". العملية، التي وصفت بأنها من أعقد العمليات وأكثرها تأثيرًا، أسفرت عن طعن وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين كانوا يتولون حماية مبنى تتحصن فيه قوة عسكرية للاحتلال، قبل أن يقتحم مجاهدو المقاومة المكان ويجهزوا على من بداخله. وقد أظهرت العملية جانبًا آخرًا من الانتهاكات "الإسرائيلية"، إذ كشفت عن استخدام الاحتلال للمدنيين الفلسطينيين دروعًا بشرية في مناطق التوغل شمال قطاع غزة، وفي مشهد يؤكد مجددًا على استغلال الاحتلال لحياة الأبرياء لتحقيق أهدافه العسكرية والسياسية، فقد نجحت المقاومة، بعد القضاء على الجنود المتحصنين في المبنى، من تحرير المدنيين الذين كانوا محتجزين داخله.
ويقول مراقبون إن تنفيذ عمليات من هذا النوع يعكس تحولًا في استراتيجية المقاومة نحو استهداف الاحتلال من نقاط قريبة، مما يشكل خطورة متزايدة على الاحتلال "الإسرائيلي". وهذه الاستراتيجية، قد تكون أيضًا مقدمة لحالة استنزاف طويلة الأمد، تعيد خلط أوراق الصراع وتربك حسابات الاحتلال، خاصة إذا نجحت المقاومة في رفع وتيرة هذه العمليات تدريجيًا. كما إنّ العمليات البطولية التي تنفذها المقاومة "من مسافة صفر" تحمل رسالة واضحة: غزة قادرة على قلب المعادلة، وستظل شوكة في حلق الاحتلال، مهما طال أمد العدوان، وزاد من وتيرة جرائمه وإرهابه.
وهذه العمليات تأتي، في وقت يشتد فيه الخناق على حكومة تل أبيب لإبرام صفقة وقف إطلاق النار، فمن المتوقع أن ينتقل رئيس الموساد، ديفيد برنيع، غدًا، إلى قطر لمواصلة عملية المفاوضات.
فيما تواصل المقاومة الفلسطينية بعد أكثر من 15 شهرًا على التوالي التصدي للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، في ظل ضوء أخضر أميركي مستمر للعدو "الاسرائيلي" بارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين العزل في القطاع المحاصر، حيث يسجل الكثير من التواطؤ من الدول الغربية وبعض الأنظمة العربية وصمت وغياب كثير ممن يرفعون شعارات حقوق الإنسان والحريات من دول ومنظمات وجمعيات وشخصيات فضحتهم دماء أهل غزة ومجازر العدو هناك.
*وكالة القدس للأنباء