هبة دهيني*
بينما يقاتل أبناء البِلاد في جنين، ويمتشقون أسلحتهم للدّفاع عن أرضهم وتطهيرها من دَنَس جنود العدوّ، وعربدة قطعان المستوطنين، تأتي "السّلطة الفلسطينيّة" لتقمَع تحرّكاتِهم باعتبارهم وفقَ ادّعائها، وتصريحات الناطق باسمها، "خارجينَ عن القانون"، أيُّ قانونٍ فلسطينيٍّ هذا الّذي يجرّم الفعلَ المُقاومَ والسّلاحَ القانونيّ والشّرعيّ؟
فإن كانت أجهزة أمن السلطة تريد الحفاظ على الوطن، فكيف يُحفظ الوطن بحماية الاحتلال؟
جاءت السلطة في بيانها وصرّحَت بالقَول أنّ استراتيجيّتهم تقتضي حماية الفلسطينيين والحفاظ عليهم من الدّمار، وهنا مربط الفَرَس، من يسبّب الدّمار للفلسطينيّ سوى الاحتلال؟ من يًبيد اليوم أرضًا كاملةً في قطاع غزّة ويقتل الأطفال والنّساء ويشرّد الآلاف؟ من يفجّر منازل المدنيّين بالروبوتات المتفجّرة وينزع أمن الغزّيّين ويقتلع طموحاتهم من تحت الأرض سوى العدوّ "الإسرائيليّ"؟ إذًا، من يجب محاربته هو العدوّ، وبوصلة السلاح يجب أن تتّجه نحو الكيان المحتلّ وجنوده، لا نحو حماة الوطن وأبناء الأرض!
أضاف الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطينيّ أيضًا أنّ ما يحدث في جنين من ممارساتٍ للسلطة، ما هو إلّا "حملة أمنيّة تستهدف الخارجين عن القانون، وهي ضدّ من يقتل الأطفال". منذ متى صارت مواجهة الاحتلال خرقًأ للقانون؟ إلا إذا كان قانون "السّلطة" يخشى مقارعة المحتلّ!
إنّ "الحملة الأمنيّة" التي يتم الحديث عنها ما هي سوى قتلٌ لأبناء البلدِ الواحد، وتعزيزٌ لفعلِ الاحتلال، وطَمسٌ للفعل المقاوم والمناضل في مخيّمِ جنين، فكما قال الناطق باسم الكتيبة "يريدون جنين عارية السلاح، وجنين لن ينتزع منها السّلاح إلا الله"، هذا السّلاح سيبقى بأيدي أبناء البلد، لأنّ بوصلته واضحة: حيثُ يكون العدوّ "الإسرائيليّ" الوحشيّ، وعلى كلّ حال، فطالما لا ترفع السلطة السلاح لتقاتل "إسرائيل"، فإنّ غيرةَ الفلسطينيّ على وطنه، ستحفّزه ليقاتل، فكيف تريد السلطة أن تنتزع من المقاوم سلاحه وهي عاجزةٌ -بإرادتها- عن القتال؟
فإن كان القانون بالنسبة للسلطة الفلسطينية يعني "أن نقاتل أبناء الوطن"، فالقانون بالنسبة لأبناء مخيم جنين المقاومين يعني "أن نمتشق سلاحنا في وجه العدوّ الغاصب"، فحُماة الوطن هم من امتشقوا أسلحتهم في وجه أعداء فلسطين، وحماة الاحتلال هم من امتشقوا أسلحتهم في وجه أبناء البلاد وحماتها!
عاشَ مخيّم جنين بكفاحه الأسطوريّ، وعاشت المقاومة المستمرّة حتى دحر العدوّ، فمخيّم جنين، بشيوخه وشبابه ونسائه وأطفاله يعلن التفافه حول الكتيبة، ويجدّد العهد بدعمها عند كلّ فرصةٍ تسمح له بإقامة مسيرة داعمة، قبل أن تقمعها السلطة، فيصير المواطن الفلسطينيّ بين نارَين، بين بَطش المحتلّ وسياطِ السّلطة!
*وكالة القدس للأنباء