سمية قاسم*
في غزة، لم يعد القصف والروبوتات المفخخة وحدها تفتك بحياة الفلسطينيين، بل افترس الجوع أمعاء الناس كعدو إضافي يمارس القتل ببطء وقسوة، ومن لم يمت تحت الأنقاض أو برصاص الاحتلال، ينهش الجوع أحشاءه ويهدد بقاءه.
يسعى الاحتلال "الإسرائيلي" لإبادة الفلسطينيين عبر تجويعهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، فلم يكن يتخيل الفلسطينيون في القطاع المحاصر أن يأتي يومًا لا يجدون فيه قطعة خبز لإطعام أطفالهم، او أن يلجأوا إلى طحن أعلاف الحيوانات لصنع الدقيق لتوفير الطعام لأسرهم الجائعة.
ومع منع الاحتلال دخول شاحنات المساعدات وفي ظل الحصار الخانق الذي يفرضه على كامل القطاع، تتفاقم معاناة أهالي شمال قطاع غزة، وبات سكان القطاع يفتقرون المواد الغذائية والماء والأدوية.
في كل زاوية وكل حي داخل قطاع غزة المحاصر هناك قصصً حزينة لوجوه شاحبة جائعة رسم عليها الجوع خطوطًا من الحزن والتعب والمعاناة وأصبح الجوع سلاحًا فتاكًا يهدد مئات آلاف الغزاويين الذين يواجهون الموت الجماعي.
ويعاني أطفال غزة من سوء التغذية الحاد، حيث أصبح الجوع رفيقًا دائمًا لهم يصارعهم ويصارعونه يومًا بعد يوم.
دموع الأمهات تملأ وجوههن خوفًا على أطفالهن الجوعى وأمام صرخات أطفالهن الذين ينامون دون طعام يسد جوعهم، يقف الأباء عاجزين أمام عيون أطفالهم المغرورغة بالدموع والألم، أصبحوا عاجزين عن توفير أبسط الحقوق لأطفالهم وتوفير ما يسد جوعهم.
تقول إحدى الأمهات والدموع تملأ عينيها "أجمع أطفالي بين ذراعي وقلبي يتحطم عليهم لأنني لا أملك ما يسد جوعهم، فأنا لا أستطيع النوم وأطفالي ينامون جوعا"، تلك الكلمات تصف قليلاً من معاناة أهالي غزة الذين يعيشون واقعًا قاسٍيا بسبب جرائم الاحتلال.
المنظمات الانسانية لم تتمكن من تسيير سوى القليل من القوافل الى الشمال والتي تتعرض إلى عمليات سلب وسرقة من قبل عصابات الاحتلال التي تستولي على الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية.
وتشير التقارير الدولية أن جميع أهالي شمال قطاع غزة يواجهون أزمة جوع حادة وكارثية حيث أن نحو 96% من سكان غزة يعانون من انعدام حاد للأمن الغذائي، وتحتاج غزة إلى دخول ما لا يقل عن 300 شاحنة يوميًا لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية، ولكن بسبب الحصار وسياسة الاحتلال العنصرية لم يدخل الا القليل منها.
ورغم كل المعاناة يبقى الأمل موجودًا في قلوب أهالي غزة وإصرارهم على البقاء في وجه الاحتلال... وبين ألآلام والجوع والظلم يجسد أهالي غزة قوة التحدي والإرادة والصمود، ويبقى الأمل يضيء القلوب المتعبة وفي وجه هذا العالم المتخاذل.
*وكالة القدس للأنباء