قائمة الموقع

عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة .. عام دراسي جديد مثقل بالتحديات

2024-12-08T00:44:00+02:00
وكالة القدس للأنباء – مصطفى علي

وسط حذر شديد جراء تداعيات العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، انطلق العام الدراسي 2024-2025 لطلاب "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا" في لبنان يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر. ورغم الظروف الأمنية الاستثنائية، تبنت الوكالة التعليم عن بعد، وبدأته بـ"مرحلة الاستعداد"، التي تهدف إلى بناء الروابط الاجتماعية وتعزيز العافية النفسية للطلاب، حسبما أوضحت في بيان سابق لها، ومع ذلك، فإن هذا النموذج التعليمي يواجه تحديات كبيرة أظهرها الأهالي والطلاب خلال الأسابيع الأولى.

وفي سياق متصل أعلنت الوكالة أنها ستفتح مدرستي حيفا والجليل يوم الأثنين 8/12/2024 وذلك بعد موافقة أمنية من قبل الدولة اللبنانية في إشارة منها عن بدء العام الدراسي الحضوري للطلاب بعد أن استثنتهما إدارة الأونروا سابقًا وذلك لدواعٍ أمنية واقتصر التعليم عن بعد.

لاقى هذا الخبر استحسانًا لدى الأهالي الذين عانوا كثيراً من التعلم عن بعد وذلك بسبب الصعوبات الجمة التي واجهوها من إنقطاع للكهرباء وشبكات الانترنت .

وفي هذا السياق، جالت "وكالة القدس للأنباء" في شوارع وأزقة مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة في العاصمة اللبنانية بيروت وذلك للوقوف على معاناة أهالي الطلاب الذين عاشوا هول وويلات القصف الصهيوني الغادر على الضاحية الجنوبية  .

أم عمر شحادة، وهي أم لإبنتين، تصف الصعوبات التي تواجهها وتقول: "أنا أم ومربية منزل وامرأة عاملة. لدي ابنتان، الكبرى في الصف الرابع والصغرى الثاني ابتدائي، وكلتاهما تتلقيان الدروس عن بعد، أما من ناحية إيجابية، الأطفال في أمان في المنزل في ظل الظروف المتأزمة، لكن هناك العديد من العقبات".

وتضيف شحادة: "أكون في عملي خلال وقت الدراسة، وعند عودتي يجب أن أؤدي أعمال المنزل، مما يجعل متابعة الدروس صعبة، بالإضافة إلى ذلك، الهاتف الذي أملكه من الطراز القديم لا يدعم تطبيقات التعليم، وابنتي الصغرى تعاني من فرط الحركة، فلا تستطيع ضبط نفسها أو التركيز عبر الهاتف. بالنسبة لها، الهاتف يعني الألعاب وأفلام الكرتون".

وعن مشاكل شبكة الإنترنت أشارت شحادة: "نحن الآن في فصل الشتاء، ونعاني من ضعف شديد في الإنترنت، وليس لدينا الإمكانيات لتوفير المتطلبات الكافية للدراسة عن بعد".

أما أم فؤاد الحسون، فتقول: "نحن الآن في مرحلة الأنشطة، ولم ندخل بعد في مرحلة الدراسة الجدية، لكنني أواجه مشكلة كبيرة، ولدي أكثر من طفل في المدرسة، ولا أملك سوى هاتف واحد، هنا تكمن الصعوبة في كيفية تقسيم الوقت بينهم".

وتضيف أم فؤاد: "هناك مشكلة أخرى تتمثل في أن طفلتي الصغيرة في الصف الأول تحتاج إلى تأسيس في القراءة والكتابة. هذا يتطلب أن تكون داخل الصف لتتمكن من التركيز بشكل جيد".

أما أبو محمد بدوي فيوضح رؤيته للصعوبات التي يواجهها ويقول: "هناك العديد من العقبات مع التعليم عن بعد، أبرزها عدم الجدية في الدراسة، فالطالب لا يأخذ الدروس على محمل الجد، ولا يمكن إيصال المعلومات إليه بنفس كفاءة المعلم داخل الصف، الذي يمتلك خبرة أوسع وأشمل".

ويضيف: "من الصعب ضبط الطالب للجلوس والتركيز على الدراسة، خصوصًا في الصفوف الأولى. الأطفال يتململون بسرعة، ولا يدركون أهمية المتابعة الجدية. التعلم ضمن مجموعات وزملاء الصف يساعد الطفل على الفهم، وهذا مفقود تمامًا في التعلم عن بعد".

تقول الطالبة رنا مصلح: "الدراسة عن بعد جيدة نوعاً ما، لأنني أستطيع مشاهدة الفيديوهات التي ترسلها المعلمة أكثر من مرة حتى أفهمها. لكنني أواجه بعض الصعوبات أحيانًا عندما لا أستطيع فهم أمور معينة بمفردي".

وتضيف مصلح: "لدي أخت في الصف الثاني، وتواجه أمي صعوبات معها أيضًا. المعلمة تجري اتصالات جماعية مع الطالبات، لكن هناك الكثير من الضجة؛ الجميع يتحدث في الوقت نفسه، فلا نستطيع فهم ما تقوله المعلمة".

وتتابع توضيحها لمسألة التعليم عن بعد كما تراها: "أمي تعيد تشغيل الفيديوهات عدة مرات حتى تستطيع شرحها لأختي. وأحيانًا تقطع الكهرباء أو الإنترنت عندما يكون هناك وقت محدد لإرسال المهام المطلوبة، مما يجعل الالتزام صعباً".

أما الطالبة مها عبد اللطيف، فتتحدث عن تجربة مزعجة وتقول: "الدراسة أونلاين بالنسبة لي مزعجة للغاية، فالفيديوهات كثيرة والدرس الواحد يتطلب مشاهدة عدة مقاطع. أحياناً لا يسمح الإنترنت بتحميل جميع الفيديوهات".

وتتابع حول الصعوبات: "الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشة يسبب لي آلامًا في رقبتي، كما أنني لا أشعر بجو الدراسة أبدًا. التعليم عن بعد يفتقر إلى الأجواء التي تجعلنا نركز ونشعر بأننا في صف دراسي".

وفي بيان رسمي، أوضحت "الأونروا" أن "مرحلة الاستعداد"، التي تستمر أسبوعين، تهدف إلى تعزيز الروابط بين الطلاب ومعلميهم وأقرانهم، مع التركيز على دعم العافية الاجتماعية والعاطفية للطلاب.

وتضمنت هذه المرحلة أنشطة مصممة لمساعدة الطلاب على تطوير مهارات مثل الوعي الذاتي، التعامل مع الضغوط، والتعاون ضمن المجموعات.

وأشارت الوكالة إلى أن هذه الأنشطة تُنفذ يومياً لمدة ساعة، على مدار أربعة أيام في الأسبوع، لتشجيع مشاركة الطلاب. كما يتابع المعلمون مع الأهالي لدعم التزام الأطفال بهذه المرحلة.

وبين تحديات الإنترنت، ضيق الوقت، والحاجة إلى تأسيس تعليمي قوي للأطفال، يبقى التعليم عن بعد ضرورة فرضتها الظروف الاستثنائية، حسبما تؤكد الوقائع، ورغم المبادرات التي أطلقتها "أونروا" لتخفيف الأعباء النفسية والاجتماعية، تبقى أصوات الأمهات والطلاب تذكيراً صارخاً بأن التعليم هو أكثر من مجرد محتوى أكاديمي، بل تجربة تتطلب بيئة متكاملة لتحقيق النجاح، وهو ما حرم منه الطلاب الفلسطينيون في لبنان جراء العدوان "الإسرائيلي" المتواصل.

وفي بيان لها أكدت "الأونروا" على انتهاء مرحلة التعلم عن بعد اليوم السبت وأنها ستفتح مدارسها في بيروت وضاحيتها الجنوبية ابتداء  من يوم الإثنين القادم ما لاقى انفراجا في صفوف الأهالي، الذين عبروا عن فرحتهم بسبب ما عانوه من آلية التعلم عن بعد.

اخبار ذات صلة